نجوى عبد الله ياسين عبد الله 31/12/1972 عراق – الموصل شاعرة وإعلامية بكالوريوس آداب تربية تاريخ – جامعة الموصل 1995 ممارسة مهنة التدريس لعلوم الاجتماعيات لمدة 10 سنوات. العمل في مديرية النشاط المدرسي – شعبة الشؤون الأدبية محررة في مجلة التربية. محررة قسم الفنون في جريدة المسار. معدة ومقدمة برنامج فنانون في الغربة (15 حلقة تم عرضها في قناة الفيحاء الفضائية ) مراسلة مجلة الأسبوعية العراقية . العديد من المقالات التربوية والأدبية في الصحف والمجلات والمواقع الإلكترونية. العديد من القصائد في الصحف والمجلات والمواقع الالكترونية. مجموعة شعرية قيد الطبع بعنوان (لعاب الورد) مجموعة قصصية للأطفال قيد الطبع بعنوان (حكايات ماما نونو ) .............................................................................................................................. ارتدي نفسي .... ثياب القلب .... قميص السماء.... لاروزا إذا كان ثراء العمل الفني بالمضمون الجمالي ، فالشعر مكان تجدد الشاعر باستمرار نحو ذاته ويتم ذلك من خلال صيرورة الموقف ، الجو الجمالي في القصيدة ينبثق من مفردات وكلمات تعبيرية للنواحي الوجدانية والشاعر يكون في تلك الحالة مستعدا لتلقي الإلهام ليبدأ مشوار عمله الإبداعي . وهنا وجدت شاعرة عراقية ، ترتدي نفسها بثياب القلب ، وقميص السماء لتخرج لنا لاروزا جديدة هذا الجو في اعتقادي اعتبره عامل انعزال ، لان الشاعر اعتبره فيلسوفا في كلماته وصياغة تعبيراته والانعزال هنا بالجسد لا بالفكر ويبقي الخيال والفكرة والقيمة تؤثر في ذاته وتوجه عمله الفني ، من لحظات تحمل صور متغيرة. (( نجوى عبد الله)) لها مواقف في القصيدة يبدو إنها متلائمة في أنحاء مختلفة ، ولكن أريد الكشف عن المتلائم الفني الموجه باتجاه المتلقي وبالتاي احصل على مرحلة تتويج مهمة للشاعرة بالمستوى الثقافي والفني، عندما نقرا القصيدة للشاعرة (( وجدت نفسي)) لابد لنا من أن نضع نصب أعيننا ماهية المضمون ومن ثم الإمكانات والقدرات الفنية والمفردات الشعرية، ذات المضمون الجمالي ولا حاجة لنا بالتطرق إلى جوانب أخرى... لتقول: أرتدي نفسي كل يوم وأتنزه معها كالطفل كما الأم أقص عليها وهي تتمطى على فراش الألم كيف للحب لون كيف للشفاه مذاق للجسد أرجوحة روح للمصاطب تاريخ أتذكرين كم من المرات تناولنا رغيف الدموع في ذلك البيت الكبير ذي الأشجار الملكية رويدا كل على طريقته مرة على غطاء على جناح الأيدي مسافرين مرة على التلة مهرولين هنا كانت قبلة وهنا أيضا سرقها في نفس الزقاق الغريب لص الحنين يا ترى من يسرق الآن ؟؟!!.. أجد نفسي بعد القراءة مدعو إلى التساؤل هل يمكن أن يكون الشاعر على تماس بقصيدته الشعرية، لكي يوجه هذه المفردات في تلمسات فنية تعمل على نحو معين من خصوصية الشاعر ؟ وللإجابة تبتعد الشاعرة كثيرا عن تلك المضامين ، وعندما ترتدي نفسها تكون مع الذات ولم تكن مع مسيرة حياتها الاعتيادية ولابد أن يكون لها استعداد نفسي ومن ثم استعداد نفسي ، لتطلق مع الاثنين الصفة الفنية وعندها تكون أقوى استعدا وتتجاوز الذات لتذهب إلى المساس بالمصادر الجمالية أكثر وأكثر . يمكن لها أن تعد الإطار العام للقصيدة ولكن هناك مفردات لاتحتمل الجو العام مثل الانطلاقة الأولية لها، كونها ذات تأثير خاص في اعتقادي وبعض المفردات مثل:
