حاولت الحديث إليها وهي تمر أمامي كغصن يتلألأ و يرقص لنسيم الصباح العاطر ،وينشد لزقزقة العصافير المتوالية ،تمر كشهاب بارق لا يترك في عيني سوى ومضات ،أحاكي نفسي بلقياها وأجعلها تسف الأمل وتتشوق إلى البحث عن أجوبة افتراضية قد يكون مصدرها صاحبة العنين العسليتين والشفتين الغائرتين ، فأسرع مهرولا نحو غرفة متناسية ثم أجلس إلى مكتبي أحاول أن أستمد أجوبة غرامية من بنات أفكاري ،فيعجز القلم أن يعكس ذلك ، أهدأ من جديد لتراودني فكرة البحث في رفوف مصفوفة من حولي ،فتستقر عيناي على خانة الأدب الرومانسي أتتصفحها كتابا فكتابا ، آخذ سطرا لنازك وسطرا للسياب وبيتا للشابي ، أحفظها عن ظهر قلب ، أحس الآن أني مستعد للقياها، فأنفض غبار الخجل والحشمة وأتلبس قماش نزق بارع. فأحاول تحديد زمان اللقاء ومكانه فأتجه صوب شرفة تطل على غابة نخيل تصافح الشمس عند غروبها كل مساء. يوم السبت آخر أيام الأسبوع ظننتها ستأتي، فاليوم عطلة سأكون في انتظارها ،حرارة الشمس بدأت تهدأ وحبات المطر تنزل في سيمفونية لم تكتمل بعد لأن ذات الخد الجميل لم تأت فأحسست بجرعة حب فارغة تذوب في أحشائي صعدت الشرفة فرأيت طيفها آتيا من بعيد كلما اقترب مني وجدت نفسي تتهادى وتهمس لي بالعودة وكأن عزيمتي قد خرت مستسلمة ، نظرت مرة أخرى بين النخيل فوجدت طيفها يقترب رويدا رويدا فأحسست بنشوة اهتز لها كياني، عاودت النظر من جديد فتحول طيف المرأة إلى شبح رجل مخيف يتقدمه قطيع غنم، ثم توقفت هنيهة لأتنفس الصعداء حيث أخذت أردد ما بقي عالقا في ذهني من عبارات عاطفية عساها ترش علي بعضا من رذاذها لأستفيق من سبات حب في حلم يقظة فمشيت في دبيب أنفث سيجارة غير مبال بصوت كلاب يعلو من خلفي وأنا أبحث في خيالي عن فكرة اللقاء لتكن حبكة قصة جديدة.