مساء الثلاثاء 13 مارس 2012 كان للشاعرة العراقية المغتربة وفاء عبد الرزاق لقاء مع جمهور استثنائي، يتعلق الأمر بطلبة المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير، التابعة لجامعة ابن زهر بأكادير المغربية، حيث صدحت بالنبطي والفصيح لتتغنى بالسلام والحب ونبذ الكراهية والعنف في شتى صوره. سفيرة السلام، حلّقت في سماء كشوفات استعارية مدهشة بقصائد ندية مائية نورانية تغمرك بالجلال وشلال ضوء قادم من الأزمنة السحيقة لطفولة الشعر وتحولات الكائنات في حنُوٍّ متفرد وهيام صامت. ولأول مرة، قدمت الشاعرة نصوصها الباذخة مقرونة بصور فوتوغرافية تركت في نفسها شعورا إنسانيا غارقا في تكثيف النبوءات. قصيدة وصورة في تكامل رائع، يملأ على المتلقي بصره وبصيرته وحواسه كلها؛ لأنهما صادران عن نفس كريمة "سخية في العاطفة والعطف. مخلصة في ما ترى وتتحسس وتُحسّ"، على حد تعبير الشاعر العراقي العملاق سعدي يوسف. ما أسعد القصيدة حين تصدح، بكل اللغات! تُرجمتْ بعض أعمال الشاعرة إلى اللغة الانجليزية والفارسية والفرنسية والإسبانية والايطالية والتركية والكردية. وكان للمغاربة حظ وفير من تلك الترجمات. ومرة أخرى تعبِّر جامعة ابن زهر عن استمرار هذا اللقاء الثقافي التواصلي بين المشرق والمغرب، بترجمة قصيدة "غواية الجباه"، التي اضطلعت بها باقتدار وإبداع الشاعرة خديجة الشقيرني، حين صدحت بلسان ثيربانثيس، مقتسمة مع الشاعرة وجع الخوف ورهبة الكتابة: اقتسمتُ أيَّامي بين وجعَينِ. بين الخوفِ المستبدِ ورهْبةِ الماءِ من المحبرة. بحضور لفيف من الشعراء والشاعرات والمناضلات والمقاولات والناقدات، كان للقاء طعم خاص، يظل وساما يوشح جيد الشاعرة وفاء، وهو وسام حب ينضاف إلى الأوسمة التي حصلت عليها عن جدارة واستحقاق، كوسام الوفاء ووسام الفضائل الإنسانية، ووسام سفيرة السلام لسنة 2012. وجدير بالذكر أن الشاعرة وفاء دلَّلت جمهورها الأكاديري بقراءة قصائد من ديوانيها الأخيرين: أدخل جسدي..أدخلُكم، 2012. مدخل إلى الضوء، 2012. وبهما دخلت جسد متلقيها، عبر مداخل إلى الضوء كامنة في كل منا، لكننا جميعا اندهشنا من إعادة اكتشافها، كما لو لأول مرة. كان الكشف صوفيا زاحفا من الأزمنة السحيقة لطفولة الشعر وتحولات الكائنات في حنُوٍّ متفرد وهيام صامت وتوحّد مهيب، على حد تعبيرها في قصيدة: "إصغاء": أصغيتُ إلى فراشات ٍ على كتفِ غصن خمائلُ تَحفّ بوردها تردّدَ وردٌ أثلجه العشقُ تردّدتْ فراشاتٌ بهيامها الصامت تردّدَ رحيقٌ كينبوع ٍ ظمآن تردّدتُ أن أسألَ كيف يتكتّف المتردّدون إجلالا ً لك . أصغيتُ لنهر ضوء ٍ يبادل الكائنات تحولاتها ويختصُّ بفرادتهِ كما لو دينُه ضوءٌ وشريعتُه ماء.