الغيم يزحف فوق أكتاف المدينة ليذيب أجنحة الهجير و يصطبغ الدروب الحزينة لكن غربان الشواطئ لم تزل تنعم بالسكينة مرة أخرى تلف أحداق سماك سحب الضغينة المغسولة بدما سرابيل الشهداء وثغور الصابرين لم تزل تبحر بين أفئدة الضياع أن تباع كل آهات الجياع حيث ما للأحلام بحر أو شراع أين الودائع ؟ وأين أين رنين أصداء الحوافر وهي تطبع على جلودهم المتهرئة آخر البسمات الركيكة وأين أين ابحث عن شمس تباع وأحضان ارضي باردة حزينة وحيث تكسرت الأفياء على هامات خباءنا النحيلة كدوائر الأحياء تكبر وتتكسر باللقاء حين تقصف الأمطار وجه الماء فيسيل نزف الإصبع المكلوم على أوتار قيثاري المشحون بالآهات وتقوقعت الغصون لتبعث الروح في عروق الشبابيك القديمة ما فات قد فات لكن ما مات ما مات ولتأكل ضحكات أطفالنا وجه النائبات وتناثرت من بين الزوايا البعيدة أسلحة الغبار والريح تعوي في حناجر كهوفنا فتنزوي جحافل الرمال على الشرفات المملؤة أنجما وجباه هل لي أراه ينسل من بين أوردة الشفاه ويغرف من عينيه كل ما يراه وما لا يراه وجذور الآم المقابر تزحف إلى حيث البقاء لتغادر مهجورة تلك المقابر فالموتى يرحلون مع الركبان في أقصى شوارعنا الطويلة وزخارف الأعمار تسافر فوق أجنحة الأطيار وتهاجر فهي أعمق من أن تنالها الأسرار