أتذكرين كم من المرات تناولنا رغيف الدموع في ذلك البيت الكبير ذي الأشجار الملكية هذا الجو المتخصص بنحو الارتباط الوثيق ، بين نمط الحياة التي تحييها الشاعرة في بيئتها ونمط التعبير الذي تستخدمه في تلك المفردات أعلاه لم يكن هناك أي نوع من الاستجابة نحو المضمون الجمالي ، وهذا لا أقصد فيه المفردة الرومانسية وإنما اطلب العامل الذي يحرك موازين المفردة نفسها باتجاه التوغل في أعماق أكثر ولا تجعل الشاعرة تلك المفردات بموضع التناوب لتقترب من رومانسية الحدث ، ولا اطلب المقدرة على التعبير الانفعالي مثلما نقرا:
هنا كانت قبلة وهنا أيضا سرقها في نفس الزقاق الغريب لص الحنين وأريد أن أنبه ضمن التحليل النقدي وهو وجه تقويم وليس عامل تهديم أن القصيدة الشعرية هي موجودات ثابتة لايمكن تجاوز خطوطها الحمراء ، وكذلك موجودات متحركة تصدر بالفعل عنها عوامل الحوادث والانفعال ، وهنا لابد أن تكون الشاعرة في موضع إما التعبير عن العامل الذاتي وهذا ماوجدته كثيرا في قصيدتها أعلاه أو العامل المتحرك الذي وجدته كثيرا في قصيدتها (( ثياب القلب)) لتقول: ثياب القلب رحالة بلا صحراء يغادرون ودهشتي تلاحقهم ينسون أمتعة روحهم معلقة في خزانة فتياتهم عجبا عليهم يرحلون بصمت ويتركون ثياب القلب مبللة ... رحلوا ... بعيدا ....... أيها الإنسان سقطوا....بعيدا .. حينما ابحث عنك أجد نفسي نائمة في مخمل أميرة تبقى أنت سيد قوافل العشق .. هنا وجدت القصيدة في أمرين ، التعبير عن العامل الجمالي مرة والتعبير عن الكل مرة أخرى ، المفردة المتحركة هي وسيلة التعبير وتذكرني نجوى عبد الله كثيرا بالفنان الرسام العالمي (( ماتيس)) في لوحة (( بهجة الحياة)) التي وضع فيها المفردة الفنية في موضع الثابت المتحرك ويعطي وسيلة التعبير بخيال المبدع للمتلقي وكأنه يصور الحركة مثلما صورت الشاعرة حركة الصحراء بلا رمال . الاتجاه الذي تنطلق منه (( نجوى عبدا لله)) في تقديري لم يكن تجريبيا وإنما أراها دائما في لقطات فورية ولكن هنا ليست في لقاء صحفي كونها إعلامية إنها أمام مسؤولية القصيدة التي تحتفظ بإيحائية المعنى. وما شرت إليه في السابق إنا لست في موضع مقارنة مع القصائد وإنما في تحليل يقوم القصيدة الشعرية فهي في طبيعتها تتحرك مثلما يتحرك الجسد في الموسيقى والفنان في فرشاة الألوان والنحات والخزاف في ليونة الطين، وانطلق في قصيدة أخرى لأجد تباعد ارتباطات الجزئي بالكل وهذا ليس بالشيء السلبي وإنما اذهب بخيالات تمتد المفردات بإبداع وتذوق كان كافيا للتعبير عن الحركة عندها، وعندما تقرأ الأبيات يستحضر إلى ذهن المتلقي الحركة الدائبة المستمرة وهذا هو المطلوب لتقول:
