لم تتوج تظاهرة «الشعر في الشواطئ والمخيمات»، في دورتها الأولى والتي نظمتها دار الشعر بمراكش بتنسيق وتعاون مع عمالة إقليمسيدي إفني والمديرية الجهوية لوزارة الثقافة والاتصال جهة كلميم واد نون أيام 10، 11، 12 غشت الجاري، البرنامج السنوي للدار، بقدر ما شكلت ترجمة فعلية لاستراتيجية جعل الظاهرة الشعرية داخل النسيج المجتمعي ومكونا للتحفيز على التنشئة الاجتماعية. مبادرة تظاهرة «الشعر في الشواطئ والمخيمات»، والتي نظمتها دار الشعر بمراكش بشاطئ سيدي إفنيجنوب المغرب. تأتي تتويجا لاستراتيجية الدار في الانفتاح على الفضاءات العمومية، والتي انطلقت من حدائق الشعر بعين أسردون إلى خيمة الشعر الحساني بالداخلة والشعر بالفضاءات التاريخية «حديقة مولاي عبدالسلام». على امتداد ثلاث أيام عاش جمهور سيدي إفني، على وقع فعاليات دار الشعر بمراكش. إذ انفتحت المكتبة الشاطئية، مكتبة الشعر المغربي، أمام روادها التي شهدت زيارات منتظمة لفئات مختلفة، من الأطفال إلى فئات وشرائح اجتماعية متعددة، بما فيهم رواد الشاطئ من مختلف جهات المغرب. وحط الفنان عبد الغني العلوي منحوتة «قصيدة من رمال»، تعبيرا على الأثر الشعري البليغ ورسالة الشعر وقيمه. كما استفاد الأطفال واليافعون والشباب من ورشة الشعر الممسرح، والتي امتدت ثلاثة أيام من تأطير الأستاذين عبد اللطيف الصافي وقمر أعراس، وقد توجت بتقديم لوحة «أغنية سلام» ضمن فعاليات اليوم الاختتامي. من «قصائد البحر» إلى «مجمع الكلام»: شهدت قاعة الأفراح المطلة على البحر، يوم الجمعة 10 غشت، تنظيم أولى أماسي الشعر، ضمن فقرة «قصائد للبحر» وعرفت مشاركة كل من الشاعرة الأمازيغية خديجة السموأل، والشاعر لبكم الكنتاوي، والشاعر مبارك الراجي والشاعر الحساني حمرو إبراهيم، وبمصاحبة موسيقية للفرقة المرموقة والأكثر شهرة في الجنوب المغربي، فرقة «بنات عيشاتة». وشكلت الأمسية، والتي عرفت حضورا لافتا، ديوانا شعريا مغربيا مصغرا بألسن متعددة. وإذا كانت الشاعرة الأمازيغية خديجة السموْال مولعة بتفاصيل المرأة في قصائدها، فقد اختار الشاعر لبكم الكنتاوي، بعضا من قصائده الحديثة وهي ترنو لعالم مختلف. الشاعر مبارك الراجي قرأ بعضا من شذرات نائية، فيما عاد الشاعر الحساني إبراهيم حمرو إلى الثقافة الحسانية المشبعة بالتراث اللامادي. واختتمت فعاليات الدورة الأولى ل «الشعر في الشواطئ والمخيمات»، الأحد 12 غشت، بتوقيع منحوتة الفنان عبدالغني العلوي: «قصيدة من رمال»، فيما قدم المشاركون في ورشة الشعر لوحة شعرية – مسرحية مغناة عبارة عن قصيدة سلام موجهة للعالم، وكانت مناسبة لتتويج المتألقين في الأداء والإلقاء الشعري. وانتظمت ليلة الزجل «مجمع الكلام» على الشاطئ بين الناس، ليلة اختلط فيها الشعري بالموسيقي وبالأداء الممسرح. وشارك الشعراء: حفيظ المتوني، الزهرة الزريبق، إدريس الكرش، وفرقة «نجوم كلميم». وقام الشعراء بقراءة نصوصهم الشعرية، ضمن مساجلة شعرية تحمل صوتا واحدا، وأمام رواد الشاطئ الذين افترشوا الرمال، في لقاء حميمي باذخ. تظاهرة «الشعر في الشواطئ والمخيمات»، في دورتها الأولى، سفر دار الشعر بمراكش إلى فضاءات بعيدة، تحمل معها رسالة توطين الشعر في اليومي، وفي تنشئتنا الاجتماعية، وفي عاداتنا وسلوكنا اليومي، دعوة لجعل رسالة الشعر وقيمه، أفقا لإنسانية الإنسان. وهي تظاهرة تختتم بها دار الشعر بمراكش، سنة من العطاء، على أن يكون «مهرجان الشعر العربي» في دورته الأولى، نهاية شهر شتنبر، انطلاق لسفر جديد ولاستراتيجية أكثر وعيا بترسيخ الشعر ضمن المنظومة الثقافية المغربية، وبرؤية واقعية تعي الممكن، وتقدر إمكاناتها الفعلية.