من حدائق الشعر “بعين أسردون” الى حديقة “الأمير الشاعر”: اختارت دار الشعر بمراكش، وضمن انفتاح الشعر على الفضاءات العمومية، حديقة “عرصة مولاي عبد السلام” والتي تقع بقلب مدينة مراكش. فبعد تجربة أولية أطلقتها الدار الشهر الماضي، بعين أسردون، استضافت حديقة “عرصة مولاي عبدالسلام” فقرة “أصوات معاصرة”، ضمن الاحتفاء بالتجارب الشعرية الجديدة بالمغرب، وأيضا تتويجا لفقرات الفصل الثالث من البرنامج الشعري لدار الشعر بمراكش. البرنامج الذي شهد خلال موسم حافل، إطلاق العديد من المبادرات، ضمن استراتيجية محكمة انفتحت على التجارب والحساسيات الشعرية المغربية. “نوافذ شعرية” و”تجارب شعرية” وأصوات معاصرة” و”أصوات نسائية” و”ضفاف شعرية” و”لكلام المرصع” و”مؤانسات شعرية رمضانية” و”حدائق الشعر” (بعين أسردون، وعرصة مولاي عبدالسلام)، و”خيمة الشعر بالداخلة”، ندوات وورشات للشباب والأطفال.. هي بعض من أبواب دار الشعر بمراكش والتي احتفت من خلالها برموز الحركة الشعرية المغربية (فصيحا، وزجلا، وأمازيغية، وحسانية). فمنذ تأسيس الدار في مراكش بتاريخ 16 شتنبر 2017، وهي تواصل ترسيخ تداول الشعر بين جمهوره وقرائه ومريديه، لتشكل اليوم جسرا لسفر شعري بين الشمال والجنوب.
“الشعر في المآثر التاريخية”: شعر وكوريغرافيا وموسيقى: شكلت فقرة “أصوات معاصرة”، والتي نظمتها دار الشعر بمراكش السبت 14 يوليوز الجاري، محطة جديدة لانتقال الشعر الى الفضاءات المفتوحة، وهذه المرة كانت حديقة مولاي عبدالسلام التاريخية الفريدة، مكانا أثيريا لاستضافة شعراء الألفية الجديدة.نزار كربوط ويوسف الأزرق وفاطمة حاسي وعتيقة بنزيدان، هم من خطوا ديوان أصوات معاصرة، والتي اختارت، من خلاله، دار الشعر بمراكش أن تنفتح على منجز شعري أضحى اليوم رهان ومستقبل القصيدة المغربية. وشهد هذا اللقاء، الى جانب القراءات الشعرية، تقديم مقاطع شعرية/ممسرحة، حيث استطاع المسرحي الفنان فيصل كمرات أن يملأ مجازات واستعارات النص الشعري من خلال أداء كوريغرافي، في حوار شعري-مسرحي خلاق، كما شارك كل من الفنان محمد العمراني والفنانة وصال حاتمي، في وصلات غنائية تمتح من التراث الموسيقي المغربي والعربي، لتتحول ليلة أصوات معاصرة الى حوار شعري كوريغرافي وموسيقي. شعراء الألفية الجديدة: وجع الذات وبوح المرأة الشاعر نزار كربوط أحد شعراء الحساسية الجديدة في المغرب، منذ صدور ديوانه “رماد عاشق” وقصيدته تنفتح على أفق قصيدة النثر المشبعة بمجازات الوجود، شاعر بارع في الرقص على اللغة وعلى صورها الأثيرية.. لذلك يطلب منا: “كن شاعرا بقدر ما استطعت من حمق حرام أن تترك القصيدة للعاقلين فقط” واختار الشاعر يوسف الأزرق، صاحب “أن تذبل الوردة في كفك”، أن يتحلل في القصيدة، شاعر أمسى اليوم يفتح أفقا خصبا للقصيدة المعاصرة في المغرب، لذلك اختار العبور “الى نفسه”: “أنا العابر في تلك الساحة الفارغة/ يقضمني سور آيل للدمار أجري بأقدام شوهها الحريق/ نحو الميناء الغريب مثلي” وتركن الشاعرة فاطمة حاسي الى زاوية خاصة من خلال قصيدة توغل في الذات والواقع، لكنها تواصل ما أسسته في أول الخطو “كنت قصيدتي التي لم تكتمل”، فيما اختارت أن تصرخ بصوتها أمام العالم: “سأصرخ عاليا/ ومن ثقب إبرة/ سأرشق العالم بالقصائد / والقهقهات!” وحضرت الشاعرة عتيقة بنزيدان من ديدن الأدب بلغتين وعالمين، كي تجعل من الشعر معبرا لرؤاها الذاتية.لكنها اختارت أن تقرأ من قصائدها، ما يحتفي بصوت المرأة الشاعرة في مواجهة “جحود شهريار”، فبالنسبة إليها:”لم يعد الحلم إلا شبحا” “أصوات معاصرة”، نافذة شعرية فتحتها دار الشعر بمراكش على المنجز الشعري الجديد، منجز ينفتح على المستقبل ويسهم في ترسيخ أفق القصيدة المغربية. واختارت الدار فضاء حديقة “عرصة مولاي عبدالسلام”، والتي تتواجد وسط مدينة مراكش وتجر ورائها ثلاثة قرون من الوجود، بحمولتها الميتولوجية والتاريخية، كي يكون الشعر في ضيافة المآثر التاريخية، إيمانا بدور الشعر في إعطائها مسحة الوجود الحقيقية.