شهدت القاعة الكبرى لدار الشباب بوزنيقة ، ليلة الجمعة 25 ماي الجاري ، تنظيم لقاء مفتوح بين حكيم قبابي ، مخرج المسلسل التلفزيوني ” عز المدينة ” الذي يعرض حاليا على قناة ” الأولى ” في منتصف كل ليلة رمضانية ، وجمهور نوعي من الفنانين والمثقفين والجمعويين ورجال التعليم والطلبة وغيرهم . تمحورت الحصة الأولى من هذه الجلسة الفنية ، التي نشطها المخرج عبد الإله زيراط وشاركت فيها إلى جانب المخرج حكيم قبابي الممثلة الشابة سناء بحاج ، إحدى بطلات هذا المسلسل ، حول هذا العمل الدرامي الرمضاني شكلا ومضمونا وحول ظروف تصويره بأزمور والجديدة وكيفية اختيار وإدارة المشاركين فيه من الممثلين والممثلات الذين بلغ عددهم 45 محترفا ومحترفة وأشياء أخرى . أما الحصة الثانية من هذه الجلسة الفنية والثقافية فقد توسع النقاش فيها ليشمل الدراما التلفزيونية الرمضانية بشكل عام وما تتميز به من تأرجح بين الجودة والرداءة . وللإجابة عن بعض أسئلة الحاضرين وتسليط مزيد من الأضواء على الموضوع انضم الناقد السينمائي والتلفزيوني أحمد سيجلماسي إلى المخرج حكيم قبابي والممثلة سناء بحاج والمخرج المنشط عبد الإله زيراط . في البداية عرف منشط الجلسة بالمبدع حكيم قبابي ، المتخرج من المركز الأورومتوسطي للسينما والسمعي البصري بورززات ، والذي كانت اهتماماته مسرحية في البداية قبل أن ينفتح بعد دراسته للسينما والسمعي البصري على عوالم السينما والتلفزيون ويشتغل كمساعد مخرج أو كسيناريست في إنتاجات سينمائية وتلفزيونية وطنية وأجنبية عدة صورت كليا أو جزئيا ببلادنا ، وبعد ذلك كمخرج لمجموعة من الأعمال السينمائية (أفلام روائية ووثائقية قصيرة ومتوسطة ) والتلفزيونية من آخرها سنة 2018 مسلسلي ” تيدرت لحنة ” (شظايا الحناء) لفائدة القناة الأمازيغية و” عز المدينة ” لفائدة قناة ” الأولى ” وغيرها . كما عرف بالممثلة سناء بحاج ، المتخرجة من المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي بالرباط ، التي تألقت في مجموعة من الأعمال الفنية نذكر منها دورها البطولي في الفيلم السينمائي الروائي الطويل الأول ليونس ركاب بعنوان ” الأوراق الميتة ” (2014) ومشاركتها إلى جانب أمين الناجي في الفيلم السينمائي الروائي الطويل الأول لسعيد خلاف بعنوان ” مسافة ميل بحذائي ” (2015) … فيما يتعلق بمسلسل ” عز المدينة ” ، وجوابا على أسئلة المتدخلين ، أشار المخرج حكيم قبابي إلى أن إخراج هذا العمل الدرامي شكل بالنسبة إليه تحديا كبيرا نظرا لقصر المدة التي منحت له لإنجازه في الوقت المطلوب قبيل حلول رمضان المعظم ، الشيء الذي تطلب منه مجهودا لا يستهان به في التحضير وجدية ملحوظة في العمل وتنظيما محكما ليوميات التصوير. ومما ساعده في مهمته هته الأجواء المناسبة التي طبعتها علاقات الاحترام المتبادل بينه وبين العاملين معه في المسلسل والشروط الاحترافية المريحة نسبيا (الإقامة والتغذية وصرف الأجور والتعويضات في وقتها …) التي وفرتها الشركة المنفذة للإنتاج ليتم تصوير حلقاته بدون تشنجات . ومن نقط القوة في هذا العمل التلفزيوني الجديد ، حسب بعض المتدخلين ، انفتاحه على أجيال متعددة من الممثلين والممثلات ذوي الخبرات التشخيصية المتفاوتة ونجاح مخرجه في إدارتهم والتوفيق بينهم وخلق الانسجام والتناغم المطلوبين في مثل هذا العمل الفني الجماعي . زد على ذلك أن حكيم قبابي استطاع أن يخرج بعض الممثلين من نمطية بعض الأدوار التي اشتهروا بها في أعمال سابقة (حالة الممثل ياسين أحجام نموذجا) . هذا بالإضافة إلى أن اختيار فضاءات التصوير بالمدينة العتيقة لأزمور ، حسب المخرج ، فيه تنويع واكتشاف لأماكن جديدة صالحة للإستثمار السينمائي والتلفزيوني ، ويمكن اعتبار هذا الإختيار شكلا من أشكال إعادة الاعتبار لهذه المدينة ذات التاريخ العريق التي أنجبت العديد من العلماء والمفكرين والفنانين والمناضلين وغيرهم ولأحياء ودروب المدن القديمة المغربية عموما وطبيعة الحياة والعلاقات الإنسانية التي كانت تسود فيها إلى وقت قريب قبل أن تجتاحها رياح العولمة .
