إن الجدل والنقاش والإقناع هما عمليات تشكل مفاصل لديناميكية العمليات الحوارية . وهي المحور الرئيسي والأساس في كل تلك الاتصالات والاجتماعات التي ترافق أنشطة وأعمال لجان التحاور . و تكمن أهميتها على الأقل من ناحية استحواذها للزمن الذي يفرد لها خلال فترات الحوار وصولاً إلى اتفاقات ونقاط مٌرضية لتسوية الخلافات والاختلافات في وجهات النظر بين جميع الإطراف . ان طبيعة الاختلافات ونوعها ، هما من يحدد الأدوار والوسائل التي يمكن من خلالها اختيار الآليات و المنهجية التي ستسير عليها العملية التحاور ، لأنها تمثل المعضلة المعقدة من وجهة نظر الأطراف المتخاصمة . ومن العيب والخطأ أن ينظر البعض إلى أن عملية الحوار ، نوع من أنواع التكتيكات لتساوم ، وهذا يعد جزء من الحقيقة ، وليس الحقيقة كلها . ولكنها تعد عملية مستقلة ، لابد لنا أن نلجأ لتحليل لهذا المفهوم من حيث الدراسات اللغوية و الاتصالية . • فالجدل أو الحوار هو في الأصل أنشطة شفهية تتطلب مضموناً جوهرياً ، معقداً نسبياً ، بمعنى انه شيء يستحق بذل الجهد والجدول حوله . الجدل أو الحوار كما قلنا أنه عملية تهدف إلى بعدين هامين هما : ( حل المشكلة و الإقناع ) . يلعب الحوار والجدل دوراً هاماً ، في إيجاد نوع من التفاهم المتبادل ، للأطراف المختلفة في وجهة النظر . ربما يوفر الحوار من الأجواء ما تساعد على إمكانية خلق رؤية مشتركة حول جوهر الاختلاف . وهذا لا يعني بالضرورة تطابق الرؤى ، أو إيجاد رؤية واحدة، أنما هذه العملية ستقودنا رحاب واسع من العصف الذهني الذي سيسهم في تنقية الأجواء. • أما الأمر الأخر فيتعلق بلغة الحوار - لعل الاتفاق على محددات أكثر وضحاً وأكثر مرونة ، لإيجاد للغة مشتركة وموحدة أو مصطلحات ورموز، يتم على أساسها الحوار . أن وضوح الهيكل الإدراكي يسهل عملية تبادل الاقتراحات ، وفي ظل غياب ذلك ، يسود التباطؤ في عملية الحوار . • أن خلق أجواء التفاهم المتبادل أو إزالة سوء الفهم الذي يقتضي من الإطراف جدل المطول في اغلب الحالات، وهنا لا ينبغي علينا المبالغة في أن نجعل من الدوافع النفسية والشخصية محور أساسي للنزاعات و الاختلافات . وهذه تعد من الأخطاء الشائعة والفادحة التي يقع فيها الأطراف أثناء الحوار، ولكن ما يغفل عن الأذهان أن الدوافع الأساسية يجب أن تكون فكرة عامة - كالمساواة أو العدالة أو المنفعة المشتركة . لا كما يضنها البعض على أنه منافع ومأرب شخصية . أو كما قد يراها البعض بأنها إجراءات تقيميه لإقامة وحدة سياسية أو انتقاديه، وما من حل لكسر حلقة سوء الفهم ، إلا أن نجعل من اقتراحات الأستاذ " رابو بورت " دليلا نهتدي به المسمى ب "جولة تبادل الأدوار" بمعنى أن يفترض الأطراف المختلف في الرأي، كلاً منهما مكان الأخر . أن يسأل نفسه كيف كنت سأتصرف إذا ما كنت في موقع الخصم !؟ . أن محاولات عرض الذات وشرح وجهة النظر، يقودنا إلى كسب تعاطف الطرف الأخر والعكس صحيح . أن محاولة إزالة الغموض في يطرح من المطالب وسوء الفهم ، يجعلنا نجتاز العوائق النفسية ويدفع بدرجة كبيرة إلى الفرص المتاحة إلى توصلنا إلى أتفاق منصفة ومحددة . وفي الحوارات والمفاوضات المعقدة قد يبادر أحد الأطراف إلى خلق المبدأ الذي سيتم على أساسة الاقتراب من موضوع الحوار وفي هذه الحالة تحسب له، وليس عليه ، وكونه المبادر الأكثر شجاعة . لذا.. يرى منظرو السياسة أن هناك مبدءا أساسية لنجاح أي عملية حوار ، أن يكون هناك راعي للعملية ، وان تتوفر الندية ، أن تحٌدد الثوابت ، ويمكن حينها أن نقول عملية الإقناع تمت بنجاح . ومن الممكن ولأضير أن يكون رئيس الجمهورية على سبيل هو الراعي والداعي لمثل هكذا حوار بشرط أن يصبح رئيساً لكل الأحزاب ، وليس رئيسا للطرف الخصم كما يتصوره البعض . على الأطراف الأخرى ينبغي عليها، أن تعي حجمها الحقيقي في الساحة و أن لا تصطاد في الماء العكر ، وأن تناور على المدى البعيد ، من أجل نيل استحقاقها بطرق السلمية والمشروعة . وأن تعيد ترتيب أوضاعها الداخلية بما يجعلها تخوض تنافس متكافئ في المرات القادمة ، فرب العزة قد بناء السموات والأرض في ستة أيام ..!