للقراءة أثر طيب في النفوس، فهي غذاء للعقول وراحة للقلوب وتسلية مفيدة لا مثيل لها في هذه الأيام، خصوصا وأننا في زمن الحظر برمضان، وقد يطول فيها الجلوس في المنزل. وفي هذه الحالة، ليس للإنسان مؤنس وفيٌّ، يقضى معه الوقت للتزود بالمعرفة والجمال، كالكتاب. فخير جليس في الزمان كتاب، على حد قول الشاعر المتنبي. لكن الحيرة الكبرى تقع عند اختيار الكتاب المناسب لنوعية القراءة المطلوبة، خلال الشهر الكريم، مسايرة لظروف الحجر الليلي خلال رمضان. وتبرز القيمة العليا للقراءة، إذا عرفنا ما لها من دور مهم في تغيير المفاهيم السلبية، وبث القيم النبيلة بدل ذلك، ومن ثم التشبع بالمثل العليا، وحب البحث عن نوافذ أخرى، يستطيع أن يطل من خلالها كل فرد على مساحات واسعة من المعرفة، خاصة وأننا نعيش في نطاق البيت، وهو ما يجعل من الجلوس بين جدرانه أمرا مملا. وهكذا فإن مصاحبة كتاب مميز في الفكر والنقد والإبداع، يجعلك تخرج من حيز البيت الضيق، نحو عوالم أرحب، تتجدد مع القراءة. على أن اختيار الكتاب هو عامل مهم وأساسي في عملية القراءة، حتى تكون الرحلة ممتعة مع الخيال والإبداع والسفر مع الحروف إلى آفاق أبعد. وبحلول شهر رمضان المبارك، شهر القرآن والغفران، يتطلب من المؤمن الحصيف، ان يستغل أوقاته في الجد والنشاط المفيد، منتقلا بين مناسك من العبادة المختلفة، مستشعرا لحظات الخشوع والتأمل خلال الشهر الفضيل. فمن صيام إلى قيام إلى تلاوة إلى صدقة وصلة... فضلا عن كونه مدعوا للتجول بالقراءةً الخاشعة في عرصات وحدائق الذكر الحكيم (القرآن الكريم). باعتبار القرآن سيد الكتب، وقد نزل على النبي محمد صلى الله عليه و سلم، في شهر رمضان. يقول الله تعالى جل قوله: ((شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ القرآن هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)) 8 . وكان صلى الله عليه وسلم يتدارس القرآن، مع الملك الأمين جبريل عليه السلام مرة كل رمضان. لذلك فعلى المؤمن الإكثار من قراءة القرآن في رمضان. ونشير إلى أن أول ما نزل من القرآن كلمة "اقرأ" وهو فعل أمر يفيد الإلزام.