"عيد الكرامة والفدا يا عيد هلت على وطني بفجر جديد", لن يشرق فجرها من جديد ولن يمنحها القدر فرصة الغناء مجددا عن "عيد الكرامة "و هي التي كانت تستعد لتمييز إحتفالات خمسينية الإستقلال بالجزائر بخصوصية أرادتها أقوى و أعلى و أرسخ من عيد الكرامة التي تلهب الحماس في أغلب الجزائريين و يتخذها الكثير من الشباب شعلة لتسخين حماسهم و شحذ هممهم في المناسبات الوطنية و الرياضية خاصة . لن تغني وردة جديدا بعد اليوم و لن تتغنى بالوطن و لن يجد كبار الملحنين العرب صوتا ذهبيا يرتكزون عليه في اختيار أروع ألحانهم , فقد غيب الموت فتوكي وردة صاحبة رائعة " عدنا إليك يا جزائرنا الحبيبة " , نعم تعود وردة إلى أرض الوطن مغادرة أرض الكنانة التي أحبتها و عاشت بها أحلى أيام عمرها , لكنها تعود لأرض أحبتها أكثر , أرض تسري مع الدم في عروقها ككل الجزائريين ,, أليست وردة عاشقة للجزائر حتى أضحى العشق متبادلا فأحبتها الجزائر أيضا و ها هي تضمها ضم الحبيب لكن للأبد و هو دليل على أن هذه الأرض كأهلها تعتبر وردة هي الجزائر كما يقال في لبنان فيروز هي لبنان , أعتقد أنه لا يوجد في الجزائر إن لم أقل في الوطن العربي بيت لم يدخله الحزن لفراق عملاقة الطرب العربي التي كثيرا ما استأنس عشاقها بصوتها و هم يرددون " بتونس بيك" التي فتنت آلاف المستمعين الذين فقدوا بين يوم و ليلة صاحبة رائعة " في يوم و ليلة " و رغم أنها باريسية أو فرنسية المولد و لبنانية المنشأ و مصرية الإقامة إلا أن الجزائر كانت تحتل مكانة كبرى في قلبها فهي تحزن لحزنها و تفرح لفرحها , و ليس أدل على ذلك من الإستعداد الكبير و الحركية الأكبر التي كانت تعيشها تمهيدا لإطلاق فوانيسها الغنائية الجديدة التي كانت ستتلألأ في فضاءات الاحتفالات بالذكرى الخمسين لعيدي الإستقلال و الشباب , و هي التي كانت قامة باسقة و شمعة تضفي أنوارا مميزة على كل الإحتفالات الوطنية التي لم تتخلف عنها يوما و تحتل بقعا و أمكنة مميزة في قلوب كل الجزائريين ,, فقد حدثنا سفير الجزائر بمصر في أوائل سبعينيات القرن الماضي الشيخ " إبراهيم مزهود " حدثنا بمدينة الحمامات بولاية تبسة ؛ سنة 1999 أن رئيس الجمهورية " عبد العزيز بوتفليقة " و هو وزير للخارجية آنذاك كان يوصيه خيرا بالجزائريين المقيمين بمصر و يخص بالتوصية المرحومة "وردةالجزائرية",,, و هكذا تفقد الجزائر بوفاة أميرة الطرب العربي واحدة من عمالقة الوطن و ما أكثرهم و ما أشد نكبة فراقهم لكن العزاء أن مسيرتها مدونة في الذاكرة و الفخر بها قد يخفف من مصيبة موتها التي استقبلها الجزائريون بحزن عميق و هم يرددون " إنا لله و إنا إليه راجعون".