عن التفاصيل الدقيقة لهذ شاعر نحات بدرجة فنان شديد المهارة يصنع من حجارة اللغة تشكيلات مهمة وفريدة ومتميزة يُطلق عليها مجازا شعرا حيث تميز علاقته باللغة واضحا تماما وجلي بشدة في كل صفحات الديوان وفى كل الكلمات التي تكون القصيدة,حتى عنوان الديوان كان فاضحا لهذا الأمر الحميد تماما,كما كشف الديوانا حيث نجح ديوان محمد حلمي الريشة "معجم بك "الصادر في فلسطين عام 2007 في طبعته الأولى عن المركز الثقافي الفلسطيني –بيت الشعر,ودار الزاهرة للنشر والتوزيع,في تقديم المشهد الكامل لعلاقة الشاعر باللغة.وهذا ليس الديوان الأولى لمن لا يعرف الريشة بل هو الديوان الثاني عشر في عمره الحياتي والشعري,حيث صدر له من قبل الخيل والأنثى 1980,حالات في اتساع الروح 1992,الوميض الأخير بعد التقاط الصورة 1994,أنت وأنا والأبيض السيئ الذكر 1995,ثلاثية القلق 1995,لظلالها الأشجار ترفع شمسها1996,كلام مرايا على شرفتين1997,كتاب المنادى 1998,خلف قميص نافر 1999,هاويات مخصبة2003,أطلس الغبار2004. محمد حلمي الريشة يعيش داخل فلسطين في مدينة رام الله ,فهو شاعر فلسطيني وهذا الأمر يحدث بداخلنا قداسة ذات صلة بالمقاومة والأبطال والشهداء في سبيل الله و الوطن ,وهذا حقه لدينا وتراثه الذي نحمله بداخلنا وأتمنى أن نحافظ عليها تجاه هذه البقعة من الأرض التي تمثل لنا الوجع الأكبر والحلم الأكبر والروح الأكبر,وان كانت هذه القداسة هي الأولى التي يحصل عليها الريشة منا إلا أن هناك قداسات أخرى يصنعها هو بنفسه منها استخدامه آلية الكتابة بكامل التشكيل اللغوي مما يحيله إلى القداسة الظاهرية التي تتوازى مع القران الكريم الذي يمثل لي الكتاب الأهم وكتاب الروح والحياة والموت . يستخدم الشاعر فضاء الصفحة معتمد على الرؤية البصرية للقارئ ويبدأ ذلك باستخدام التشكيل الكامل للكلمات داخل القصيدة مما يحيل إلى قداسة تنتمي إلى التشابه البصري مع القرآن الكريم لما في التشابه في تشكيل القصائد وتشكيل القران ,كما يستخدم طريقة أخرى في فضاء الصفحة وهى سقوط الكلمات إلى أسفل في شكل حروف مبعثرة إلى الأسفل ,واستخدام السلم اللفظي بما يعنى أن تكون الكلمات تصنع سلما نازلا إلى تحت من بداية الصفحة إلى أخرها حتى تنظر إلى الصفحة تجدها صانعة في مجملها الظاهري سلما يعطى الشاعرة فرصة الصعود والهبوط داخل صفحات الديوان كما يشاء هو ,وتشاء حالته الشعرية في هذا الوقت, كما يستخدم تقنية بعثرة حروف الكلمة في نفس السطر في شكل حروف متفردة وغير مترابطة ومن هنا نجد محمد حلمي الريشة يعطى للبعد البصري في إخراج الصفحة الشعرية بُعدا يضيف إلى قصيدته التي يكتبها حيث يعتمد على عين القارئ التي تتلقى أولا مشهد الصفحة ثم تأتى بعدها عملية القراءة حيث أن حاسة العين هي الحاسة الأولى في عمليات القراءة والتلقي ثم يأتي من بعدها الحواس الأخرى . لقد كانت الأنثى في مفهومها اللغوي واضحا تماما ,حيث في الأفعال دائما بها تاء التأنيث ,والصفات كذلك ,أما على مستوى الشعر نفسه نجد الشاعر يعطى هذا الأنثى إشكالا متعددة,ولعلاقته بها حيث هو يحترق دائما معها ولا دخان له يرى(ص129),كما يرى العالم في حضورها وردة من أظافر,وبسمة من أبر(ص136). إن تجربة محمد حلمي الريشة في هذا الديوان لابد من تحصل على تعدد قراءات لما لها من تعدد القداسات التي أحاطت بكونه شاعر فلسطيني ويكتب بكامل التشكيل اللغوي وعلى الرغم من هذا ينتج ديوان يتمحور في الأساس في علاقته هو بالأنثى في مجملها والتي يكشف الديوان عن تعدديه أخرى في تناولها.