شرطة بني مكادة توقف مروج مخدرات بحوزته 308 أقراص مهلوسة وكوكايين    تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    مقتل تسعة أشخاص في حادث تحطّم طائرة جنوب البرازيل    المغرب يوجه رسالة حاسمة لأطرف ليبية موالية للعالم الآخر.. موقفنا صارم ضد المشاريع الإقليمية المشبوهة    حفيظ عبد الصادق: لاعبو الرجاء غاضبين بسبب سوء النتائج – فيديو-    دياز يساهم في تخطي الريال لإشبيلية    فرنسا تسحب التمور الجزائرية من أسواقها بسبب احتوائها على مواد كيميائية مسرطنة    المغرب يحقق قفزة نوعية في تصنيف جودة الطرق.. ويرتقي للمرتبة 16 عالميًا    وزارة الثقافة والتواصل والشباب تكشف عن حصيلة المعرض الدولي لكتاب الطفل    فاس.. تتويج الفيلم القصير "الأيام الرمادية" بالجائزة الكبرى لمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي    التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة بالكشف عن مَبالغُ الدعم المباشر لتفادي انتظاراتٍ تنتهي بخيْباتِ الأمل    الولايات المتحدة تعزز شراكتها العسكرية مع المغرب في صفقة بقيمة 170 مليون دولار!    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    وقفة أمام البرلمان تحذر من تغلغل الصهاينة في المنظومة الصحية وتطالب بإسقاط التطبيع    جثمان محمد الخلفي يوارى الثرى بالبيضاء    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    رسالة تهنئة من الملك محمد السادس إلى رئيس المجلس الرئاسي الليبي بمناسبة يوم الاستقلال: تأكيد على عمق العلاقات الأخوية بين المغرب وليبيا    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    ملتقى النحت والخزف في نسخة أولى بالدار البيضاء    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    اتهامات "بالتحرش باللاعبات".. صن داونز يعلن بدء التحقيق مع مدربه    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    تبييض الأموال في مشاريع عقارية جامدة يستنفر الهيئة الوطنية للمعلومات المالية    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    الأمن في طنجة يواجه خروقات الدراجات النارية بحملات صارمة    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النقل الديداكتي للمفاهيم السيميائية
الخطاطة السردية والنموذج العاملي مثالا
نشر في طنجة الأدبية يوم 09 - 12 - 2009


تقديم
تبلورت نظرية السيميائيات السردية(Sémiotique narrative) منذ كتاب مؤسسها الأول ألجرداس جوليان غريماص(A.J.Greimas)"الدلالة البنيوية"(1966)، حيث أرسى أولى قواعدها، لكن توالت النماذج السميائية بعد ذلك بدءا من: "في المعنى"(1970) وفي المعنىII(1982)، ثم المعجمين السميائيين اللذين أنجزهمابالاشتراك مع تلميذه جوزيف كورتيس (J. Courtés) وغيرها.
عرف هذا الاتجاه المعرفي بالمدرسة الفرنسية (مدرسة باريس السميائية)، أسست نموذجها النظري ابتداء على الخرافة والحكاية الشعبية، مستثمرة العمل الهام لفلاديمير بروب(V.Propp) في"مورفولوجية الخرافة"، ثم استدراكات ليفي ستروس (C.Levistraus) وغيرهما، لتنفتح المدرسة بعد ذلك على حقول معرفية أخرى، مثل سميائيات الأهواء مع جاك فونتاني(J.Fantanille)، ونظرية الكوارث مع روني طوم(R.Thome) وجون بيتيتو كوكوردا(J.P.Cocorda)، ومفهوم التشاكل(Isotopie) مع فرانسوا راسيتي ...(F.Rastier)
أغنت هذه الإبدالات النظرية السيميائية، وجعلت منها إطارا حاضنا لنصوص ذات أبعاد مختلفة اجتماعية وسياسية ودينية، حيث أصبح، افتراضا، على كل من يتبناها رؤية ومنهجا، أن يضع في حسبانه الأسس الإبستمولوجية لها.