* * * قميص السماء تهرول العربات مسرعة غير ملتفتة آخِذة برُكّابها مكتوفي الأيدي إلى حيث يقولون: لا .. لا .. لا لكل شيء تاركين وردة في أوَّل رصيف نسمة لحبيبةٍ متأخرةٍ في ضجيج الزمان والمكان ونسمة أخرى ترميها أمٌّ على خاتمتي .. * * * هنيئاً لكم بأوراقي أرموها بلطف على أوَّل رفّ .. * * * بقميصي ألسمائي أكون معكم تشاطرون المقهى كل شيء ألْتَصِق بكم .. رويدا .. رويدا .. حتى أذوب .. * * * لا تلعنوا ضبابي لو زار ثرثراتكم
في هذه القصيدة بدأنا ندرك العامل الجمالي ، ولأنه مرتبط بالوجدان ذاتا وجسدا كما ونوعا وجدت الشاعرة ترتبط بوجود مشخص من أصل تجربتها الجمالية ، وبمفرداتها الكلامية تعودنا أن نقول إنها لاتعمل بمعزل عن قوة الذهن مرة وقوة التفكير مرة أخرى، والوجدانية في المفردة الشعرية هي قوامها الموضوع في كل أحوالها ، والتجربة الجمالية لكي تتحقق عند (( نجوى عبد الله)) لابد لها من تقديم لنا الموجود ومظاهره الفاعلة في الإحساس بالجمال على اقل تقدير، والقصيدة أعلاه متأخرة بالضجيج والمكان كما تقول ولكنها بارعة في فصل الموجودات الجزئية عن قاعها الذاتي وفصل الصفة التعبيرية التي جردتها من وجود قيمة الجمال ، هذا في اعتقادي تذبذب سليم متحقق من خلال الموجودات المستندة على صفات المفردة وكذلك الذهاب إلى الحواس التي أخذت تلقط المظاهر الجمالية ، وهنا تحققت نقلة في قصائد الشاعرة هو تشخيص الموجود الجزئي إلى قيمة الجمال المجردة. وكانت كلماتها عفوية دخلت بالمضمون الأكثر تقويما وابداعابالنسبة إلى المتلقي وعندما تقول:
بقميصي ألسمائي أكون معكم تشاطرون المقهى كل شيء ألْتَصِق بكم .. رويدا .. رويدا .. حتى أذوب ومن هنا كان الشعر من الفنون التي تأخذ بمنظار القيم وقد يتوجها الجمال ، في مرات عدة ولكن الإبداع الفني المتحقق يتشبث بحرية الخيال وبحتميات الجمال وأحاسيسه ومن هذا المنطلق وجدت (( نجوى عبد الله))تستند في هذه القصيدة إلى ثلاثة أشياء (( الذات، الحرية، الجمال)) لتقول: لاروزا قدمان .. قدمان عتيقتان أين أضعهما ! مظلتي ترتجف مطر حارق ساكنة في هيكل إنسان سرقوا ما تبقى لي تركوا سيكارة، قدح شاي وحبتان مهدئتان نزهة على مصاطب لها حكايا معي عندما تذهب قدماي إلى لاروزا تغفو الأضواء صوت المطر يردد اسمك فقط عناوين بلا جدران طرقات بلا عطور غادرني الفراش لتسكعٍ آخر .. ولنقول ضمن التحليل العلمي (( الذات)) هي الحركة التي تمد الصور المختلفة وتتيح فرصة لإظهار العامل الجمالي من القصيدة نفسها ((قدمان .. قدمان عتيقتان أين أضعهما ! مظلتي ترتجف مطر حارق)) أما (( الحرية)) هي مانراه من صور ولان الجمال هو القيمة العليا التي يتطلع إليها الشاعر في قصائده بصورتها العامة وكذلك لابد من تحقيق الفعل الإبداعي بمستواه العالي فالحرية هو نوع من التطرق إلى مضامين اعتمدتها الشاعرة من خلال التذوق الكلامي المعبر عن جمالية القصيدة، لتحقق بذلك الذات وفهم الحرية وصولا إلى المضمون الجمالي ، ولتقول غادرني الفراش ولكن دون تسكع لعدم حاجتي إليه.......