تنظم وزارة الثقافة معرض- قصائد ملونة- للفنانة اللبنانية مريم شحرور برواق محمد الفاسي بالرباط من 04 إلى 15 يناير 2011. وسيكون افتتاح المعرض يوم الثلاثاء 04 يناير على الساعة السادسة و النصف مساء.
قصائد ملونّة وهذا نص ل جوزف أبو رزقستاذ مادة الجماليات في معهد الفنون بالجامعة اللبنانية سابقا وفي الأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة حاليا حول أعمال الفنانة مريم شحرور
لا بُدّ للمتلقي الذي تستوقفه رسوم الفنانة مريم شحرور ، من أن يَستشف أعماق شخصية هذه الفنانة ويكتشفَ أبعاد موهبتها ومرام طموحاتها . مريم شحرور مؤمنة ليس بالفن كرسالة إنسانية وموّلد للغبطة الجمالية فحسب ، بلْ بالفنان الذي يحمل هذه الرسالة وينشرها ، ويدفع الناس طوعا إلى استيعابها والانتشاء بما تُوفره لهم من تواصلٍ وتعارفٍ واحتشاد في وحدة الوجود . من هنا ، إنها انصرفت عن مُتابعة دراسة الحقوق التي باشرت بها بعد أن أنهت دراساتها الثانوية ، لتلتحق بمعهد الفنون في الجامعة اللبنانية ، وتتركه بعد إنقضاء فترة وجيزة على إلتحاقها به ، وتنتقل الى إيران ، حيث بعد أن أمضت بضع سنوات في الأكاديمية الإيرانية للفنون الجميلة . غادرتها وعادت إلى لبنان ، لتنطوي على نفسها ، ولتختبر وقع الألوان وتناغمها وانسجامها مع الأشكال المتفاوتة التآليف ، ومع مُوحيات الواقع الطبيعي والإنساني ولتشتقّ مادة رسومها مما يجول في باطنها من إنفعالات ، وفي ذاكرتها من ذكريات ، وفي مُخيّلتها من رُؤى . وكان ان أقامت أول معرض لها في لبنان في العام 1982 في المجلس الثقافي للبنان الجنوبي . أن تكون فنانة يُمكنهّا الفن من أن تمسك بحقيقتها وتتّحد بها ، ذلك كان هاجسها ، وذلك ما كانت تؤمن بقدرته على إنتشالها من قلقها الوجودي الذي كان غيرها من أترابها يعمل على تهدئته بالتبهرج واللهو . لم تسرق مريم السبل السهلة لبلوغ هدفها لاقتناعها بمسؤوليتها ، ولحرصها على كرامتها . انها إبنة مجتمع له تقاليده ومعتقداته وتراثه الفني وثقافته ، ومن واجبها حتى ولو ابتغت أن تطور هذا المجتمع – أن تستلهم روحانيته وتفتح أمام هذه الروحانية آفاقا جديدة تتيح لهذا المجتمع دون أن يتنكر لنفسه ولهويته من أن يكتشف في ما ستقدمه له من قيم جديدة ، ما يمكنه من التطور تدريجيا ، إنطلاقا من ديناميته الذاتية . ومريم حين ترسم تُعبرّ عن مختلف الأحاسيس التي تضُجّ بها روحها عند مشاهدة منظر معين أو عند سماعها خبراً من الأخبار تضطرب له المشاعر ، أو عند إحساسها بما يُحزَن بسببه أو بما يُفرح له . هذه العوامل كلها التي تثير الخواطر في نفسها هي الأثر الأول الذي يحُركها وتهيء فيه إستعدادها الموروث والمكتسب لأن تكون مُصورّة ومُبْدعة . وذلك ما جعلها تعتمد الأسلوب التصويري الذي تسهل قراءته واستساغة معانيه . نوَعّت لغة تعبيرها ومصادر إستيحائها . عالجت في رسومها الأسلوب الفسيفسائي ، استلهمت الجوامع ، عالجت الخط العربي وأضافت على الأسلوب الكوفي نسقا جديداً، وأخرجت رسومها بما يوحي بهندسة الجامع وزخرفه ووقاره ، استوحت الوجوه على اختلافها فأبرزت براءة الطفولة وسحر عيون الفتيات ، وهُموم الشيوخ والعجزة ، ورجولة الكهول ، وهواجس الأمهات ، دون أن تمتنع عن إطلاق مُخيلتها في الأحداث المأساوية ، والمتشوفات الماورائية . كثيرة الأعمال التي تحمل تواقيع مريم شحرور ، وهي لا تقصّر عن الإفصاح بالكثير من المعاني التي وإن تلقاها المتذوقون جمالا لا تنفك تحملُ في طياتها حقائق إنسانية يجدرُ التوقف عندها وتبنيّها .