يدفعنا هذا الافتراض إلى التحاور مع كتب اللغة العربية للسنة الثانية بكالوريا آداب وعلوم إنسانية ،لاختبار مدى تمثلها للنظرية السيميائية، في عنصرين هامين داخل المسار التوليدي(Parcours generatif)، يتعلق الأمر بالنموذج العاملي(Modèle actanciel) والخطاطة (الترسيمة) السردية(Schéma narratif)، باحثين في طبيعة النقل الديداكتي(Tansposition didactique) باعتباره أحد الإجراءات المساعدة على اقتطاع هاتين المادتين المعرفيتين من سياقاتها النظرية العامة المتعلقة أساسا بالسيميائيات السردية، ودورهما التربوي في القراءة المنهجية للنصوص، واضعين في أذهاننا المستوى الإدراكي للفئة المستهدفة(2بكا) وما تفرضه، ضرورة، من تبسيط محاولة للتوفيق بين الجهاز النظري، ومستويات الاستيعاب.
سنحاول ابتداء تأطير العنصرين معا (الخطاطة السردية والنموذج العاملي) في المسار التوليدي الغريماصي، ثم بعد ذلك سنعمل على اختبارهما في الكتب المدرسية ثانيا.
1- نسق اشتغال البنية العاملية في المسار التوليدي
قسم غريماص المسار التوليدي إلى بنيتين رئيستين: بنية سيميائية سردية (Structure sémio- narrative)، وبنية خطابية(Structure discursive)، فالبنية السميائية السردية تنقسم بدورها إلى بنيتين فرعيتين، بنية عميقة (Structure profonde) (المربع السميائيCarré sémiotique) أي البنية الأولية للدلالة، وبنية سردية سطحية، فالأولى مجردة بينما الثانية بين المحايثة والتجلي(بين بين)، أما البنية الخطابية فمتجلية متمظهرة.
يقع العنصران معا (النموذج العاملي والخطاطة السردية) في البنية السردية السطحية. وهي بنية عاملية(Structure actancielle)، تعد وسطا بين ما هو متجل متفرد وما هو موغل في التجريد والتعميم .
يقدم النص على مستوى البنية العاملية بوصفه سلسلة من الحالات((Etats والتحولات (Transformations)، جعلت غريماص يقر أن السردية (Narrativité) توجد في كل الأنساق الدالة. تتعلق الحالات بالكينونة(Etre) وتعود التحولات إلى الفعل والظهور(Paraître) .
يفرض هذا الاختلاف وجود ملفوظين مختلفين: ملفوظ حالة (Enoncé d'état) يتعلق الأمر بالعلاقة بين الذات(Sujet) والموضوع(Objet)، ونرمز له ب (ذ-م) وملفوظ الفعل (Enoncé de faire)، يرتبط بالتحول في هذه العلاقة إما اتصالا أو انفصالا، يلزم من ذلك ملفوظين للحالة:
- ملفوظ حالة اتصال(Conjonction): يكون العامل الذات متصلا بالعامل الموضوع، نرمز للاتصال بالرمز ∩ حيث ع ذ ∩ ع م.
- ملفوظ حالة انفصال (Disjonction): يكون العامل الذات منفصلا عن العامل الموضوع، نرمز للانفصال بالرمز U حيث ع ذ U ع م.
أما ملفوظ الفعل أوالتحول فيرتبط بالانتقال من حالة إلى حالة أخرى، حيث نجد شكلين من التحول:
- تحول الاتصال: يتم الانتقال من حالة الانفصال إلى حالة الاتصال.
ونرمز له بالصياغة الصورية الآتية:
يشير السهم إلى التحول من حالة انفصال إلى حالة اتصال.
- تحول الانفصال: يتم الانتقال من حالة اتصال إلى حالة انفصال، نمثل له ب:
يشير السهم إلى الانتقال من حالة اتصال إلى حالة انفصال.
