تَعال إلى "أوفير" يا صَديق ! و لَو أَنّ هذا اليَومَ ها هُنا، لَيسَ لنا فيه مِن ضِياء، إلاّ قَليلاً، ما زالَ يَتَلألأ، تَحْتَ سَماءٍ تسْجُنُنا ! فَلا ذُرى الغابات، و لا قِمَم الجِبال، بالرّغْمِ مِن هَوانا، قد اسْتَطاعَت أَن تَتَأَلّق، و بَقِيَ الهَواء بِلا صَوْت. قَد سَقَطَ الظّلام، مََمَرّاتٌ و أَزِقّةٌ تَنام، حتى لَكَأَنّي أَكاد أَخال، بِأَنّ عُصورَ الرّصاصِ قَد عادَت. و مَعَ ذلِك أَمَلٌ يُسْتَجاب، لا شَيْءَ يُزَحْزح الإيمانَ الرّصين. و لِلّحْظة: فَلْيُكَرَّس هذا اليَومُ لِلْبَهْجَة ! لَِأنّه لَيْسَ سوى مِنْحَة بَخيصَة، هَذه التي انْتزَعناها مِن السّماء. و مِثل عَطاءاتِ الأَطْفال، تلك التي كَثيرا ما حُرموا مِنْها، مِثْلَها و باقْتِراحاتٍ كَهذِه فَقَط، لِخُطْواتِنا و آلامِنا، يُصْبِحُ الرِّبْحُ جَدارَة، و بلا كَذِب، يُصْبِحُ الرِّضى ! مِن أَجْلِ هذا ما زِلْتُ، أومِنُ بالأَمَل، حين نَكونُ قَد خاطَرنا، بِكُلّ ما لَدَيْنا .. باِلخُطوَة المُعَبّدَةِ بالحُلُم. و نَكون مِن قَبْل كُلّ هذا، قَد حَرّرْنا أَلْسِنَتَنا، و وَجَدْنا الكَلام، و قَلْبُنا المُبْتَهِج. حينَ مِن الجَبْهَة الثَّمِلَة، تَتَجَلّى حَقيقَةٌ أُخْرى، فَلْيُعَجِّل ازْهِرارُنا إذن، بازْهِرار السّمَاء ! و لْيكُن مُتَفَتّحًا لِلنّظَر، مُتَفَتّحا لِلنّور. لأَنّها لَيْسَت مَسأَلَة نُفوذ، و إِنّما سِرّ حَياة. و رَغَباتُنا: مَرَحٌ ولِياقَة مَعًا، و مِن الخَطاطيفِ المُخْتارَة، أَحَدهُا، على الأقل، و دائِما و أبَداً، قد يُنْبِئ بالصّيْفِ في البَوادي، و كَذلِك مِن أَجْل تَقْديسِ الإِرْتِفاع، بِكَلام عادِل، حَيْثُ الماهِر النَّبيه، قَد شَيّدَ نَزْلاً لِضُيوفِه، كَيما يَغْمُرُهُم بهذا الجَمالُ الأَكْبَر، بِهذه الرُّؤْيَة الغَنِيّة: و بِهَوى رَغْبَة العَقْل و القَلْب. و لَعلّ هذا الإنِفتاح الكامِل، رَقْصٌ، وَليمَةٌ و أَغاني، و بَهْجَةُ "شتوتغارت"، تَتْويجاً لها. و مملوئين بِرَغْبَة رَهيبَة، نُمارِسُ الصّعودَ إلى الهَضَبة، لَعَلّ ضِياء شَهر مايو، هذا السّاهِر عَلَينا، يَتَلَفّظُ هنالِكَ في الأَعالي، بِمُقْتَرَحاتٍ أَفْضَل، لَدى ذاكَ الذي، يَسْتَنيرُ بِه السّماع. أو إذا كان يَحْلو لِلآخَرين، حَسَبَ طُقوس القُدامى، (لأَنّ الآلِهَة قد اِبْتَسَمَت لنا أَكْثَرَ مِن مَرّة) فالنّجّار يُعْلِنُ حُكْمَه، مِن على ذِرْوَة السّطْحِ، و كُلّ مِنّا حَسَبَ اِسْتطاعَتِه، يكونُ قد أَدّى قِسْمَتَهُ. و لَكِنّ المَكانُ يَبدو شَديدَ الجَمال، حينَ يَتَنَوّر السّهْلُ، بِأَعْيادِ الرّبيع. مِن على مَشَارِف "نَكّار"، تَمْشي أَشْجارُ الصّفْصاف في اِخْضِرار و الغابَةُ و جُمْهورُ الأَشْجار، ذات الزّهور البَيْضاء، تَطفو في مَهْدِ الرّيح. و مَغْمورَة بِالضّباب، مِن أعالي الهَضَبة لأسافِلها، تَتَفَتّح الكُروم و تَلين، تَحتَ العُطور المُشَمّسَة.