سيدي المحترم.. منذ قرأت أحرفك لأول مرة قبل سنوات.. حين كنت في الثانية عشر من عمري.. وأنا أريد أن أراسلكَ.. وأحادثكَ.. نعم أحادثكَ..فكمية الحديث التي كنت أخزنها لأجلكَ- كل يوم في دفاتري وأوراقي وكتبي - كبيرة.. وكمية الحديث الذي لم يستطع أن يداعب أوراقي أكبر.. فليس كل ما نريد أن نقوله.. نستطيع أن نقوله.. عزيزي نزار.. لأنك شاعر المرأة.. وهذا لا يعني أن لا شاعر غيرك تحدث عن المرأة.. لكنكَ أنت وحدكَ من جعلها صاحبة السمو في كل قصائدكَ وخواطركَ وأحرفكَ.. كتبتَ عن حبها.. عن خيانتها.. عن اكتناز الخوخ ونضج الكرز.. وغصتَ في أعماق التفاصيل الدقيقة في حياة الأنثى.. لكن مهلا عزيزي نزار.. دعني أسألكَ.. ما بالي أرى المرأة في عيون الرجال قصرا باطنه خواء وظاهره ذهب؟؟ ما بالي أرى الكل منساقا -حتى أنتَ- نحو القبلية في التفكير..والشهريارية في التقدير..؟ صديقي ذاك الذي حدثتكَ عنه سابقا.. ذاكَ الذي كنت أخبركَ بأن لا رجل مثله... وأن النقاء عنوان قلبه...وأن نظرته إلي حبلى بالاحترام... اكتشفت مؤخرا أنه مثل كل الرجال.. فكم قناعا لبس لأجل خداعي بأنه "طفل" لم يكبر بعد..وكم مسرحية أخرجها لجعلي أصدق أن البراءة التي تتسم على محيا وجهه الجميل...ليست مجرد غطاء خارجي... بل انعكاس لشخصية تأصلت في الأعماق...وتجذرت في الوجدان.. دعني أعترف.. كان ممثلا بارعا يا صديقي نزار... وأجاد التمثيل... ولو كان لي في الأوسكار ناقة أو جمل... لما توانيتُ لحظة واحدة عن التدخل لأجل منح جائزة أفضل ممثل أولي له... أقنعني بأن "التعميم في حق الرجال ظلم كبير"... فقد كان يناقشني في تفاصيلي الصغيرة.. تفاصيلي التي كان الجميع يسخر منها.. حتى أنا صاحبتها... كنتُ أحيانا أسخر منها .. وأقول.. يالي من مجنونة...! كان يستفز عقلي...يتحدى كبريائي...يباريني فيما أنا بارعة فيه... يحادثني في أمورِ لا أستطيع أن أناقشها إلا معه... السياسة والرياضة والتقنيات والشعر والحب... والأهم من كل هذا .. أنه كان صديقي.. شمسي التي تنير حين ألفي الدنيا ظلاما حالكا... حضني الذي أركض إليه حين ألقى كل الأبواب قد أقفلت في وجهي.. ملاكي الحارس... قدوتي وجنتي على هذه الأرض... لم أكن أشعر بضرورة الانتباه إن كنت أمامه أنثى أنيقة المظهر...رقيقة التصرفات... فقد كنت معه على سجيتي... أضحك حتى تبدو أسناني كلها... وأبكي حتى يتدفق المخاط من أنفي بالأنهار.. وأركض وألعب وأجري وأسقط وأقفز... وهو لا يتوقف عن قول..."انتبهي يا مجنونة"...! كان "تحفتي" الخاصة...ولكنني نسيت ربما أنه رجل قبل وبعد كل شيء.... وأن "ما لا للثعبان أمان "..... ذات يومِ أسود..أغراني الشيطان لآخذ هاتفه "على غفلة منه".... ذهبت مباشرة للرسائل.... لأرى إن كانت هناك منافسة لي على وقت "صديقي"... بضع رسائل... ابتسمت وأنا أقرأها... خرجت من علبة الوارد... وذهبتُ لجهة الصور... كالعادة صوري هي المسيطرة على المحتوى... ظهر لي مستند غريب.... طلب مني الكلمة السرية... جربت "اسمي".... ودخلتُ....وهنا كانت المفاجآة....