يسمي غريماص تتابع الحالات والتحولات برنامجا سردياnarratif) Programme (، يرتبط بالعلاقة (ع ذ-ع م)، وتحولاتها الاتصالية أو الانفصالية، وهذا التحول، أي القيام بالبرنامج السردي، يتطلب فاعلا إجرائيا (Sujet opérateur) مؤنسنا (Anthropomorphe) ، ومادام هناك حالة وتحول، فالفاعل الإجرائي إما أن يكون:
فاعل الحالة: يكون في علاقة اتصال أو انفصال بموضوع القيمة (Objet- valeur) فالعلاقة (ع ذ-ع م) تحدد ملفوظ الحالة، أو فاعل الحالة.
فاعل الفعل: التحول في العلاقة إما بالاتصال أو بالانفصال، نرمز لفاعل الفعل بالترسيمة العامة (Schéma générale) الآتية:
يرمز (فا ف) إلى فاعل الفعل و(ع ذ) إلى العامل الذات، و(ع م) إلى العامل الموضوع، والسهم إلى التحول، و(∩) إلى الاتصال و(U) إلى الانفصال.
يتطلب هذا التحول إنجازا (Performance)، إن تحقيق التحول من قبل الفاعل الإجرائي يفترض أن يكون هذا الأخير محفزا من قبل عامل آخر مرسل (Destinateur) يقنعه فيقتنع بالإنجاز، نسمي هذه العملية تحفيزا(Manipulation)؛ ولابد بعد ذلك للعامل الذات/الفاعل الإجرائي أن يملك الشروط الضرورية لإنجاز الفعل، وفق قيم جيهية (Modalités) أجملها غريماص في أربع قيم: وجوب الفعل(Devoir faire) والقدرة على الفعل(Pouvoir faire) ومعرفة الفعل (Savoir faire وإرادة الفعل(Vouloir faire)، نسمي هذه الشروط والقيم الجيهية القدرة.(Compétence)
تعد القدرة موضوعا يمكن أن يكون الفاعل الإجرائي ممتلكا له أم لا، وهذا الموضوع بوصفه كذلك، ليس المطلوب الرئيس للإنجاز، لكنه شرط ضروري له، لذلك سمي موضوعا استعماليا أو موضوعا جيهيا (Objet modal) لأنه مرتبط بتحقيق القيم الجيهية السالفة، أما الموضوع الرئيس فيسمى موضوع القيمة، لأنه مرتبط بالإنجاز وبالعلاقة (ع ذ- ع م)، أي بمجموع الحالات والتحولات (البرامج السردية) التي يقوم بها العامل الذات في بحثه عن موضوع القيمة.
وقد ينجح العامل الذات في برنامجه السردي أو يفشل، لأنه في بحثه عن موضوع القيمة لا يجد الطريق مفروشا بالورود، بل هناك عوامل أخرى نسميها معاكسة (Opposants)، تعيق العامل الذات، إذ تقوم ببرامج سردية مضادة (Anti-programmes narratifs)، فإذا استطاع العامل الذات /الفاعل الإجرائي غلبة العوامل المعيقة بوساطة أهليته والعوامل المساعدة(Adjuvants) نجح في الحصول على موضوع القيمة وإلا فلا.
يتم الحكم نهاية على الإنجاز الذي قام به العامل الذات، بالنجاح أو الفشل، وتسمى عملية التقويم هاته جزاء، حيث يعود المرسل إلى الظهور للحكم على المسار السردي بأكمله، لكن بوصفه فاعلا تأويليا.
هكذا إذا تشتغل البنية العاملية، اختصارا، في المسار التوليدي الغريماصي، إن عناصرها متضافرة بوصفها نسقا ضاما، لا يمكن عزل بعضها عن بعض إلا إجرائيا، حيث يبدو من الصعب التمييز بين ما يعود إلى النموذج العاملي وبين ما يعود إلى الخطاطة (الترسيمة) السردية.
ولتفادي الخلط نظر غريماص إلى النموذج العاملي ابتداء بوصفه نسقا(Système) ثم باعتباره إجراء. وإجرائيته تتم من خلال خطاطة سردية من أربع مراحل.
