بسم الله الرحمان الرحيم الباحث عمر لمغيبشي يوقف هيمنة مؤرخي الأقلية على تاريخ اليهود ويجعل تاريخها جزء من تاريخ المغرب. مقدمة في كتاب عن يهود تطوان ( 1492 م – 1900 م) : دارسة في التاريخ والتحولات. محاور الدراسة 1- مقدمة 2- الكتاب أوقف هيمنة مؤرخ الأقلية على تاريخ الأقلية اليهودية 3- الحضور اليهودي في التاريخ المغربي 4- تطوان قدس صغيرة كثيرة الأحبار 5- نحو مشروع مغربي لدراسة الأقلية اليهودية 6- خاتمة 1- مقدمة لم تعد الكتابة التاريخية في العقود الأخيرة حول يهود المغرب حكرا على الطائفة اليهودية، بل شهدت بروزا لافتا للباحثين المغاربة الذين عالجوا موضوع يهود المغرب من زوايا تاريخية واجتماعية وسياسية… ومن الكتب الأخيرة التي ازدانت بها المكتبة المغربية، الكتاب الموسوم بيهود تطوان ( 1492 م – 1900 م): دارسة في التاريخ والتحولات للباحث الدكتور عمر لمغيبشي أستاذ التعليم العالي بجامعة الحسن الثاني. ويطرح موضوع تناول يهود المغرب مدى درجة الحياد التي يمكن أن يتحلى بها الدارس لضمان الموضوعية، من أجل تفادي إقحام الانفعالات الدينية في الدراسات، التي يفترض أن تظل أكاديمية في شكلها وجوهرها. ولهذا وجب على الباحث أن يلتزم الحياد وتفادي الانزلاق ولو بحد أدنى وراء الأحكام المسبقة السائدة، في موضوع متشعب يتعلق بالأقليات الدينية بشكل عام، وبجماعات لها وضع خاص في البلدان الإسلامية. 2- الكتاب أوقف هيمنة مؤرخي الأقلية على تاريخ الأقلية اليهودية يعتبر الكتاب باكورة عمل المؤلف، بدأ العمل به منذ سنة 2002، وقد أخذ منه الموضوع خمسة عشر سنة من العمل ولم ينته إلا في سنة 2016. فهو في أصله بحث لنيل شهادة الدكتوراه من جامعة بن طفيل، غير أن الباحث طور بعض فصوله بالزيادة والنقصان من خلال إدراج بعض التحولات في مقدمة كتابه، بحسب ما توفر له من الوثائق حصل عليها بعد انتهاء عمله. كما طرأ عليه تغيير فيما يخص الفترة الزمنية، حيث تحول العنوان من يهود تطوان في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، إلى استعراض للحياة الاجتماعية والاقتصادية والاجتماعية ليهود تطوان من 1492 إلى سنة 1900 . وتكمن أهمية الكتاب في الفترة الزمنية الطويلة التي تناهز الأربعة قرون من البحث والتنقيب، حيث أتاحت للمؤلف رصد وتتبع التحولات البنيوية والتغيرات التي طرأت على المستوى الثقافي والاجتماعي والاقتصادي، خصوصا ما ارتبط بالذهنيات. وهي تغيرات تكاد تكون مماثلة، على حد تعبير الدكتور اسماعيل شارية (عضو مؤسسة محمد داود للتاريخ والثقافة بتطوان)، والباحث في التراث المغربي خلال حفل تقديم الكتاب نظمته مكتبة الحكمة بتطوان، بسبب ما طرا على نظرائهم في الدين اليهودي في جهات أخرى من المغرب. فالفترة التي سلط عليها الكاتب البحث هي فترة دقيقة من حياة يهود تطوان، ابتداء من فترة الطرد التي مارسته السلطات الإسبانية في حق اليهود والمسلمين. ويعتبر الكتاب دراسة قطاعية متميزة أوقفت هيمنة مؤرخ الأقلية على تاريخ الأقلية اليهودية وجعل تاريخها جزء من تاريخ المغرب ومسؤولية مؤرخ الأكثرية، حتى استطاع التفوق في جانب لا يستطيع مؤرخ الأقلية تناوله، وهو استثمار الوثيقة