اجتمع كبار المنجمين والسحرة والفقهاء في مؤتمر نُظّم لإخراج أحد كبار الشياطين المَردَة من قُمقُم قديم من ذهب، اكتُشف في أحد الكهوف حديثا. ولكن لم يستطيعوا أن يجدوا خطة لإخراج هذا المارد، والاستفادة من هذا الذهب. قال كبير المنجمين: لَم نستطع إخراج جِنّي ونحن عصبة من خيرة خِريجي مدارس التنجيم والسحر والفقه في العالم.. وقد أَخْرجْنا من قبله جنّيَيْن من قُمقُمين، الأول من نحاس والثاني من فضة.. قاطعه كبير السحرة: ولكن الأمر مختلف يا زميلي كبير المنجمين، فالجنيّ الأول كان يسكن قمقما من نحاس، ولم يكن من الجِنَّةِ الخطيرين، وكان عربيا مُسلما، يؤمن بالله وباليوم الآخر.. وكان أهونَ من هذا الماردِ الكافر، بالإضافة إلى قِصر مُكوثِه في قُمقمه، ممّا سهّل علينا إخراجَه. وردَّ عليه كبيرُ المنجمين: ولكنّ الجِنيَّ الثاني كان أصعب من الأول، وكان يسكن قٌمقما من فضة، وكان أدهَى مكرا وأفضلَ حيلة، وأطول مُكوثا من الأول في قُمقمه.. ونطق كبير الفقهاء: نحن نُضيع وقتنا.. يجب أن نفعل شيئا، فالوقت يَمُر، ونحن مطالبون من المُجمع الدولي بإخراجه قبل نهاية العام. حار الجميع وجلسوا يفكرون. قال كبير السحرة: نَحُكه بالحديد، وقد قيل "لا يفُلُّ الحديدَ إلا الحديد؟؟ قال كبير المُنجّمين: كل واحد منّا يستعمل خبرته، وخبرة غيره من أبناء جلدته. فأمسك كبير المنجمين بمجمر كبير، وقرأ عليه تعاويذه، وبدأ يحرك رأسه، ويَتْفَلُ يَمنةً ويَسرةً حتى سقط مَغشيا عليه، ولكنّ الماردَ لم يتحرك ولم يخرج. وقام كبير السحرة، وجاء بعظام قديمة، وجعلها في مهراس كبير، ودقها حتى صارت كالغبار، ثم وضعها في أوراق مكتوبة بحبر هِنديٍّ، ودسها في لفافة من نحاس، وعلقها على يد القمقم، ووضعه فوق النار، وأخذ يدور.. ويدور حتى داخ وسقط أرضا.. وفي هذه الأثناء سمع صوت ضحكات عالية صادرة من القمقم.. وتقدم كبير الفقهاء وقال: اسمحوا لي أن أجرب حظي مع هذا الشيطان الماكر. وجاء بدم فأر صغير، وذيل ذبابة، ولسان سلحفاة، وريشٍ من رأس هدهد.. ووضع الجميع فوق المجمر الكبير، وقام ليلة وهو يدور على القمقم، ويهتف ويصيح صيحات مخيفة حتى لاح الفجر صافيا، وسقط من العياء والتعب، ولم تخرج من القمقم إلا ضحكات عالية. وقال رئيس المؤتمر: لم ينفع شيء مع هذا الشيطان المارد.. ما رأيكم في أن نشده إلى حديدة ثقيلة ونلقيه في البحر؟؟ نظر المؤتمرون بعضهم إلى بعض، ولكن نصفهم لم يوافق على هذا الرأي، وقالوا: نخرجه أولا، ثم نُقيّده بسلاسل حتى يرى الشعب هذا المخلوق، ويتلهى به الأطفال، ثم نعلقه في الساحة الكبيرة، لكي يتم رجمه. ولما سمع المارد بأنهم سيقدمونه للأطفال لكي يلعبوا به، وانه سيتعرض للرجم، خرج صائعا ذليلا تائبا، ولكن بعد فوات الأوان..