لقد حدث ذاك الزّلزال الرّبيعيّ العربيّ الرهيب والغريب والعجيب، في أواخر سنة 2010 وبداية سنة 2011، تزامنا مع عواصف الانتفاضات العربية التي انطلقت مدوية، غاضبة وعاصفة بالأخضر واليابس، من تونس “سيدي بوزيد” لتستقر بسوريا فاليمن، مرورا بكل رقع البلدان العربية الممزقة بدون استثناء. لقد كان الزمن يومها ونعني من شهر ديسمبر لغاية شهر يناير الشهير من هذه السنة، قد تجلى في أعز مظاهره الجسدية المخمرة بنبيذ البحر الغجري وتخمة أغنياء الولاء على الموائد الخليجية. وكانت الدورة الزمنية كعادتها، كلها زرقة ودقات منتظمة في سلك مجاريات الأحداث. وكانت الشعوب العربية كما كان يتخيلها باقي المجتمع العالمي المُسْتَعمِر لها، قد استسلمت للعبودية المطلقة ودانت بجبرية الفقر والخوف والفساد المشروع بكل أشكاله وأنواعه البدوية البدائية. وفي الوقت نفسه، كنتُ مقيما أنا الآخر، كشاهد أحداث عيان، بالكوخ العربي الذي أسكنه في إحدى هذه البقاع العربية. وكان هذا الزمن العربي البترولي الخليجي، والغلماني، السّلفي الخلاعي، في ربوع مملكة عبيد الخليج قد تطاول في البناء وتفاخر بالأموال والأمراء البنين والبنات المفبركين في أحضان أمريكا، بمعنى المخنثين بثقافة انحلالها الأخلاقي، لغاية ما خاله الجميع، وأعني الزمن، بأنه قد انزلق خارج سكة التاريخ. وبأن هذه الكتلة البشرية العربية المعطوبة، قد أصيبت بالشلل العبودّي إلى الأبد. وفجأة وبغير سابق إنذار، بدأت الإذاعات العالمية وكل أجهزة البث السلكية واللاسلكية، السمعية منها والبصرية، تبث خبر خروج “الدّابة الرهيبة” كبركان وثني من إحدى أسواق “سيدي بوزيد”. وعقب هذا النبأ الإنفراجي والفجائيّ الرهيب، بدأت الأحداث تتسارع والأنباء تتناثر والأقوال تتضارب، وأعني بها، أقوال المُنجِّمين والمشعوذين والمتنبئين والسماسرة والمذيعين الرسميين، بل حتى أصبحت رقعة الوطن العربي في أقل من بضعة ثوان، مسرحا جديدا للثورة والمغامرة وتوزيع الأسلحة وآلات الدمار الحديثة لكل من هبّ ودبّ. وفي خضم هذه الفوضى العارمة، والناس تتدافع أمواجا .. أمواجا .. خارجة وتائهة كالحجيج أفواجا … أفواجا … في الشوارع والساحات العمومية والمنتديات العامة. خرجتُ بدوري من الكوخ البدائي الذي كنت أسكنه، وتضامنا ومحاكاةً لما كان يشب من حولي من نيران وتدمير، أضرمت النار بدوري في سكني الملعون، واندفعت مُصَيّحا مع الجماهير” لقد هرمنا من أجل هذه اللحظة التاريخية !”، “الشعب يريد إسقاط الدّابّة ! يا دابّة إرحل .. إرحل ! اليوم يوم الكرامة ! “. وبينما كنت محمولا بهذه الأمواج البشرية الصّاخِبة الصّخاّبة والغاضبة لخروج الدّابة، إذا بيد “عفريتية” تنتشلني من هذا البحر العربي المتلاطم النوايا والرغبات، وترتفع بي محلقة في آفاق السماء اللاّ متناهية، لتحط بي في نهاية المطاف على قمة جبل “واق واق” المرسومة معالمه في إحدى خرائط جغرافينا المغربي الشهير “الشريف الإدريسي”. استفقت من غيبتي الفوضوية وخرجت من دهشتي، تلك المتواجدة خريطتها بمتحف باب طنجة البحرية، لأجد نفسي أمام مخلوق نوراني، فوقاني لا معرفة لي به من قبل ولا دراية. وما كدت أسترد أنفاسي المتقطعة من شدة الدهشة والدوخة حتى تقدم المخلوق الشّعشعاني في اتجاهي قائلا: – السلام عليكم يا من اتبع الهدى ومرحبا بالشاهد الأوحد ! – من الشاهد ؟ – أنت أيه المخلوق الغريب. بالفعل كنت متحيرا، الشيء الذي انعكس على صحيفة وجه المخلوق الوقور، والذي بدا من ناحيته محتفظا بكل وقاره واتزانه وسكينته. وحتى لا يطيل زمن هذا التوتر الفجائي، تقدم مشيرا بيده اليمنى نحوي قائلا: – كيف لا تصيبك دهشة الفوضى، حتى تخال نفسك في حلم رهيب بعد كل هذه الأحداث؟. دعني إذا سمحت أفسر لك باختصار، ما قد يستعصي على فهمك ويعجز عن منطقك. لقد خرجت الدابة فعلا، وكان من حسن حظك أن وقع اختيار المشيئة الإلهية عليك لتقوم بهذه المهمة الصحفية الشّهادية. لا تستغرب، لأنك ستكون شاهد عيان محلّي، أي صحفيا ومراسلا سماويا، بمعنى آخر، مراسلا مباشرا لما يدور على الأرض في هذه الأثناء من أحداث كونية. – وكيف أكون صحفيا ومراسلا وشاهد عيان كما قلت؟ وأشار بسباته نحو أسطوانة فضائية عجيبة الصنع قائلا: – ما تراه أمامك، هو من فضل ربي، مركبة فضائية ستقلك بطريقة لا مرئية، بحيث يمكنك أن ترى كل شيء ولا تُرى حيثما كنت. أي تقلك حيثما تشاء لتتبع آثار الدابة من مكان خروجها إلى مكان استقرارها. سأباركك بيدي النّورية وستدخل مركبتك بإذن الله وبركته، وكل ما تريد أو يمر بذهنك، سيتحقق بمجرد التفكير فيه مضيفا قولك “على بركة الله”. وعلى سبيل المثال، بمجرد ما تدخل المركبة القدسية وتستقر بها، وبمجرد أن تقول “طيري على بركة الله”، ستقلع بك سابحة في الفضاءات الشاسعة لغاية ما تفكر بفعل آخر تختمه، “ب”على بركة الله”، وهكذا دواليك لغاية نهاية الرحلة. – وكيف ذاك !؟ – إنها الحكمة الإلهية، فلا قلق بال ولا وسواس يا صاح ! إنك منذ الآن … ووضع يده النّوريّة المشعة على رأسي قائلا: – منذ هذه اللحظة “كن على بركة الله”، واختفى في رمشة عين وكأنه لم يكن قط. وأحسست فعلا، بتيار كهربائي نوراني يسري في كل جسدي، بل حتى في شراييني وكل عروقي، وما هي إلا رجعة طرف سليمانية حتى وجدت نفسي سابحا في عنان السماء على “بركة الله”. وجدت نفسي سابحا، وأنا كلي شعور بوجودي الجسماني الحقيقي، وبتوحدي الفكري وانسجامي الروحي مع هذا الكون الرّحماني اللّا متناهي بسنواته الضوئية الممتدة، عبر ملايير الأنجم والثريا والمجرّات الجوهرية المسافرة تسبيحا في أفاق البداية “على بركة الله”. فخورا بهذه المنحة الإلهية، فكرت في زيارة أحد مساجد مصر العزيزة بدون تحديد، وأعقبت فكرتي ب”على بركة الله”. ويا للمعجزة ! ما كدت أتم نيّة كلماتي حتى وجدت نفسي فعلا وبشكل غير مرئي، في الأزهر الشريف بين صفوف المصلين أثناء خطبة الجمعة. وكان الإمام النّوري بهذه المصادفة الخارقة، قد دخل في خضم معركة الخطاب والوعظ، والوعد والوعيد، قائما على أعمدة محرابه، وناعقا كطير خرافي أسود على رؤوس المصلين، حين توقف فجأة، وتفكّر وتدبّر، وعبس وتولّى، ثم تحوّل بكل ضخامته الفقهية في مقابل وجوه المؤمنين الحائرين قائلا :”عباد الله ! الدّابة وما أدراكم ما الدّابة ! ليل بهيم، وبشر