العربية والمصدر العربي. وهذا ما يعدمه المؤرخ اليهودي حين تناوله لقضاياه ضمن المساحة الكلية لتاريخ المغرب. فقد تمكن الدكتور لمغيبشي من تجاوز تموقع المؤرخ اليهودي على ذاته، واستطاع أن يقفز على تاريخ التباكي، كما تكتب سارة ليبوفيتشي في كتابها حول اليهود بتطوان الصادر منذ ما يقرب أربعين سنة . لكن تبقى الإشارة واضحة في الهيمنة اليهودية على المضمون في كتابة التاريخ المغربي، فمن بين ما كتب حول الموضوع، يحتل اليهود المغاربة ستين في المائة من حجم الكتابة، وهم يهود عاشوا في المغرب، ثم انتقلوا إلى فلسطين أو إلى أوربا، ومن بينهم أرمون ليفي وحاييم زعفراني وروبر الصراف … ونظرا لأهمية الكتاب يصف جعفر بن الحاج السلمي أستاذ الأدب والفكر والتراث المغربي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة عبد الملك السعدي خلال تقديم الكتاب بمكتبة بيت الحكمة، بأنه رائد باعتباره دراسة أطروحية شاملة عن يهود تطوان، ونفيسا لأنه يفتح للباحثين أبوابا لم تكن مفتوحة من قبل لعموم المؤرخين. كما يندرج الكتاب في إطار الندرة، لأنه ليس من السهل وجود دراسة من هذا المستوى المغربي، فبقدر ما يجيب عن الأسئلة يثير إشكالات أخرى، ومنها بداية التأريخ لوجود يهود تطوان، ولغز احتفاظهم باللغة الإسبانية القديمة، فالأسئلة تحوم حول الجهة التي تحدرت منها، هل من قشتالة في القرن الرابع عشر أو من مدينة غرناطة؟ وهل كان الغرناطيون اليهود يتكلمون القشتالية… ويثير الكتاب بعض الإشكالات من جديد ومنها، ما يستخلص من مفاهيم كانصهار اليهود مع المسلمين بتطوان، الشيء الذي يثير الكثير من التساؤلات، منها: هل كان اليهود منصهرين أم متجذرين ومساكنين للمسلمين؟ ويستنتج من احتفاظ اليهود باللغة الإسبانية القديمة ضعف الانصهار مع الآخر، كما يستشف غيابه، نظرا لغياب التزاوج مع المسلمين، كما أن حالات انتقال اليهود إلى الإسلام اعتبرت نادرة لأن الأقلية كانت متقوقعة، رغم العلاقة التجارية الواسعة مع الأغلبية المسلمة، ومن ثم فمفهوم الانصهار لم يكن حاضرا بين الجانبين. 3- الحضور اليهودي في التاريخ المغربي الراجح أنه لا يمكن فهم التاريخ الإسلامي إلا إذا فهم التاريخ اليهودي. هذا ما كشف عنه الدكتور جعفر بن الحاج السلمي خلال نفس اللقاء. لأن التاريخ الإسلامي واليهودي متربطان بشكل وثيق، خصوصا على مستوى السيرة النبوية التي ارتبطت منذ ولادة الإسلام بالحضور اليهودي البارز. ومن ثم لا يمكن إغفال حقيقة الإسرائيليات التي تسربت إلى تفسير القرآن الكريم وأثرت في بعض التفاسير. إن حضور اليهود وتجذره في البيئة المغربية ظهر منذ العهد الفينيقي في المغرب الإسلامي وعموم الغرب الإسلامي. كما أن حضورهم القوي عمل على نشر الأفكار التوحيدية، وأسهم في انتشار الإسلام بالدعوة. ومن المعلوم تاريخيا أن الجالية اليهودية في المغرب تهودت ولم تنتمي لسلالة بني اسرائيل؛ أي أنها تتحدر من القبائل الأمازيغية المتهودة ولم تكن من القبائل الاثنا عشر بسبب قلتها. وينقسم يهود المغرب إلى اليهود الأصليين الطوشابيم، وأكثرهم من أصول أمازيغية خالصة، واليهود المهاجرين الميكوراشيم وهم يهود الأندلس الذي هاجروا إلى المغرب