في عجلتي أُهيّء كل شيء حتى أبدو متناسقة وحتى لا تسقط عيناه على شيء في كُلّي تصرفه عني .. - هل تسمعين أيتها المرآة؟ أقول : في كُلّي .. أستأنف التحديق من خلف محفظة وضعتها قبالتي.كحمل وَجِل كنت أستخفي من خلف المحفظة،تسلل كُلُّها إلى كياني، بُهِتَتْ عيناي فرأيت قمرا ذاب له قلبي وغدا مشلولا .. كنت قد هيأت كل شيء،وتعمدت أن ألبس جلبابا أبيض وشالا أخضر يتدلى على نهدين كرمانتين،هو صوفيّ يقال إنه يحب ذلك، ويتحرك قلبه ويذوب لذلك .. وضعت يدي على قلبي،كانت نبضاته تصلني كقطرات الماء في صنبور متصدئ، سُحِرت .. خُلبت .. وقلت في سري: - وارباه.. !! لعلها هي، سبحانك !! دق الجرس،لم أشأ أن يخرج تعيسا – سيما وأنني قد أرضيت كبريائي منه – فَصَدّقته ابتسامة يتيمة لينعم ويستأنس بها للحظة. نظرت إلى الابتسامة كاد يتوقف قلبي لعذوبتها، جاءت إلى مكتبي تحمل ورقة الغياب،أمرتها أن تقدمها لي،أخذتها تصفحتها وتفحصتها، ثم رفعت بصري إليها لأسألها عن اسمها. صددت النظرة بإرخاء نظري إلى أسفل حافة المكتب ليزداد هو عذابا، ولأُرْبيَ غروري وكبريائي.. فليسقطْ وإن كان أستاذي.. رميته بنظرة أخرى لأصعقه بها .. فليسقطْ وإن كان أستاذي..حدجني بنظرة فيها وداعة وتوجس،قال: - اجلسي.ما اسمك؟ - رابعة. - رابعة ؟؟ أي نعم،رابعة !! وما الذي جعله يستغرب هذا الاسم ؟ عاد إلى الورقة،وضع فيها توقيعه شاردا، ثم طوى الملف الذي وُضعت فيه الورقة، ولما أخذته منصرفة إلى باب القسم بلعتُ ريقي، وتجمد الدم في عروقي، فاحتقن وجهي وأنا أقرأ في الورقة تحت التوقيع: - يآآآآه .. إنها تشبه رابعة حبيبتي يا ليتها كانت هي ..