مخادع لئيم، وأفعى حُبلى بالشرور في أعماق البحار. عباد الله ! من أشراط السّاعة وعلاماتها الكبرى قوله تعالى “وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ” (النمل:82). ذكر الله في هذه الآية خروج الدّابة، ويكون ذلك عند فساد الناس، وتركهم لأوامر ربهم، وتبديلهم الدين الحق، عند ذلك يقع عليهم القول أي يجب عليهم الوعيد، لتماديهم في العصيان والفسوق والطغيان ومجامعة الغلمان، وإعراضهم عن آيات الله وبناته، وتركهم تدبرها والنزول على حكمها، وانتهائهم في المعاصي إلى ما لا ينجح معه فيهم موعظة، ولا يصرفهم عن غيِّهم تذكرة، فإذا صاروا كذلك أخرج الله لهم دابةً من الأرض تعقل وتنطق وتكلمهم، والدواب في العادة لا تعقل ولا تنطق، ليعلم الناس أن ذلك آية من عند الله تعالى. (التذكرة،697).” وابتلع ريقه وقال مستدركا ” وها هي ذي رغبتكم في الغيبيات إن أحببتم معرفة مجريات الأحداث بالترتيب على التوالي .. فإن أول ما سيحدث هو خروج المهدي ليعدل في الأرض وخروج المسيح الدجال من بعده ليفسد في الأرض ثم نزول عيسى ابن مريم ليتصدى لهذا الدجال الخبيث ويقتله. وبينما هو مشغول بقتله يخرج قوم يأجوج ومأجوج من جهة أقصى الشرق ليفسدون في الأرض فسادا لا قبل للبشر به من قبل وحينها تطلع الشمس من المغرب”. وانقطع عن الكلام للحظة استرد فيها أنفاسه الرؤيوية وتابع قائلا :”وحينها يا بنو أدم ! حينها تطلع دابة الأرض لتمزق الأمة الإسلامية إربا .. إربا .. وفجأة يعم الضباب في الأرض أربعين يوما ويبعث الله معه ريحا تأخذ أرواح المسلمين حتى لا تقوم عليهم القيامة. واعلموا أن القيامة لن تقوم إلا على شرار القوم حين تهدم الكعبة على يدي ذو السويقتين الماسوني، ثم نار عظيمة تخرج من عدن تسوق الناس إلى محشرهم نهاية للعالم”. واستدار عقب آخر كلمته واختفى متواريا عن الأنظار. تساقطت علي شذرات النبوة كأنجم ضالة، فأحسست حينها بالملل، وللحين فكرت في زيارة مسرح أحد المنجمين العرب ذوي السمعة العالمية. تصورت فكرتي الجديدة وتوكلت ناويا “على بركة الله”، وإذا بي في الحين قاعدا في الصف الأول من قاعة فريدة، تعمل سرّا لأصحاب التنبؤ والتنجيم والتهريب والتكهن للمخابرات العالمية. وللمصادفة الغريبة، كان منجمنا الغريب مغربي ذا سمعة كونية، واسمه بالتحديد “أبو يَعْرِفْ المغربي”. ووجدتني في هذه القاعة التنبؤية كأجمل ما يكون. حيطان وثنية، سقف فينيقي، وأعمدة أندلسية اشبيلية، وفضاء عربي كله عنفوان حربي وحماسة شاعرية قاتلة لشعرائها. وسكينة وما أدراك يا صاحي ما هي وما شكلها وما جوهرها السكينة في القواميس العربية الروحانية .. ! وجدتني مندسا في وسط الحضور، في ظلمة تكاد تكون مطبقة، وخوف رهيب من المجهول يكتنفنا جميعا، وأملا في تلقي نبأ استيقاظ العرب من غفوتهم الجاهلية، وبزوغ شمس إسلامية جديدة. وفي مقابلنا جميعا برز السحّار الأكبر، عفوا بل الفلكي الشهير تحت هالة ضوئية، وقد تنكر لنا في جلبابه العربي الأسود، وعمامته الإسلامية الخضراء، وعيونه السوداء المكحلة على السنة النبوية الشريفة. تنكَّرَ لنا متقدما نحو قلب خشبة مسرح القاعة، ثم رفع يديه