غادة الشافعي من الأصوات الشعرية النسوية الناضجة التي تجاوزت المراهقة الأدبية وارتقت سلم الابداع، واحتلت مكاناً متقدماً في صف المبدعات من الجيل الجديد. وهي شاعرة ذات صوت خاص وتملك كياناً مستقلاً مبرءاً من عملية التقمص والتقليد، وتسعى دائماً وراء كشف شعري جديد فيه الفرادة وأصالة النص. خرجت غادة الشافعي من أزقة وأسوار وسواحل عكا، مدينة الجزار وعاصمة الساحل الفلسطيني ، التي لا تخاف هدير البحروعجز نابليون عن اختراق أسوارها.وقد مارست سحر الكلمة منذ الصغر ونشرت نصوصها الشعرية والأدبية في الصحف والمجلات والدوريات الثقافية الصادرة هنا، كما وشاركت في مهرجان المبدعات العربيات ولقيت تشجيعاً من أهل الأدب والثقافة والقلم، ولها ديوان شعر بعنوان " المشهد يخبىء صهيلاً ". تتسم كتابة غادة الشافعي الشعرية بالشفافية المرهفة وتضطرم نصوصها بالهم العام وتهدر به من خلال غنائية عالية تناسب الصراخ والندب والرثاء والخوف، وأشعارها مزيج وخليط لشاعرية حقيقية ولرسالة سياسية اجتماعية تمثل أشعار الاحتجاج الفلسطيني ، والبعد المكاني يفرض نفسه في قصائدها. تتجلى غادة الشافعي بين فضاءات القصيدة ، التي تتألق في صياغتها شكلاً ومضموناً، ونجد في شعرها الالتزام بالهموم القومية والوطنية والانسانية، ووضوح الرؤيا. وهي تستمد عناوينها من أحداث الوطن، من الانسان، من الوجدان الجماعي، ومن الطبيعة الاخاذة، وهاجسها الابداعي يتركز دائماً في هذه المحاور. في شعر غادة الشافعي تتموسق اللغة وتمتد ظلالاً وتداعياً فيها قوة وجمالية وايحاء ، وخيالها يتحكم في نصها، وصورها الشعرية لماحة وجذابة ومبتكرة، وقصائدها متعددة المعاني ، كثيرة الفضاءات، منتشية بالدلالات والصور الروحية ،مشحونة بالترميز، وملفوفة بغموض يصل أحياناً حد الابهام ، وايقاعاتها الموسيقية تعطي القصيدة رونقاً وجمالية، وروح التفاؤل والأيمان بالغد والمستقبل يسودان جوها العام. غادة الشافعي حداثية في نصها، متوهجة بكبرياء الشعر، وتزاوج بين الخاص والعام، وتحمل همومنا وتمس شؤون حياتنا وشجون واقعنا. وقد صقلت موهبتها بالتجارب واستفادت من الملاحظات النقدية، وهي بين حين واخر تطل علينا بقصائد وجدانية وعاطفية وانسانية ووطنية مسكونة بالخيال الجامح والرموز الشفافة والصفاء الروحي التأملي، وعابقة بعطر المحبة الانسانية الدافئة والوطنية الصادقة، وبأنسام بحر عكا. وفي المحصلة، غادة الشافعي شاعرة مفعمة بلغة الايجاز والتكثيف ومتمكنة من أسرار اللغة وعيون التراث، تبحث عن اليومي في متاهات الزمن الرمادي، زمن الانفلات المادي العولمي، وتبوح بأسئلة الشعر، وتعرف كيف تقسو على نفسها وتطور أدواتها الفنية والتقاط الفكرة العابرة لتصوغ منها قصيدة ناجحة ، واستطاعت أن تحفر اسمها على صخرة الابداع الشعري الملتزم ، فلها الحياة ودوام العطاء.