من جانبها أشادت الممثلة سناء بحاج بجدية مخرج مسلسل ” عز المدينة ” ، الذي شخصت فيه دور سارة ، السيدة الغنية والمتحررة ، وهو دور جديد بالنسبة إليها . كما أشادت بطريقته في العمل وبأخلاقه وتعامله السلس والإنساني مع الممثلين والتقنيين وغيرهم . ولم يفتها انتقاد بعض الأعمال التافهة ، المعروضة حاليا في قنواتنا التلفزيونية ، وهي أعمال مسيئة إلى الفن وإلى الفنانين المشاركين فيها قبل غيرهم . شكلت انتقادات الفنانة بحاج لبعض الأعمال التلفزيونية المهلهلة مدخلا لتوسيع النقاش ، في حصة ثانية من الجلسة الفنية مع المبدع حكيم قبابي ، حول الدراما التلفزيونية (الرمضانية بشكل خاص) وما يعاب عليها كل سنة في وسائلنا الإعلامية المختلفة . وفي هذا الإطار أشار الناقد أحمد سيجلماسي إلى ضرورة التعاطي النقدي والصحافي مع إنتاجاتنا التلفزيونية بنوع من الجدية والموضوعية ، بعيدا عن الانطباعات المتسرعة والأحكام المسبقة ومنطق تصفية الحسابات الشخصية والتعميم الذي يضع في سلة واحدة كل الأعمال المقدمة في رمضان وغير ذلك من الأمور التي تبعدنا عن النقد البناء . ففي نظره تتوزع أعمال رمضان التلفزيونية بين الغث والسمين ، حيث تعرض أعمال محترمة تخاطب ذكاء المتلقي وتدفعه إلى التفكير والتساؤل وتنمي معارفه وترفع من مستوى ذائقته الفنية وإلى جانبها تعرض أعمال أخرى تثقل عليه بتفاهتها وخوائها الفكري والفني . فكل عمل تلفزيوني إذا تعاطينا معه بجدية نقدية نجده يتضمن نقط قوة ونقط ضعف ، وغلبة نقط القوة أو الضعف عليه هي التي تجعله غثا أو سمينا بدرجات متفاوتة . تجدر الإشارة إلى أن المشاركين في هذه الجلسة الفنية الثالثة من جلسات بوزنيقة ، التي نظمتها إدارة دار الشباب بتعاون ومشاركة جمعية بوزار وجمعية صدى الإبداع المحليتين وجمعية النادي السينمائي لبنسليمان ، خلصوا في الأخير إلى أن إنتاج أعمال تلفزيونية درامية وفكاهية في المستوى المطلوب يقتضي ما يلي : الاشتغال على سيناريوهات ونصوص قوية فكريا ومتماسكة دراميا ، فتح المجال أمام الموهوبين الحقيقيين ، احترام مبدأ الإختصاص ، توفير شروط ملائمة للعمل والإبداع ، فك الارتباط مع شركات تنفيذ الإنتاج القوية والمهيمنة التي عودتنا في المواسم الفارطة على تفريخ الرداءة بأشكالها المختلفة ، الابتعاد عن منطق الريع المكرس من طرف القنوات العمومية وفتح المجال أمام القنوات الخاصة وفق ضوابط قانونية للتنافس في إنتاج وبرمجة الأعمال السمعية البصرية والسينمائية وغيره.