ابتهالا، وللحين تقلب من ابتهاله ألعرفاني، إلى خطيب نفساني قدير وخبير، بمعرفة خبايا الناس. ونزلت علينا كلماته من أعلى المنصة التنبؤية كشهب سماوية، ثم خاطبتنا قائلا: ” لقد خرجت الدّابة والناس في غفلة، قلت الدّابة، عفوا لا تؤاخذوني على هذه العجلة، فالعجلة من الشيطان وأنا من عباده المتقين، إذن فلا خوف ولا .. ولا عَجَلَة ولا ترجمان. وانقطع عن الكلام فجأة، واسترجع كل قواه السرية، ثم خطا خطوة، فخطوتين وثلاثة، ثم هوى متربعا على عرش سليمان والخاتم بيده اليمنى والعصا بيده اليُسرى وبلقيس على الشرفة القمرية تتلاعب أناملها بالفضة والمجوهرات وأرخبيلات زمرّد، والدود اللدود ينخر في معجزة العَصا نَخرا. وصاح فينا كمن يريد أن يوقظ العرب، بل كل العرب، من كثرة الغطيط والسبات والنكاح الجاهلي والتناحر القبلي، قائلا:” لقد خرجت الدّابة، ولكن عن أية دابّة نتحدث ؟ أما تعلمون بأن العالم من أدناه إلى أقصاه، ليس إلا عالم دواب! . فلكل وطن دابّته، ولكل شعب دابّته، ولكل مخلوق دابّته. وهذه الدابّة التي تتوقعون وتمنّون خروجها عليكم الآن، هي من سأخبركم عنها خلال بضعة ثوان، فهي أولا ليست بالبهيمة، ولا “البَهَموث” حسب الترجمات الغربية، ولا الغولة ولا الوحش “ليڤياتان”، ولا القرش “موبيديك”، ولا عيشة قنديشة، ولا شيطان الحسد، ولا التنين الخرافي، ولا الأفعى الكبرى، ولا “الشيبة” كما هو الحال بالأردن، أو”مغويطا” بأولاد بن جامع، ولا “هجوج ومجوج” عند بني الأصفر، ولا حتى صاحبنا يونس سابحا يغني في كبد الحوت، أغاني الملكوت. إن الدّابة التي خرجت بتونس الحبيبة لتستقر ببلاد الشام وفي سوريا بالتحديد، لا تشبه كل الدّواب المخلوقة في شيء، واتركوا عنكم الكتب المقدسة وما جاء فيها من أوصاف لهذه الدابة الرهيبة. الحق أقول لكم، إنها أشبه ما تكون بآلاتنا “الرّوبوتية الذكية” ولا أعني أو أقصد “مونيكات” شهوات الجنس البلاستيكي اليبانية. إنها والحق أقول لكم، لا مخفية ولا مرئية. إنها غائبة وحاضرة معا تماما كطقوس “الماسونية” الخفية منها والمرئية. فهي كانت في تونس، وبعدها التحقت بطرابلس فبحلب، ولما تزل بها وعيونها على الغوطة الشرقية وإدلب من بعدها فالقلمون وخاتمتها درعا . ومما لا يخفى على أحد، كان تواطؤها بمصر قد تم بالموافقة، من قبل رئيس الجيش الخائن “السّواسيسي”، وضاعف عنفها في تحشيد “حشد العشائر” العراقية صاحبة العنف الجاهلي بالموصل وغيرها. وهي تتواجد ممتزجة بتربة كل هذه البلاد، متعطشة بشكل مذهل إلى الدماء الطريّة: دماء الأطفال واليتامى والشيوخ والرّضع، كما كان الأمر الرهيب مع الخليفة “القائم بأمر الله الفاطمي”، كيما تبقى حامية لفراعنة عرب من أمثال: بشار وأبوه في الرضاعة إمام الرافضة بطهران، وربهم أبو التّين وطالح وابن سليمان العلماني وغيرهم ممن يعتقدون بأنهم لا يتواجدون بالقائمة. فهي قد خرجت فعلا، بفعل انتشار الفساد والغلبة القهر والاستعباد للبشر والنميمة لخدمة طغاة الفساد . – ولماذا لم تخرج هذه “المصبية” من قبل ؟ صاح أحد الأوادم مقاطعا صاحبنا الفلكي الساحر. وللحين أجابه الفلكي المتنبئ، مستدركا موقف تدهور حدود النص الحكائي: – بل لقد خرجت فعلا، زمن الديناصورات وابتلعتهم، وزمن التنّور الفوّار الذي فاض مياها وأكل كل البشر، سوى فلك نوح وقطان فلكه، ذاك الذي قدم أخيرا وإلى الآن بالإنسان الجديد. نعم قلت وأكرر الإنسان الجديد “أومو سابيانس” بمعنى الإنسان العالم بالرسم والإجرام، على قياس كل هذه المخلوقات التي ما تزال تتقاتل لغاية الآن. وانقطع فجأة عن الكلام، وخيّم صمت رهيب على المعمورة خِلْناه نهاية لهذا الزمن التعيس. وكمن يعود صاعدا من مَغاوِرَ عميقة، عاد كذلك صاحبنا الفلكي وانفجر فينا قائلا: – فمن كانت هجرته لله ورسوله، فهجرته لله ورسوله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ثم اختفى كأنه لم يكن قط. وهممت باستدعاء فكرة خيالية جديدة لمغادرة القاعة، لولا … ! لولا أن مخلوقا مربعا، وطويلا نوعا ما، على قياس وصف القرد الأمريكي “ترامب” ، مصفر الشعر، محمر العيون، عجيب النوايا، نطناطا ككل القردة في فروع وأغصان سياسة خليفتنا المغفور له ” أبو العباس السفاح”. طار من حيث لا أحد يدري، ليتواجد أمامنا كمحاضر لا متوقع، لزرع الفتنة والشقاق والقلقلة بيننا. وللحين أخرت سفري حبا في استطلاع هذا الأمر وعدت لمقعدي منتظرا، حين تفوه أخيرا قائلا: – أنا عادل إمام القبطي المسيحي، وأنا ألآخر من المنجمين النصرانيين، ولنا في أناجيلنا المقدسة الحديثة العهد منها والقديمة، آيات تخبرنا بخروج الدابة. هناك أيضا نبوءات جاءت في الكتب السماوية تتحدث عن نهاية العالم. هنالك معركة كبرى سمعنا عنها من مختلف المصادر، هذه المعركة ستقع في منطقة الشرق الأوسط، وستدور بين مجموعة من الأحلاف الدولية ممثلة في حلف الدول العربية والإسلامية، وحلف الدول الصهيونية و المجموعة الأوروبية والأمريكية، وحلف يأجوج ومأجوج بزعامة روسيا والصين، وتعرف هذه المعركة في الإسلام باسم الملاحم الكبرى وفي الكتاب المقدس باسم معركة “أرماڭيدون”، والعلامات المذكورة على لسان جميع الأنبياء والتي ستظهر قبل وقوع هذه المعركة تحقق أكثر من 90% منها حتى الآن ونحن في انتظار وقوع بقية الأحداث خلال هذه السنة 2018 ميلادية. وقاطعه مخلوق من أصل مغربي، كان مُتواجدا بهذه القاعة بمحض الصدفة قائلا: – وسير أنمّي “تنبّك”، مشي الله يعفو عليك وعلى كل الأقباط، إمّا سيدنا محمد وإمّا الملحمة الكبرى … وقهقه في وجه المخلوق القبطي الأصفر واختفى بدوره. وكدت ألحق به، حين بزغ مُنَجِّم مجهول، يدّعي انتسابه إلى الدّجّال الأمريكي الأعور قائلا: – بل قد غاب عنكم حكم “أوباما” ورؤيته النبوية. ومن أنت ، بادرته بمقاطعة الكلام، امرأة مسنة غير متحجبة؟ – أنا مواطن أمريكي من أصل لبناني مسيحي، من هُوّاة النبوات والتنجيم والتنبؤات البشرية. ولقد وهبت نفسي لتتبع كل هذه الآثار الأرواحية. واليوم أتيتكم برؤيا حقيقية للرئيس الأسود “أوباما”. ابتدأت الرؤيا بقوله : “كنت أمشى فى طرق قرية والدي، وكان هناك أطفال يلعبون أمام الأكواخ المستديرة، لا يلبسون إلا ملابس من خرز، وكان هناك عديد من رجال مسنين يلوحون “لبارك أوباما” كلما مر بجوار مجموعة منهم، ولكن