والمعروفين بالسيفارديم. وخلال رصد العلاقة بين اليهود والمسلمين، في العصر الوسيط والحديث، تبرز خاصية التفاعل والتساكن في أغلب الأحيان بين اليهود والمسلمين، مما جعلهم يتخالطون ويتجاورون ويتضامنون، لكن أحيانا يحدث الصراع بينهم، وشيء من القهر الذي لا يمكن نكرانه أو التغاضي عنه. وقد خلف الحضور اليهودي بالمغرب إرثا ثقافيا غنيا يعود إلى الفترة الإدريسية، على الرغم من كون المغاربة المسلمين لا يتوفرون على معطيات كافية حول اليهود في تلك الفترة. فأقدم الكتب الإدريسية تعود إلى القرن الخامس الهجري، لأن المغاربة أضاعوا تراثهم الإدريسي، في حين قدمت الطائفة اليهودية للمكتبة المغربية الكثير من الوثائق التاريخية المهمة، وهذه المساهمة اليهودية مقتصرة على أهلها فقط. وينفي الدكتور جعفر بن الحاج السلمي وجود إكراه في الدين في تاريخ المغرب، إلا ما ندر من الحالات. كما حدث في العصر الموحدي، وهو ما يدعو إلى تسجيلها وعدم إنكارها، والقفز عليها تاريخيا. ويحث على عدم إخفاء الأحداث السلبية أو التهوين في إنكارها. كما يؤكد على الابتعاد عن الخجل من التاريخ لأنه صناعة بشرية. ومن ثم وجب فهم ما حدث في الماضي ووضعه في سياقه التاريخي حتى يلمس له المعاذير والمصوغات. فكثير من الباحثين يتبرأون من الحضور اليهودي البارز في تاريخ المغرب، أو مصارعة الماضي و النظر إليه بتشنج وبعصبية أو بضيق الصدر، على الرغم من وجود الكثير من العائلات المغربية المسلمة التي يعود أصلها إلى اليهودية. وفضلا عن وجود مشكل تاريخي مؤرق لمسألة الأقلية الدينية اليهودية بالمغرب، هناك مشكل آخر مرتبط باللغة، يظهر ذلك في اللغة الإسبانية المتداولة بين يهود تطوان ، وكتابة تراثهم بالعبرية القديمة وباللغة الإسبانية القديمة التي لا يتقنها حتى الإسبانيين أنفسهم. ومن ثم لا يمكن لأي باحث أن يقرأ عبرية القرن السادس عشر والسابع عشر، ولهذا فتكوين الباحث في هذا المجال يحتاج إلى وقت وجهد وإرادة. وصفوة القول أن المنجز في تاريخ يهود المغرب على المستوى الوطني قد بدأ مع الباحث جرمان عياش. وهو من تنبأ بضرورة البحث عن الرافد اليهودي لكونه مكونا لا غنا عنه. كما يعود الفضل كذلك للباحث محمد كنبيب، الذي تعرضت كتاباته باللغة الفرنسية للعديد من المواضيع المرتبطة بهذا المكون. وهو ما فتح الباب على مصراعيه لبروز باحثين مغاربة آخرين، الذين تعرضوا بالدراسة والتحليل للعديد من القضايا المرتبطة بالجانب الأنتربولوجي والاجتماعي والاقتصادي والسياسي. 4- تطوان قدس صغيرة كثيرة الأحبار اشتغل الباحث عمر لمغيبشي على مشروع مدينة كبيرة ذات خصائص أندلسية وأمازيغية وعربية ويهودية لها علاقة وطيدة بالعالم الخارجي. غير أن عددا من الباحثين سبقوه إلى رصد تاريخ اليهود بتطوان، ومن أبرزهم الدكتور جعفر بن الحاج السلمي الذي يعد من الباحثين الأوائل في التراث اليهودي بالمغرب، سواء تعلق الأمر بتحقيقه للموسوعة التاريخية عمدة الراوين في تاريخ تطاوين للفقيه أبي العباس أحمد الرهوني، أو مما أنجزه من دراسات مستقلة حول هذا الموضوع. وقد تنبه المؤلف في إطار إعداده وبحثه إلى غياب الدراسات في تاريخ طائفة يهود تطوان، باستثناء