أ- النموذج العاملي بوصفه نسقا
يعد النموذج العاملي انتقالا من العلاقات (المربع السميائي) إلى العمليات ، فنسقيته تتجلى في كونه صورة أو شكلا مثاليا تجريديا يعد بنية قابلة لفهم المتخيل البشري، وانعكاسا للكون الجماعي، يمكن صياغته صوريا كالآتي:
ينظر غريماص إلى هذا النموذج وفق ثلاثة أزواج عاملية :
- المرسل/المرسل إليه: أو محور التواصل: دور العامل المرسل هو إقناع العامل الذات بالبحث عن موضوع القيمة، كما أنه يقوم المسار السردي باعتباره فاعلا تأويليا، أما المرسل إليه فهو المستفيد من الموضوع.
- الذات/الموضوع: يشكل هذا الزوج قطب الرحى في النموذج العاملي، إذ يعتبر محور الرغبة أي أن الذات ترغب في الحصول على موضوع القيمة، ويكون هذا بعد إقناع الذات من قبل المرسل. أما الموضوع فهو المرغوب فيه من قبل الذات.
- المساعد/المعاكس: يشكل مقولة الصراع، فالمساعد يساعد العامل الذات في البحث عن موضوع القيمة، أما المعاكس فيعيق الذات في الحصول على موضوع القيمة.
ب- النموذج العاملي بوصفه إجراء
إن النموذج العاملي بوصفه نسقا بنية ساكنة، ولا يتم تحريكها إلا من خلال العبور من النسق إلى الإجراء عبر خطاطة سردية من أربع مراحل:
1- التحفيز أو فعل الفعل: حيث يتم إقناع العامل الذات من قبل المرسل بالبحث عن موضوع القيمة، ويقوم الذات بتأويل هذا العمل الإقناعي.
2- القدرة أو كينونة الفعل: إن الإقناع والاقتناع ليسا كافيين لتحقيق الرغبة، بل لابد من تحقق القدرة، أي الشروط الضرورية لتحقيق الإنجاز، وتتلخص في (إرادة الفعل، والقدرة على الفعل ووجوب الفعل ومعرفة الفعل)، ترتبط بالبعد التداولي(Pragmatique)، حيث تتطلب برنامجا استعماليا للحصول على الموضوع الجيهي.
3- الإنجاز أو فعل الكينونة: يشكل المرحلة الثالثة في الخطاطة السردية؛ والإنجاز هو كل عملية تحقق تحولا لحالة، وهذه العملية تقتضي عاملا(Agent) هو الفاعل الإجرائي، إننا ننتقل مما هو محين إلى ما هو محقق ، والتحقيق يتطلب برنامجا أساسا هدفه الحصول على موضوع القيمة، غير أن تحقيق الرغبة خاضع للبنية الجدلية التي تحكم النموذج العاملي، إذ نجد برنامجا مضادا يقوم به فاعل إجرائي مضاد.
4- الجزاء أو كينونات الكينونة: إنه الحكم على الإنجاز ، فالمرسل هو الذي يحكم على نجاح البرنامج السردي أو فشله، باعتباره فاعلا تأويليا. ويمكن التأشير إلى هذه المراحل من خلال الجدول الآتي:
II- كيفيات النقل الديداكتي للمفهومين في الكتب المدرسية
1- كتاب في رحاب اللغة العربية
اعتبر المؤلفون الخطاطة السردية تمثيلا مبسطا ومختصرا لمختلف العمليات التحويلية الكبرى في مجرى السرد، التي تنتظم وفق البنية الآتية: بداية ووسط ونهاية . وهم بذلك مستندون إلى منطق الحكي كما يراه كلود بريمون(C.Brémound)، وليس إلى الخطاطة السردية(Schéma narratif) بالمفهوم الغريماصي، بالرغم من أن غريماص تحدث عن هذه البنية على مستوى التجلي(Manifestation) في التفضيء والتزمين وبنية الممثلين، فتحدث مثالا عن فضاء استهلال وفضاء وسط، وفضاء هدف...فلو أبدلوا الحالات والتحولات بهذه البنية لحافظوا على النموذج، وكان التحليل أكفى في القصة.