حتى بدأت أمشى مسافات أبعد من هذا، وجدت الناس تنظر لشيء خلفي بخوف، وتجرى لتحتمي داخل أكواخهم كلما مررت بهم، سمعت زئير فهد، وبدأت أجرى باتجاه الغابة، تعثرت قدماي في الجذور والفروع وأشجار كروم العنب، حتى وصل بى الأمر من التعب المنهك، سقطت على ركبتى فى وسط غرفة مشرقه، وأنا ألهث لأتنفس، التفتّ حولي لأجد اليوم تحول من النهار إلى ليل مظلم، وشخص طويل القامة يلوح في الأفق، طويل مثل الأشجار، يلبس فقط قطعة قماش تغطى خاصرته ومنطقه العانة، ويلبس قناع شبحي، ثم نظر إلى بعيونه الهامدة شبه الميتة نظرة بملل، وسمعت صوت مدوّ مكتفيا بالقول إن الزمان قد حان، وكامل جسدي بدأ يهتز بعنف مع الصوت، كما لو كان جسدى يتفكك …”. – إنه الدّجّال الأعور “دونالد ترامب” من كا ن يمشي خلفه في الرؤيا، وهاهو ذا قد قدم وأصبح “للقائم بأمر إله الإمبريالية الأمريكية”، فما شأن الدّابة إذن؟ – الدّابة أو “ترامب”، أجابه المفسّر للأحلام البشرية، واسترسل موضحا: الدابة يا أخي .. وابتلع ريقه ثم تابع، آلة جهنمية تقتات على لحوم البشر، كيما تحيى وتدوم لغاية يوم النفخ في سور إسرائيل. وحكام من أمثال الدّجّال الأعور ترامب، وفرعون مصر الجديد، وفرعونها القديم “القائم بأمر الله الفاطمي”، والمجوسي جورج بوش، والمجرم “النُّصَيْري” بشّارزعيم علويّة الشّبّيحَة” والسّيسوي الجنديّ المخلول، والأمراء الغلمان، من البحرين والإمارات والسعودية وعلى رأسهم المراهق السعودي، أي هؤلاء من استغنوا حتى لم تعد الدنيا تسع شهواتهم، فراحوا يشترون المعاصي ويبيعون المقدسات ويفسدون في الأرض، والكل يعرفهم بأسمائهم وألقابهم ونعوتهم وأوصافهم وخباياهم العبرية. وهم والحالة هذه، لا حكم لهم ولا إسلام ولا وجود، بدون تغذية الدّابة. فالدابة قد تخرج غاضبة وناقمة، ولكن في الأوقات الحرجة فقط. وأعني بهذا، بأن هذه الدابة موجودة بيننا منذ الأزل. وهي قد كانت دائما مخدومة من قبل كل وحوش البشر. فهي من وضعت منذ البداية لكل البشر، قوانين الجريمة والنهب والاغتصاب والّدمار العمراني. وهي صاحبة قارون والأموال المكدسة وصاحبة المتألّهين. وهي حين تغفل عنها عيون الملوك والرؤساء المتألهة، والعامة العمياء العائمة في غطها وغطيطها، تكشر عن أنيابها واعدة موعدة، وتخرج هائجة ومذكرة ومنبهة: ” أنا آكلة البشر، كما الدّيناصورات والأمم المنقرضة … أنا ربّ السفّاحين، “جورج بوش”، والمخلوقة ريم، والصهيوني”ميلتن فريدمان”. أنا الوسواس الخناسّ صاحب “ريڭان” و”تاتشر” وبينوشي” والمؤلفة قلوبهم على نبوتي الإمبريالية: “أنا من أهوى أنا، وأنا من أهواه أنا، وكلّ من معي على خراب ودمار الإسلام والمسلمين”. وبهذا التنبؤ القبطي، اختتم ذاك من أنعته مجازا “لا نبي بعدي” تنبؤاته المستقبلية واختفى وكأنه لم يكن قطّ. وكادت القاعة تغادر زوارها المحبيّ للنبوة، لولا أن رجلا غريبا في زيّ مغربي تقليدي توسط المنصة قائلا: – عودوا عباد الله إلى مقاعدكم واستمعوا! وعوا وعوا، إن شئتم أن تعوا .. فلقد كان ما كان .. وانتصرت الصليبية واستعمرت، ثم قدمت رجال مؤمنة، وضحّت بما ضحّت، وحرّرت ما حرّرت، غير أنها