ما كتبه الدكتور عبد العزيز شهبر أستاذ التراث العبري بجامعة عبد الملك السعدي، وبعض الكتابات الإسبانية ككتابات خوان باوطيستا فيلار وكارسون، وكتاب سارة ليبوفيتشي المذكور سابقا باللغة الفرنسية. إن اهتمام الباحث لمغيبشي وغيره بيهود تطوان، ينطلق من كون تطوان توصف بكثرة الأحبار والكتبة، مما جلعها تنعت بأورشليم الصغيرة في الكتابات العبرية. وتلك أوصاف لها دلالة في تاريخ يهود المغرب بحسب الدكتور عبد العزيز شهبر، الذي يصفها بأنها : “قدس صغيرة، كثيرة البيع والأحبار والكتبة والتلاميذ والحاخامات، وتضم الكثير من المكتبات والمقابر وكل ما من شأنه أن يحقق للطائفة تاريخها، ويضمن لها إمكانية الفعل في هذا التاريخ”. وتشير المصادر التاريخية أن العديد من الأسر اليهودية التي تتحدر من تطوان عبرت إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية ودول أمريكا الجنوبية، فأسسوا طوائف في مختلف الدول العالم الجديد. وقد أدرجت الباحثة حسناء داود في كتابها “عائلات تطوان” فصلا عن عائلات يهود تطوان، وهي تزيد عن مائة واثنين وعشرين عائلة. وعموما، فالكتابات التي تناولت موضوع يهود تطوان انقسمت إلى قسمين. وهي فترة فاصلة مهيمنة تتعلق بالقرن الثامن عشر والتاسع عشر والعشرين، لكن الفترات السابقة لم تتحدث عنها إلا فئة قليلة، ولا توجد إلا شذرات مبتسرة جدا عن ذلك. والمتصفح لكتاب يهود تطوان موضوع تقديم هذا الكتاب، يجد محاولات بارزة للمؤلف لاستحضار كل الكتابات الغربية التي ناقشت موضوع يهود تطوان، ومنها الكتابات الأولى المؤرخة لقدوم سيدي المنظري من الأندلس. ولكن ذلك لا ينفي الوجود اليهودي المبكر بتطوان ، كما يشير إلى ذلك التأريخ اليهودي بسبتة قبل 1415م السنة التي احتلت فيها المدينة من طرف البرتغال. وفي هذا السياق ينقل المؤلف عن كتاب يهود سبتة الذي ترجمه الدكتور محمد الشريف لمؤلفه الباحث كرافيوطو، أن يهود سبتة بعد احتلالها من طرف البرتغال انتقلوا للعيش في تطوان، وذلك خلال الفترة التي كان يحكمها الوطاسيون، الذين شجعوا الاستيطان بمدينة تطوان وشفشاون. 5- نحو مشروع مغربي لدراسة الأقلية الدينية اليهودية يرى الكثير من الباحثين أنه لا يوجد مشروع وطني لدراسة الأقلية الدينية اليهودية بالمغرب، ولا يتوفر على مراكز بحثية بالجامعات المغربية، عدا ما كان موجودا بكلية الآداب بالرباط. وبالتالي، فإن أغلب الدراسات تظل عبارة عن أعمال شخصية تنطلق من دافع الفضول والبحث العلمي في مدينة أو في مجال بحثي معين. وقد آن الأوان أن يكون للمغرب معاهد أو مراكز للبحث في التراث اليهودي المغربي. فالمغرب في حاجة ماسة إلى مؤرخين للأقليات الدينية وإلى متخصصين في الأنثروبولوجية وعلم الأديان وإلى باحثين متمكنين من اللغة العبرية. ومما ينبغي التنبيه إليه أن الباحثين خلال القرون الأربعة الأخيرة يتجهون لدراسة يهود الأندلس والمغرب خلال فترتي التاريخ الوسيط والمعاصر، لكنهم يخشون دراسة هذا الموضوع خلال الفترة الممتدة من تاريخ احتلال المغرب إلى الفترة الحالية، الشيء الذي يجعل هذه الدراسة قطاعية وتجزيئية. وهذا في نظرنا ما يدعو إلى بلورة تلك الدراسات في إطار مشروع وطني