عرض اليوم أول أمس الثلاثاء فيلم "جلال الدين" للمخرج المخضرم حسن بن جلون ضمن مسابقة الفيلم الروائي الطويل بالمهرجان الوطني للفيلم بطنجة. يتناول حسن بنجلون في فيلمه "جلال الدين" مسار رجل ثري تُصاب زوجته التي يعشقها بشغف بمرض عضال تتوفى على إثره، ليتَّخذ له الصوفية مذهبا يتطهر من خلاله من كل الأحقاد والدَّناءات، ليصبح مُحبا لكل البشر ومتصالحا مع ذاته ومع العالم من حوله. وتتخلل الفيلم إضافة لهذه الحبكة الرئيسية مسارات فرعية أخرى تَصُبُّ كلها في فكرة التسامح وحب الآخر والإنفتاح على المختلف دينيا وعرقيا وفكريا. من أهم مايميز فيلم "جلال الدين" أنه يستند على حكاية محبوكة نرى تطورها على الشاشة بدون ثغرات ولا فراغات ولا زيادات أوحشو. إذ ينتقل بنا بنجلون خلال الجزء الأول من الفيلم جيئة وذهابا بين حاضر الشخصية وقد اختارت مسار التصوف وماضيها الذي كان ما وقع فيه سببا في التحول الجذري الذي وقع لها، أما في الجزء الثاني الذي يبتدأ بسواد على الشاشة وتاريخ يحدد مرور عشرين سنة على مارأيناه سابقا فنشاهد فيه نتائج وتداعيات حياة اللهو قبل التصالح مع الذات. يظهر لنا المخرج التصور للدين في شكله المتسامح والحَاثِّ على حب الحياة ومباهجها، فشيخ الطريقة الصوفية الذي يلجأ إليه جلال الدين بعد أزمته الناتجة عن موت زوجته يحث المرأة التي تشتغل في مطبخ الزاوية على إكمال الغناء بصوتها الجميل ولا نرى منه سوى الروح المتسامحة، وعنهُ سيرث جلال الدين المشيخة بعد موته ويسير على خطاه ويستطيع بتسامحه الإنتصار على الشر الذي يحيط به وبذريته. ويبدو أن حسن بنجلون قد بذل مجهودا استطاع به تجاوز كثير من أفلامه السابقة ليصل لصناعة فيلم محترم ولديه كل مقومات الفيلم الجماهيري الذي يمكن له النجاح في شباك التذاكر، كونه يقع في تلك المسافة الواقعة بين الفيلم الذي يطمح ليعبر عن أفكار بشكل فني محترم وفي نفس الوقت تبدو لدى المخرج عين على شباك التذاكر والجمهور الواسع من خلال بعض التوابل المعروف أنها تجذب الشريحة الواسعة من المشاهدين. بخصوص التشخيص في الفيلم يمكن القول أن ياسين أحجام قد تفوق في أداء شخصية جلال الدين، وظهر أداؤه ناضجا هنا ومكملا دورته التشخيصية، إضافة للممثلة التونسية فاطمة ناصر التي أدت دور زوجة جلال الدين.