عن مطبعة ووراقة عين أسردون بني ملال، صدرت، للشاعر المغربي أحمد الإمام، (على نفقته الخاصة) مجموعة شعرية بعنوان: "ثقوب على جدار الصمت". ومن إبداع أنامل الفنان التشكيلي المتميز الصديق راشدي.. تطالع القارئ لوحة الغلاف غاية في الجمال والإتقان وبلاغة التعبير، لتفتح شهية استكشاف ما وراء الجدار الأثري، من خلال نافذة مغلقة.. وثقوب متربة.. الصحو فيك يا وطني ممنوع الفجر مذعور الخطى والسكر مشروع.. (ص2) *** أنت والجرح على موعد يا وطني (ص11) *** أيها الثائر في حلكة ليل غاشم أيها الصامد في وجه زمان آثم (ص 20) *** جندي يعيش بدرب النضال يجوب الفيافي يجوب التلال بأمر الشهامة فوق أعالي "الجولان" (ص 38) تعد المجوعة عصارة حياة ملأى بالتجارب، انصهرت في بوتقة الذاكرة المثخنة بجراح التاريخ الحافل بالنكسات والنكبات.. تتخللها لحظات ضوء وعشق تراثي بريء.. للأرض وللإنسان.. وعدت إليك بغضبة بدر كوته الرياح يكحل جفني ساري الأمل أضمد جرحا تطفو جراح (ص 82) *** حقيبة حب أحملها إليك يا بلدي وأخرى أمل صريع هواك إليك يعود وأنت مراده منذ الأزل (ص 112) لم يفتح الشاعر سوى ثقوب، ولم يتح للقارئ سوى نزر قليل مما تختزنه ذاكرته الموسوعة. هذه الثقوب تخلخل ذلك الصمت المخيم المتمترس وراء الجدار العازل للصوت.. لتستفز فيه المزيد.. أسائلك اليوم يا شاعري بحق القريض هل أنت شاعر؟ (ص 124) *** أذكرك... كلما طال سهدي بليل يبكي الربى يبكي قصيدة حبلى (ص 149) يتكلم الشاعر، يكتب.. ليبوح، ليعاتب، ليسرد المرارة، ليؤرخ للجرح، ليرثي واقع الحال، ليعزف على الألم، لينتقد الصمت، لتنفك أسارير القلم بين انفراج وانفراج... ويقطف الورود ويشكل باقة حب تختم الديوان.. تموت في بلدي الكلمات على مذبح الفسق تصلب في بلدي الدمعات يحرف تاريخ شعب عريق (ص 159) *** أعانقك اليوم يمسح دمعي هذا اللقاء يا بلدي (ص 163) (....) بلدي بلد الشعر اذا ما الشعر جفت بحوره بلدي بلد الفكر اذا ما الفكر قد شابت زهوره بلدي بلد الفن اذا ما الفن قد تاهت فنونه (ص 168) يقول لسان حال الشاعر، على لسان حال العنوان: لم أقل كل شيء.. لكن يجب أن يسقط الجدار، لينبعث الكلام المتاح من رحم الصمت غير المباح.. يشكل الديوان ذي 172 صفحة من القطع المتوسط ، إضمامة، يغلب عليها طابع الأسى الجميل، تنتظم فيه كالعقد 40 قصيدة مرتبة كالآتي: غفرانك يا وطني - تراتيل في مجازر صبرا وشاتيلا - صلوات في محراب كمال عدوان - أنت للنصر شارة - القرار الممسوخ - في حضرة الحقد - دمعة على هامش النكسة – همسة - من جندي مغربي بالجولان - لو أن لي...؟ - من سفر أحاجي الغياب - هوامش على دفتر الرفض - أيها العام الجديد - الفيلوت والصنم - الأمسيات الضائعة – التحقيق - من سفر الضياع – رفيقتي - ذات يوم - البحث عن زياد - من ينبئ الجدار- معزوفة ألم - حروف على المبكى - لن تخرق الأرض يا موث - حرام يا ولدي - نقوش على بوابة الوطن - سؤال- حقيبة حب - إلى برلماني متعدد الألوان - الشاعر والجهاز العجوز- لست حبيبتي - وطاف بهم طائف- بلا إخراج - أفروديت - أيها الشاعر- الحمى: حبيبتي- جالاتيا - لأننا نريد الكلام - عيناك - باقة حب وباقة عطر.. كانت إذا، ثقوبا، ولم تكن نوافذ ولا بوابات، وكأن الكلمات ولدن ولادة قيصرية، وكأن الألم سيد البوح... نرجو أن تفتح في جدار صمت الذاكرة نوافذ.. وتشرع بوابات لبوح جديد... قريب غير بعيد...