لفهم التاريخ اليهودي المغربي ودراسته بشكل شامل وفق تركيبة شاملة وليس جزئية فقط. وهناك مشكلة أخرى تعاني منها الدراسات في هذا الموضوع، وتتعلق بالتخوف الذي يحس به جل الباحثين بالنظر إلى حساسية الموضوع، خاصة على المستوى السياسي. وهذه مشكلة المؤرخ المغربي المسلم، فيترك الفرصة بالمقابل للمؤرخ الغربي أو المنتمي إلى الأقلية الدينية للاستعطاف، فينشئ إيدولوجية مليئة بالتباكي تضخم مأساة اليهود، وتزعم أنها الوحيدة التي عانت المآسي. مما يستنتج أن كتابة التاريخ تجانب الموضوعية في هذا الجانب المثخن بالتباكي عند الأقلية اليهودية، وقد نبه إلى ذلك الباحث عمر لمغيبشي. لقد آن الأوان أن تقوم الأكثرية بكتابة تاريخ الأقلية، والحد من التلوين العاطفي والتباكي، والتخلص من الرؤية الاستعمارية وشبه الاستعمارية التي ما فتئت تكرسها الكتابات الكولونيالية وبعض الأقلام اليهودية. وتقترن أيضا مشكلة الكتابة في الموضوع بإقدام المؤلف على الخوض في ذلك. فالنظرة العامة للمشتغل في هذه الدراسات، تحيطه باتهامات عديدة قد تدينه، وهو ما يحس به ويعبر عنه المؤلف بمرارة في مقدمة الكتاب. فتناسل الأسئلة حول علاقة المؤلف بهذا الطرف أو ذاك، يؤكد غياب الظروف المتاحة للبحث العلمي رغم الضرورة التي تستدعي الخوض في موضوع مهم في تاريخ العلاقة بين المسلمين واليهود الذين تربطهم علاقة قوية شبهها الدكتور جعفر الحاج السلمي ” بعلاقة الجن بالإنس يرونكم من حيث لا ترونه يدرسوننا؛ يلجئون إلى أعماقنا، في حين نكتفي بجهلنا وبعجزنا وبخمولنا ونحن في غاية الفرح والسعادة” . وعموما، فإن هذا الكتاب يندرج في إطار ما يعرف بالمونوغرافية التاريخية، وهو مقدمة لمجموعة من الكتب التي سيصدرها الباحث عن تاريخ اليهود لعدة مدن مغربية. ولكن السؤال الذي يلقي بظلاله على كل قارئ، هو إمكانية مواصلة الكاتب بحثة خلال القرن العشرين، رهان وعد الباحث بأن يخصص له بحثا مستقبلا عن تلك الفترة وإن كان فيها من التجني والصعوبة التي تعترض أي باحث. ومن المتوقع يقول المؤلف لمغيبشي أن المقترح سيظل قائما في القادم من الأيام. حيث يكتسي أهمية كبيرة في المشروع الفكري للمؤلف، لأنه يعد نقطة في سلسلة من الأبحاث التاريخية يعتزم الباحث إنجازها. وهذا ما تشير إليه مقدمة الكتاب بإقدامه على دراسة يهود سبتة والقصر الكبير وطنجة .. 6- خاتمة كتاب يهود تطوان: ( 1492 م – 1900 م) : دارسة في التاريخ والتحولات يفتح أبوابا للدارسين في تاريخ اليهود بالمغرب، فهو غني وثمين وقيم لأنه يطرح إشكالات يحاول الإجابة عنها، ثم يرصد واقعا تاريخيا معقدا وتحولات عميقة لمدة أربعة قرون، ويخلص الباحث في هذا الكتاب من خلال الوثائق التي يستعرضها، خاصة وثائق وأرشيفات “المكتبة العامة والمحفوظات بتطوان” ووثائق “الاتحاد الإسرائيلي العالمي”، إلى وضعها في سياقها العام دون تهوين أو تضخيم، اعتمادا على فهم مختلف الظواهر التاريخية وبعيدا عن أي انحياز أو تموقع، سواء تعلق الأمر بالأحداث أو بعادات وتقاليد هذه الطائفة التي تختلف عن عادات باقي الطوائف اليهودية المغربية. وتلك الخاصية تجعل المؤلف يزاحم الكتاب اليهود الذين أرخوا لتاريخهم بالمغرب.