كما جعل المؤلفون النصوص القصصية تتضمن خطاطات فرعية ضمن خطاطة عامة، وكان حريا القول إن النصوص تتضمن مجموعة من البرامج السردية الفرعية (Sous-programmes narratif) ضمن مسار سردي عام(Parcours narratifs)، ينتظم الخطاطة السردية، أو القول: مجموعة من المتواليات أو المقاطع السردية، وكل متوالية سردية تتضمن ضرورة خطاطة سردية وبنية عاملية مخصوصتين .
عموما، يظل مفهوم الخطاطة السردية في الرحاب ملتبسا، بعيدا عن النموذج النظري الغريماصي؛ فإذا كان النقل الديداكتي للمفاهيم يفترض تبيئتها، إلا أن ذلك لا يعني اجتثاثها من الأسس الإابستمولوجية التي انتظمتها في نظرياتها.
أما النموذج العاملي فيبقى مقبولا، عمد المؤلفون، لامحالة، تقريبه إلى مدركات الفئة المستهدفة, لكن رغم ذلك، خلطوا بين العامل(Actant) والممثل في الاستنتاج بقولهم "كما أن العامل الواحد قد يمثله أكثر من ممثل، كما يمكن لممثل واحد أن يلعب دورين".
وكان الأحرى القول إن كل دور عاملي يمكن أن يقوم به عامل واحد أو أكثر، كما أن كل عامل يمكن أن يقوم بدورين عامليين... فالحديث عن الممثل في الكتاب، فيه شيء من التجوز، ولا يمكن أن يكون واردا إلا إذا وضعنا في الاعتبار تمفصل دور الممثل باعتباره عاملا من جهة، أي ينتمي إلى البنية السميائية السردية، وباعتباره ممثلا من جهة أخرى، أي ينتمي إلى البنية المتجلية خطابيا، فنقول كل عامل يتجلى في النص السردي من خلال ممثل أو أكثر، فنميز بين البنية بين المحايثة والتجلي، والبنية المتجلية كما يحدد ذلك غريماص.
2- كتاب الممتاز في اللغة العربية
حاول المؤلفون أن ينقلوا الخطاطة السردية للنموذج الغريماصي نقلا يستجيب للنمذجة، ويتوافق ومدركات الفئة المستهدفة، فقد حافظوا على النموذج إلا في إشارات نذكر منها: أنهم في حديثهم عن الحالات والتحولات ميزوا في التحول بين الموضوع المرغوب عنه والموضوع المرغوب فيه، وغريماص لم يشر إلا إلى موضوع قيمة واحد، مرغوب فيه ضرورة ولزوما، إن البحث لا يتم عن موضوع مرغوب عنه ، فالمرغوب عنه يمكن أن يكون عاملا معاكسا وليس موضوع قيمة.
أشار المؤلفون في مكونات البرنامج السردي إلى الخطاطة السردية المكونة من أربعة عناصر متضافرة ومترابطة منطقيا، حيث يقتفي لاحقها سابقها وفق ما يلي:
غير أنهم اعتبروا الكاتب غير ملزم بهذا الترتيب المنطقي ، وفي ذلك إخلال بمفهوم الخطاطة نفسها، لأن الخطاطة السردية، كما في النموذج السيميائي الفرنسي، مجردة عن كل تجل نصي، فإذا تحدثنا عن الكتابة سواء كانت قصة أومسرحا، أوغيرذلك فنحن نتحدث عن مسارات تصويرية (Parcours figurative) تزين البرامج السردية، إن التمظهر مرتبط بالتفرد، وغريماص يبحث في العام المجرد.
إن الخطاطة السردية التي تزينها التشكلات الخطابية (Configurations discursives) في البنية الخطابية، هي تجسيد للعام وليس للتجلي النصي. ولعل ذلك ما جعل المؤلفين يسقطون في خلط بين الممثل والعامل .
