قل: ما أجملك في النساء يا أميرة على بنات حواء لا، بل ملكة على عرش فوق الماء ماء الخصب والنماء ملكةً بذْرةً تنمو في خفاء لتنشر براعما وأغصانا وتظلل الوجوه في الفيحاء. سأقول: أحببتك مذ كنت صبية بظفائر عليها حِنّاء أحببت رجولتك التي ليس لها مثيل في الرقة والعذوبة والصفاء أنت رجلي، قرأتُ عنك في الكتب الصفراء وأشعار الفحول عنترة ومجنون ليلى والخيام أنت رجلي يأسرني حتى الهيام فقد عشقتك منذ الأزل وحين بدأ الخلق والفتق والأمل عشقتك حتى لا أنام و العشق ومضة سعادة وأحلام أحلام اليقظة حتى ملأت عليَّ الكوْنَ فأنتَ فيه كلُّ الأنام. قل: اكتبيني سأقول: دونتك على دفاتري وكتبتك حروف هجاء من الألف إلى الياء تكبر كلمات وتعظم في عيني جملا وعبارات. قل: اكتبيني سأقول: كتبتك اسما وفعلا ورفعتك بالضَّمَّة إلى أعلى الدرجات وجعلت لك في النفس رُتبا ومكانات. قل: اكتبيني سأقول: كتبتك بذرة الخلد، قطعة خبز بين أكف الصبيان والصبيات يشدون عليها حتى تندى وتعرق بين الأصابع ثم يتذوقونها ملء الأفواء قطمة حلوة يلوكونها تتبلل بِريق البراءة فتذوب لقمة ويعاودون الكرة مرة ومرة مَبْسَمُهم فرحة وغناء ومداعبة الرفاق أفواههم مفتوحة لتلقي قبلة الأم منظر الخلق من عدم. قل: اكتبيني سأقول: كتبت اسمك زخات رششتها عطرا على خدود الزهر وندى متلألئا حباتِ ماسٍ على عروش مثقلاتٍ بنَوْرِ اللوز، والجوز والليمون وحُبِّ الفوز بأحلى العيون، عيون المها بتعابير لم يفك لغزها غيرُكْ ولم يقطف كُمَثْرَها غيرك ولم يشمَّ شذاها غيرك أنت رجلي. قل: اكتبيني سأقول: حصرت بك أيامي من الانفلات وسيِّجْتُ بك قلبي حتى تهدأ الدقات ومسحت بك عرقي ونزقي وشرودي كتبتكَ عِقداً فريدا وضعته على عنقي وعهدا جديدا يسجل الموثق عليه حَقَّ مِلكِيَتِكَ لي في الحياة وما بعد الحياة. قل: اكتبيني سأقول: نشرتك خبرا يستعذبه القراء مقدمة لكل نخوة وكبرياء وفي العرض حللتك فكرة، وفي الختم جعلتك آية وعبرة لكل من ستُحِبُّ مثلي رجُلِي طويت بك صفحة همي، وقسوة الدنيا وكل ألمي وضعتك وردة حمراء في شعري تنادي وتهتف: أنا الزينة أنا الجمال بين السهول والصحارى والتلال. قل: اكتبيني سأقول: كتبتك سلاسل نُظمت من عرق الحصادين في أغسطس وحُلمِهِمْ ببداية المواسم في تشرين ومن تعب الأمهات حين يهذي طفلهم ويزداد الأنين ومن إحساس الزوجة بهجر بعلها للحنان والحنين ومن تطلع العانس لغد يأتي بفارس يأخذها إلى حُصيْن من تعب الصغار في التحصيل وأملهم في مستقبل بالاجتهاد رهين تسقي هذا، وتربِّتُ على كتف تلك، وتعد الثالثة بأن القدر كفيل وتُشَجِّعُ وترجِّع أغنية الأمل. قل : اكتبيني سأقول: كتبتك من فرحة الفلاحين ببداية عام جميل حين يكفرون البذر في البساتين، ويطيلون النظر إلى غمام الخصوبة، فتزيح البراعم غطاء الأرض وتخرج من تراب وعليها تراب وطين تتمايل، تتفاءل بخيوط الشمس التي تغدق بغير حساب، هِبَاتٍ تُقوِّي وَتِدَ السيقان في ثبات. قل: اكتبيني سأقول: كتبتك خُضْرَةً نَضِرَةً تُكحِّلُ العيون وردة زهرة بالعطر بخورا للكون كتبتك لملايين السنين، باقيا في ذاكرة الزمان رجلا لا يُهين ولا يُهان رجلا يرفع الضيم ويُنْبِتُ مكانه أفنانْ غازيا تؤرخه العهود من بني عدنان فروسية سيف ابن ذي يزن وابن حزم وابن عربي والتوحيدي أبي حيان حين نادوا بأن الفكر في انبلاج وبأن الرجولة العربية كانت على الرؤوس تاجْ ترعرعت وتبرجت وأسدلت أغصانا على الناسِ في المشرق والمغرب وأندلس الفردوس.