بعد مجموعتها القصصية الأولى، الموسومة ب"نمَش"، صدر عن الدار الأهلية في عمان، للكاتبة الأردنية/ الفلسطينية "تغريد أبو شاور"، مجموعتها القصصية الثانية "خرز". وقد جاءت المجموعة من القطع المتوسط، في 150 صفحة، متضمنة سبعة أقسام، استهلت المؤلفة كل واحد من هذه الأقسام بيوم من أيام الأسبوع، بدءًا من يوم الجمعة إلى غاية يوم الخميس. إن ما يميز الكتابة القصصية عند تغريد أبو شاور، قدرتها الكبيرة على اصطيادصور غرائبية ودقيقة في نفس الوقت، نعيشها في واقعنا اليومي، دون أن ننتبه لها، صور، مواقف، وسلوكيات زئبقية يصعب الانتباه إليها، وأفكار منفلتة تُراود المُبدع حولها لتنمحي بسرعة، وكأنها لم تخطر أبدا على البال، فيستعصي في الغالب تدوينها؛ غير أن أبو شاور استطاعت أن تُروض ذاكرتها على الاحتفاظ بهذه التفاصيل، ومن ثم تدوينها في قالب قصصي ماتع.. وهي في الغالب تفاصيل تُعنى بقضايا النساء في علاقتهن ببعضهن، وعلاقاتهن داخل المجتمع. لذلك جاءت أقسام المجموعة السبعة في صيغة موحدة، وهي "نساء الجمعة"، "نساء السبت"..، إلى غاية "نساء الخميس". وليست "النساء" وحدهن ما يربطن قصص المجموعة ببعضها البعض، بل هناك ضمير المتكلم "أنا" الذي هو صوت الذات الكاتبة، إضافة إلى خيط ناظم واضح، ويتجلى في العبارة المحركة لكل قصص المجموعة، وهي:"الرجل الذي في خاطري"، هذه الشخصية التي تحضر على لسان الراوية في كل القصص تقريبا، والذي علَّقت عليه الساردة كل حكاياها، فاستنطقته كفيسلوف، واستكتبته كشاعر، ونالت منه حبيبًا، وسخرت منه كأي رجل عربي يظن أنه يفهم ما تريده النساء، ورضخت لسطوته أخيرًا كامرأة بسيطة، ومتمردة في الآن ذاته..