خُدِعَت بأصحاب المُلكِ والتّمَلّك، فسُحِقَت وقُمِعَت ومُحِيَت ديانتها من الوجود. عودوا عباد الله إلى مقاعدكم “قْبلْ مَنْ خْلَعكُم”. فأنا والمولى عليّ الشهيد، مُتِّعت من قّبَله برُؤيَتَيْن، الأولى بمشهد القيامة، والثانية بدائرة نورية نارية على جمهور الفساد من إيران والعراق وسوريا النظام إلى موسكووأمريكا. وحتى لا أتعبكم سهرا، أختصر لكم الرؤية الأولى. لقد رأيت فيما رأيت، والحبيب شاهد على سفري الرُّؤيوي، بأنني أصعد سُلّما نحو السّماء، سلّم وكأنه مشدود إلى حبال ما لا نهاية مقارنة بخيالات البشر. سلم حلزوني بني الوجه قاتم القسمات. سلم، صعدته بسرعة براقية كشعاع الضوء. وصعدت ثم صعدت وللحظة بدأت بالتصاعد العمودي، مارا بدون أدنى شك بكل المراحل البشرية من ما قبل قارون إلى ما بعد شارون. وفجأة وجدت نفسي أمام باب حديدي مغلق، فقلت في نفسي ” والله لنطرقنّه حتى يسمح لي بالدخول”، وما كدت ارفع متني حتى توارى الباب واختفى ووجدتني أمام مخلوق ذا سحنة عربية، صاح بي قائلا:”ما هذا الإزعاج أيها المخلوق العربي، لقد اقتربت القيامة الكبرى فعد إلى أهلك وجهز كفنك” واستيقظت إثرها من هول رؤيتي، فكان مسلسل الربيع العربي وعواقبه. أما الرؤية الثانية فلقد حدثت لي بعد الانقلاب العسكري في مصر على الرئيس الشرعي محمد مرسي. ومما رأيت في منامي، أن دائرة ضوئية هائلة قد توسطت السماء وقد علقت بها عدة رؤوس ملتحية لرجال خلتهم قساوسة أو ما شابههم، تفيض الدموع من عيونهم وقد ارتسم الرعب على وجوههم. ومن فوق رؤوسهم ظهر قرآن منير بأحرف ذهبية قد أنار كل ما حوله وتحته، تعلوه وتحيط به من كل جانب تلاوة ساحرة لسور قرآنية تتلوها ملائكة نورانية بإلهام وجودة إلهية. فنزلت السكينة الربانية على قلبي وفسرت رؤيتي برسالة إلهية موجهة لكل المسلمين تبشرهم بالنصر القريب للقدس الشريف على كل أعداء هذا الدين الحنيف وسلم الرجل على الحضور وتوارى مختفيا من حيث أتى. أما أنا فوجدتني في حاجة قصوى لزيارة سوريا. وما كدت أنطق ب” على بركة الله” حتى وجدت نفسي من جديد ومن مركبتي البراقية والمستترة عن كل عين بشرية، في سماء سوريا كشاهد عيان حيّ لما يجري في سمائها كما على أرضها من أحداث. وبتوجيه لا شعوري وضعت بصمة إبهامي على الشاشة الإعلامية المتواجدة أمامي وإذا بناطق باللغة العربية الفصحى يفاجئني قائلا: “هذه شاشة كل الأحداث المنصرمة، الماضية والجارية والقادمة أمامك، فانوي ما أردت، تأتيك كل الأحداث مصورة على شاشتك بكل دقائقها وفصائلها”. وبالفعل أول ما مر بخاطري رؤية الدابة، وإذا بها تتجلى لي بكامل هيكلها متبطنة ومتجسدة بلاد الشام بأكملها. وجاءني صوتها على مكبر صوت شاشتي الفضائية العلوية، النُّصَيْرِيّة والماسونية اللّاتية مُردّدا ” هل من مزيد .. هل من مزيد .. ارووا عطشي أيها الزعماء الفراعنة وتنتم أصحاب العمائم الإمامية .. اسقوني دماء الأطفال والنساء والشيوخ والقطط والكلاب .. اسقوني دماء الأشجار والحجارة والأعشاب .. اسقوني دماء الطيور والصقور واليمام .. اسقوني دماء النميمة والمعتقدات البعثيّة والكردية والشيعية الإلحادية .. وأطعموني بلحم الأحياء والموتى والجياع والأرامل والرّضّع من شرق الغوطة .. أطعموني بمنابر المساجد والمآذن وأحرف القرآن .. أطعموني بالكفر والبهتان والعلمانية .. أطعموني بالفساد والرشوة والخيانة .. أطعموني بالاغتصاب والتعذيب والترهيب .. أطعموني بربكم لأسوق لكم النفخ في الصور وصاعقة القيامة المتمثلة لدى بشار المجرم بغازات الكلور والسارين وغيرها من مشتقاتها على الحاضنة المدنية. واندهشت من هول ما رأيت وإذا بالصوت الإعلامي الرباني يجيب عن تساؤلات قلبي وخاطري وعقلي قائلا:” هذه الدابة لا تخرج إلا في حالة المسخ البشري. حين يتأله زعماء البشر ويُحارَبُ ذكر الله من على المنابر، وتتفشى الخلاعة في كل مكان”… وكلمح البصر اختفى صاحبنا وانمحى من شاشتي الإلكترونية الإلهية، لسبب غير إرادي قد خربط أمواج الإذاعات الرسمية. ومن جديد، وجدتني في مواجهة نفسي وكل تصوراتها الخيالية الروحانية على أرض الواقع. ولكي لا أنزعج أو أقنط من رحمة الله، وجهني حدسي غَصبًا عنّي إلى الصبورة الإلكترونية المستقبلية، فضغطت عفوا على زر مربع “ألأحداث المستقبلية”. وسقط الظلام وارتفع الضياء، وكعائد من عالم غريب، استرجعت شخصيتي الحقيقية كما التخيلية متحكما في الموقف. وفكرت ثم تخيلت وتوكلت “على بركة الله” وإذا بي في قاعة سرية محكمة المنافذ وقد اجتمع بها وقوفا، كل من طغاة البحرين والسعودية والإمارات وإلى جانبهم تاجر الحروب الأمريكي “ترامب” وخادمه “نتن يا هو” وأياديهم مبسوطة على كرة بلورية تمثل كوكبنا الأرضي، وهم في خشوع شيطاني رهيب يصلون للدابة الماسونية، ويرتلون لها تعاويذها المستحبة وقائلين وبصوت جماعي واحد “امنحي القدس الشريف لبني صهيون واسقينا دماء المؤمنينَ باسم الملك المتهور ابن فعلان .. وعيثي كما شئت بين الأجراس والمآذن ودوسي بحقدك على المقدسات الإسلامية واسقينا بعدها، خمور الأنذرينا .. آمينا ..” وللحظة … للحظة زمنية تسأل ولا تُسْأل، وجدتني من جديد في خارطة البداية والملاك السماوي اللاسلكي يودعني برمز أصابع رباعية وبالإصبع الأخير، أعني بسبابة توحيدية، وكأنها صاروخا نوويا كصوت الحق مدويا بحرية وكرامة في برية “قناة الشرق الأخيرة” وبعبقرية معتز بمطر الحرية وهو يصيح بكل إنسانه الحر في البرية .. والله إنه لقادم، ورب الأقصى والحرم، إنه لقادم الطوفان الأخوي المسلم ! والله إنه لآت وآتية معه قيامة الحق لا محالة. واستفقت ولم أعد أتذكر أكان ذاك السفر الرباني حلما أم أن تلك الرؤيا كانت تبشرة أم أنها كانت تعسرة. إلا أني ولأول مرة في حياتي، منذ طلوع فجر الغضب العربي وثوراته، إلى الانقلابيين عن ثورته المباركة والملوك الخليجية الطغاة الداعمين لهم باسم التّصهين العلني. نعم علمت بأن “الخوف العربي” قد مات إلى الأبد وبأننا عائدون .. وعائدون ورب الثورة وأبطال أسطورة الغوطة العنترية القاهرة، عائدون .. ومؤمنين بملحمة الثورة، وقادم الطوفان من بعدها معنا لتحرير أوطاننا المغتصبة منا … وعائدون للموت الشّهادي من أجل حياة كريمة وحرة، في رحاب أمّة مستقبلية لن تقبل قط بغير فضاء الحرية. فؤاد اليزيد السني