وكأَنَّك يا ريان كنتَ نبيّاً لبضْعَة أيام وحَّدت الألسن بالدعاء والقلوبَ بالخوف والرغبة وأطلقتَ أَروَاحَنا من ضَيقِ الحياة كنتَ وحدكَ هناك تصلِّي من أجلنا وكنّا نحن الأسرَى نحن الحيَارى نحن الصّدأ وكأَنَّك يا ريان بلَّغت الرسالة وطهَّرتَ أنفسَنا من وَهْمِ الدنيا وحملتَ قلوبنا نبضاً على المحبة ثم انصرفتَ إلى سُمُوِّك تَعلُو وتعلو وتعلو ما أجملك حياًّ وميِّتا ما أطيبك مبتسما ونائما *** ريان .. لستَ ميتا ومَا ماتَ منْ أحيَانَا من المحيط إلى الخليج وكيفَ تمُوتُ وأنتَ فينا بريئاً شجرةً خضراءَ وارفة ضحكةً ممتدة في النفق زهرةَ نَقاءٍ في الأفق لمسةَ غيثٍ صافية تُمطر أرضنا اليَبابْ وتشُقُّها بذرا وحَبّاً وحُبّاً *** ريان.. يا شمساً لا تَغِيب هل رحلتَ حقًّا؟ أم خطوتَ إلى جنّتِك؟ لمَن تركت البئرَ عاريةً تَفضحُنا؟ فارغةً إلاَّ من أوهامِنَا؟ باردةً كأوصَالِنا؟ ما عُدنا إخوةَ يوسف يا ريان رغم أنَّ الذِّئبَ يَنمُو فِينا والخَمرُ في السجن يرويهم ولا يروينا والخُبزُ للطير لا لأبنائنا يَفنينا ما مات من يُحْيِي الأمل فينا ويزرعُ الثورةَ في دَمِنَا ويقول لا تتركوا يوسف في الجب فإنَّ الذِّئْبَ يتربْصُ ببنادقنا مَختبئا مفترشاً حشائِشنَا يرعى طَليقا بين مواشينا يأخذ الماء والكلأ ولا أحد يَحمِينَا *** يا ريان.. لا تَذهبْ الخيرُ.. كلُّ الخَيرِ في أُمَّتِنا أنتَ النبوءة وإِنْك حَيٌّ فِينَا أبداً لن تموتْ وكيفَ يموتُ من تَركَ البئْرَ رمْساً لمآسِينَا وأَنْفاسُه فيه تُحيِينا كيفَ يموتُ من شقَّ الماءَ لوَادِينا يونس إمغران