إن تعريف القدرة في المؤلف قاصر، حيث لا تتعلق القدرة فقط بملفوظات الحالة، بل بملفوظ الفعل وملفوظ الحالة معا، لأنها تتطلب برنامجا سرديا استعماليا، خادما للبرنامج السردي الأساس.
أما النموذج العاملي فيبقى مقبولا استجاب لخصوصيات النظرية، كما أن المؤلفين نجحوا في تقريبه إلى مدركات الفئة المستهدفة.
3-كتاب واحة اللغة العربية
تعد الخطاطة السردية في المؤلف تعاضدا لعناصر القص من حدث وشخصيات وفضاء وزمان ووصف وسارد... إن الخطاطة إذا بنية مكونة من علاقات منطقية تنتظم الأحداث، ليخلصوا إلى تعريف مفاده أن الخطاطة السردية مجموع المعطيات الأساسية التي لا استغناء عنها ليكون المحكي قابلا للفهم، فهي تمثل بنية القصة وحبكتها، كما أن المؤلفين قسموها خمس مراحل: وضعية الاستهلال، والعنصر المخل، ووضعية الوسط ووضعية الانفراج ووضعية النهاية.
تتعلق وضعية الاستهلال بالتأطير العام للقصة، ووضعية المخل باختلال وضعية الاستهلال، وتتعلق وضعية الوسط بمجموع الأحداث التي تشكل العقدة، وتسمح بالانتقال من وضعية البداية إلى وضعية النهاية، أما العنصر المخل فيرتبط بحدث يظهر فجأة، يجعل الأزمة تتجه نحو النهاية، أما وضعية النهاية فإما أن تكون قلبا للوضعية البدئية أو وضعية جديدة .
لم يركز المؤلفون في الدرس الثاني على ما وضعوه ابتداء، إذ عمدوا إلى الاستهلال والنهاية فقط (الحالات والتحولات)، فالاستهلال، بالنسبة إليهم، ينقسم إلى استهلال دينامي مباشر، واستهلال ثابت بثبوت الفضاء واستهلال تقدمي متدرج، واستهلال معطل كأن يبدأ بعقدة أومشكلة، وقسموا النهايات إلى أربعة أنواع: نهاية سعيدة ونهاية السقوط أو الهاوية الدرامية، ونهاية عقلية فلسفية كأن تكون النهاية تأملا، والنوع الأخير تكون فيه الخاتمة غائبة.
وتحدثوا في العلاقات عن العلاقات الناظمة بين البدايات والنهايات فقسموها نوعين: علاقة تشابه وعلاقة تعارض، كما في حديثهم عن الخطاطة السردية، بالطريقة التي يفهمونها بها، يجمعون بين دلالات وأبعاد الحدث وغيرها.
ومادامت الخطاطة السردية انتظاما منطقيا فهي تبقى عند حدود هذا الانتظام(البناء الصوري) ولا تتعداه، فحين يتحدث المؤلفون في الخطاطة السردية عن القارئ وأفق الانتظار فهم يجمعون اعتياطا بين نظريات مختلفة لها أسسها الإبستمولوجية المختلفة وأبعادها المتباينة.
إن الخطاطة السردية في كتاب واحة اللغة العربية لا رابط بينها والنموذج الغريماصي بعيدة عما سطرناه سالفا، فهي قرينة تحليل الخطاب بعيدة عن الأساس النظري للسيميائيات السردية. إن النقل الديداكتي للمفاهيم لا يعني ضرورة اجتثاثها من أصولها، بل هو استثمار يراعي النموذج ابتداء، ثم الأهداف البيداغوجية ثانيا.
ولم يستطع المؤلفون التمييز بين الشخصية والقوى الفاعلة حين عرفوا القوة الفاعلة بقولهم: القوة الفاعلة هي كل عنصر مؤثر في الأحداث وفي الشخصيات... لكن بالرغم من هذا ظل النموذج العاملي في عمومه وافيا مستجيبا للنمذجة والهدف التربوي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.