ألقى برأسه الصغيرة حول رقبة أمة التى زحفت مبتعدة قليلا، اخترقت عينا الرجل- ذى الشارب الكثيف- خصرها الذى يظهر من خلال الجبة السوداء، انزلق الطفل من فوق كتف أمة، فضمته إلى صدرها. اقترب الرجل منها، رفس الطفل الصغير بقدميه الطريتين الهواء، مط رقبته وأدارها ناحية الرجل، عاد ينظر إلى الكتل البشرية المصطفة فى أشكال أنصاف دوائر حول السائحين، دفن رأسه فى صدر أمه وانفلت مائلا إلى الوراء، الأطفال يصيحون وهم يلوكون الحلوى، يتقاطر من أفواههم سائل ملون على صدورهم ويضحكون، صفحة النهر مغطاه بلون السماء، أخرجت أمة قطعة حلوى من صدرها، دستها فى إحدى يديه المطبقتين فترنح وازداد التصاق الرجل بأمه، ألقى بقطعة الحلوى فى تيار الماء المنسرب تحت المعدية للخلف. زحفت أمه مبتعدة ولملمت أطراف طرحتها السوداء التى جلس عليها الرجل، مال الرجل عليها حتى كاد أن يلامس خدها الأيسر، ضغط الطفل الصغير بمؤخرته فهبط من بين ساقيها، شهقت والتقطته قبل أن يسقط، صرخ فاحتضنته بقوه، اقتربت المعدية من شاطئ النهر الممتد، طوقها الرجل بذراعه، تقاطرت دموع الطفل ثم انتفض، لم تستطع أمه السيطرة عليه، أشاح بيديه ورفس بقدميه، ابتلت ملابسه باللون الأصفر، انبعثت منه رائحة كريهة، هب الرجل- ذو الشارب الكثيف-متقهقرا مندفعا بعيدا. تسامقت أعمدة معبد الأقصر فى سماء الشاطئ الشرقى للنهر، انتصب الطفل الصغير واقفا بين يدى أمه ثم ضحك ضحكة كبيرة.