ما يميّز هذا الكتاب الصادر حديثا عن "دار التنوير للنشر والتوزيع " بالجزائر عن غيره من الكتب التي تناولت الموضوع نفسه (تحليل الخطاب الشعري )، أنه يجمع بين التنظير والتطبيق في الوقت نفسه، إضافة إلى أن مؤلفه الدكتور فاتح علاّق وزيادة على تخصصه الأكاديمي في هذا المجال، فهو شاعر وقد انطلق من لب الإشكالات الحقيقية التي تناولت الشعرية العربية قديما وحديثا. والكتاب الذي جاء في أزيد من 150 صفحة من القطع المتوسط قسمّه صاحبه إلى أربعة محاور كبرى هي على التوالي: في ماهية الشعر، وهي عبارة عن دراسة نظرية/ تنظيرية، ثم "في شعرية القصيدة " وهو محور مهم جدا لدارسي الأدب الجزائري الحديث فهو يناول بالدراسة والتحليل بعض التجارب الشعرية الجزائرية المعاصرة على غرار كتابات الشاعر أحمد عبد الكريم وديوانه "معراج السنونو "، والشاعر مصطفى دحية من خلال مجموعتيه "اصطلاح الوهم " و"بلاغات الماء "، أما المحور الثالث فقد أخذ عنوان الكتاب الكلي (في تحليل الخطاب الشعري )، ويجمع بين التحليل البنيوي والتحليل الأسلوبي والتحليل السيميائي للنصوص الشعرية وفق التطور التاريخي لتحليل الخطاب وبعيدا عن أي تعصب لأي منهج، في حين أن المحور الرابع والأخير جاء تطبيقيا ويتناول نصوص اثنين من أهم الشعراء العرب المعاصرين وهما المصري أحمد عبد المعطي حجازي والفلسطيني الراحل محمود درويش . وعند الانتهاء من قراءة الكتاب يدرك القارئ مدى أصالته العلمية التي تجمع بين النظرية والتطبيق وتعدد المناهج من البنيوية إلى الأسلوبية إلى السيمائية، فهو من هذا المنطق ضروري لكل دارس للشعر والشعرية ولكل طالب معرفة على حد سواء.