وسط كآبة الحياة وليلها الموحش، والأرض تترنح بين الظلمات : ظلمة الالحاد، وظلمة الضلال ، وظلمة الفكر والقلب….. ولد رسول الله صلي الله عليه وسلم ، وكان مولده مولد الهدي ونور الإيمان والصلاح مما أثمر إشراقة النور في الحياة.. نور الحق والرحمة .. نورا يخرج الإنسان من ظلمات الجهل وظلام الشرك. ” جاء رسول الله صلي الله عليه وسلم رحمة للعالمين “ جاء استجابة لدعوة إبراهيم خليل الله ، وتصديقا لبشري عيسي روح الله وكلمته. يصلي عليه الله عز وجل رحمة وبركة.. ويصلي عليه الملائكة ثناء واستغفارا.. ويصلي عليه المؤمنون تكريما وتعظيما. قال الله تعالي: ” إن الله وملائكته يصلون علي النبي ( عليه أفضل الصلاة و السلام ) ” يأيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما “(الأحزاب:56) يحتفل المسلمون بمولد رسول الله صلي الله عليه وسلم ، وتتفاوت درجات الاحتفال:- – فمنهم من يحيي يوم مولده بذكر الله وتلاوة القرآن الكريم والصلاة والسلام عليه.. صلاة مصحوبة بالخشوع والحب والرجاء. – ومنهم من يحتفل به بصنع الطعام والحلوي وتقديم الطعام للآخرين – ومنهم من يقبل في هذا اليوم علي أعمال تنطوي علي الشرك الخفي كالإستغاثة برسول الله صلي الله عليه وسلم وندائه والاستنصار به – ومنهم من يقدم علي اجتماع مشتملا علي محرمات ومنكرا ولا شك ان أفضل هؤلاء من يحيي هذا اليوم الكريم بذكر الله، وتلاوة القرآن الكريم، والاستغفار, والصلاة والسلام علي رسول الله صلي الله عليه وسلم. ومن يحب رسول الله يحرص علي متابعة إتباع سنته واحياؤها.. ليس في هذا اليوم فقط وإنما خلال لحظات وأيام العمر.. يحييها قولا وفعلا، خلقا وسلوكا حتي يحظي برضا الله فينال مكانا مع رسول الله والنبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا. وبدلا من الانشغال والانغماس في صنع الحلوي وعرائس المولد في ذلك اليوم.. علينا ان نذكر ونتذكر شمائل رسول الله صلي الله عليه وسلم من أخلاقه، وصفاته، وصبره، وشجاعته، وجوده، وتواضعه ورحمته وزهده. فإن الذكري تنفع المؤمنين ونسأل انفسنا:- ما هو واجبنا اليوم ..؟ ما الذي يجب ان نفعله تكريما لرسول الله صلي الله عليه وسلم كي يرضي عنا ويظلنا الله برحمته ولمسات حنانه وعفوه ؟ إن للرسول عليه الصلاة والسلام حقوقا وواجبات اذا أداها المسلم نفعه الله بها، وأسعده بشفاعته. فاذا كنت محبا لرسول الله صلي الله عليه وسلم فتخلق بأخلاقه، وتأسي بأسوته الحسنة ومن ذلك:- طاعته واتباع كل ما أمر به ونهي عنه، ترك الفاحشة، دفع السيئة بالحسنة، عدم التقصير في الواجب، عدم بخس حق الغير، العمل ومشاركة الآخرين وإدخال السرور إلي نفوسهم، التحلي بالصدق والرحمة والعفو والتعاون والتسامح والخلق الحسن والمظهر الطيب. كن نموذجا للإنسان الصالح الذي يفعل ما يقول، ويسلك ما في داخله .. القيم منهجه في الحياة، والأخلاق شمعة وسراجا منيرا تضيء له الطريق. ولنسأل انفسنا: – أين نحن من أخلاقيات وصبر وسلوكيات وجهاد رسول الله صلي الله عليه وسلم ..؟ هل تعلمناها واستفدنا منها؟ أين نحن منها ؟ وكل يوم يمضي نتمني الأذي للآخرين أين نحن منها؟ وجرائم الإرهاب تطعن السيوف في قلوب الأبرياء والأطفال. أين نحن من ذلك.. وأيدي القاسية قلوبهم تدمر مراكز إسلامية بنيت لأجل تقديم العلم والمعرفة وخير المجتمع. أين نحن من ذلك ؟ والإرهاب يدمر جمال هذا الزمان فلنجعل من يوم مولد رسول الله صلي الله عليه وسلم وقفة تأمل ممتزجة بالعلم والعمل تعيد الإنسان إلي فطرته السليمة، إلي نقاءه، إلي منهج رسول الله صلي الله عليه وسلم الذي جاء ليعيد بناء النفس من الداخل لتكوين أفرادا ذوي مباديء وقيم إنسانية نبيلة. في يوم مولدك يارسول الله .. سلام جمال وصلاة جلال عليك أيها النبي الكريم.. سلام إليك عبر الأثير تحمله إليك نبضات حبنا مصحوبة بأعمال صالحات .. ندعو الله ان يتقبلها ويمنحنا نور البصيرة حتي نزداد نورا وهدي في يوم مولد الهدي.