آه.. تعبت من الركض.. منذ أن أطلقوا تلك الكلاب المجنونة خلفي وأنا على هذه الحال... أما من مخبأ ألتقط فيه أنفاسي؟؟.. أما من مكان آوي إليه بضع دقائق فقط لأرتاح؟؟.... إن نباحها المسعور يصيبني بالرعب فأسلم قدميّ للريح دون أن أفكر وكلما اخترقني التعب حملني الخوف على متنه قبل أن أمسي وجبة شهية لمن لا يرحم..كلما التفتت خلفي لأقيس المسافة بيني وبينها أصابني الجنون..قلبي يكاد يقفز من صدري ويعلن العصيان من كثرة ما انتفض... أفكر أن ألقي بنفسي إلي أنيابها لينتهي الأمر.. إن هي إلا ثوان وأرتاح نهائياً مما أنا فيه..لكني أجبن ثانية وأنا أتخيلها تنهشني قطعة قطعة.. ماذا لو لم أمت فوراً؟؟؟ ماذا لو مزقتني وأنا حي؟؟؟ لا... فلأستمر في الركض حتى النهاية...أخيراً لاح لي باب مفتوح.. لا أعرف إن كان هذا الباب باب بيت أم غيره.. لكن لا حل أمامي إلا القفز داخله وسد الباب لأفكر.. فقط أفكر في مخرج... بالفعل نجحت.. ألقيت بكل ثقل جسدي على الباب حتى أصد دفع الكلاب له ونباحها الذي ألهبه اليأس بعد أن كانت قاب قوسين أو أدني من وجبة شهية تسد جوعها الشرس.. أغلقت المزلاج جيداً ثم وضعت كل ما وجدته في الغرفة من صناديق وأثاث قديم وراء الباب .. جلست على مقعد مستكين في ركن الغرفة وعيني على ذلك اللوح الخشبي الذي يفصلني الموت أنتظر أن ينكسر في أي لحظة ويبدأ الهجوم الفعلي على ما تبقى من أنفاسي.. دون أن أشعر غلبني النعاس فقد كنت منهكاً للدرجة التي تغلب كل مشاعر الرعب التي افترستني عبر رحلة ركضي المهلكة.. استيقظت على صوت الكلاب ثانية وهي تدفع الباب بجنون.. بدأت الأشياء التي وضعتها وراء الباب ترتجف هي الأخرى.. انتفضت.. دارت عيناي في الغرفة تبحثان عن مخرج.. أخيراً وجدت طاقة مفتوحة في سقف الغرفة القريب... ثبت نظري عليها.. تعلق كل أمل لي في النجاة بها.. لكن. كيف أصل إليها.. كيف أخترقها.. درت بنظري مرة أخرى في الغرفة.. وجدت ما أريد بين تلك الأشياء التي كومتها خلف الباب.. سلماً خشبياً قديماً.. سحبته بهدوء ووضعته تحت الطاقة المفتوحة.. اختبرت ثباته ثم صعدت على درجاته ويداي متشبثتان به لكي لا تزل قدماي المرتعبتان.. بالكاد وصلت إلى حافة الطاقة.. مددت يدي وتمسكت بها وبدأت في الاعتماد على ما تبقى من قوة ذراعيّ للخروج منها.. فجأة.. وجدت يداً تمتد إليّ من الفتحة تساعدني على الخروج.. شعرت بقشعريرة تسري فيّ بمجرد ملامستها لكني لم أفكر.. أسلمتها يدي وجسدي معاً لتحملني إلى السطح.. نجحت أخيراً في الخروج من الطاقة.. رفعت رأسي لأرى من أخذ بيدي.. تسمرت في مكاني ..لم أستطع أن أنبس ببنت شفة.. مسوخ مخيفة تحلقت حولي .. شلت المفاجأة الجديدة عقلي عن التفكير.. كانت تحملق في بعيون نارية وتتوعدني أنيابها بما لم تفعله زميلاتها التي مازالت تعزف سيمفونية النباح المجنون بالأسفل.. أخيراً نطقت..: ماذا تريدون مني؟؟ امتدت يد أقربهم إلى فمه.. فتحه وأشار إلى لسانه الضخم.. هتفت: غير معقول؟؟؟؟؟؟؟ أتريدون لساني فقط.. لساني وتتركوني؟؟؟؟... هز رأسه بالإيجاب... ازداد نباح الكلاب الجائعة التي ارتفعت رؤوسها تتعجل سقوط جسدي ليسد رمقها بعد أن أرشدتهم رائحة رعبي إلى مكاني الجديد..نقلت بصري بسرعة بينها وبين الوحوش المتربصة بي...لم أفكر كثيراً...قفزت من السطح..