على بعد ساعات من اليوم، تقترب آخر أرواق شجرة 2019 من السقوط، لتنبت شجرة سنة 2020 بأوراق جديدة وأخرى تتفتح كامتداد لنظيراتها من السنة التي نودعها. سنة 2019 كانت حافلة بالأحداث والوقائع، أبرزها تحركات الجالس على عرش المملكة، الملك محمد السادس، بشرت بمرحلة جديدة تستعد المملكة لدخول معتركها. بابا الفاتيكان تميزت سنة 2019، بزيارة تاريخية للبابا فرانسيس للمغرب، دامت ليومين في نهاية مارس الماضي، بدعوة الملك محمد السادس. زيارة أعطت للمغرب اشعاعا دوليا باعتباره أرض التسامح والتعايش، أكده خطاب الملك حين شدد على أنه 'أمير المؤمنين سواء كانوا من المسلمين أو من غير المسلمين'. البابا فرانسيس، أثناء مغادرته على متن طائرته، شدد على أهمية الزيارة التاريخية، مؤكداً أن 'زهورا واعدة تفتحت في هذه الزيارة، وأنا سعيد لأنه طيلة اليومين اللذين قضيتهما بالمملكة تمكنت من الحديث عن كل ما يلامس قلبي: السلام، والوحدة، والأخوة'. وتميزت الزيارة، بتوقيع الملك محمد السادس، بصفته رئيس لجنة القدس، وقداسة البابا فرانسيس، بالقصر الملكي بالرباط، على 'نداء القدس'، الذي يروم المحافظة والنهوض بالطابع الخاص للقدس كمدينة متعددة الأديان، وبالبعد الروحي والهوية الفريدة للمدينة المقدسة. الغاء احتفالات عيد العرش من القرارات التي بصمت سنة 2019، هو اعلان وزارة القصور الملكية والتشريفات والأوسمة، أن الاحتفالات بالذكرى العشرين لتربع الملك محمد السادس على العرش ستجري وفق العادات والتقاليد المعتمدة. ودعا البلاغ 'مختلف المؤسسات والهيئات والفعاليات الوطنية إلى تخليد هذه المناسبة السعيدة بطريقة عادية، من دون أي مظاهر إضافية أو خاصة'. وفي غشت المنصرم، اصدار الملك محمد السادس، 'أمره المنيف بأنه لن يقام ابتداء من هذه السنة الحفل الرسمي بالقصر الملكي احتفاء بعيد ميلاد جلالته السعيد، والذي جرت العادة إقامته يوم 21 غشت من كل سنة'. صفحة جديدة مع الجزائر تميزت السنة التي نودعها بعد ساعات، باستمرار المغرب في مبادراته الرامية إلى فتح صفحة جديدة مع الجارة الجزائر، امتدادا لمبادرة الملك محمد السادس، بمناسبة الذكرى ال 43 للمسيرة الخضراء، التي دعا فيها إلى فتح 'حوار صريح ومباشر' مع الجزائر. وفي نونبر الماضي، استقبل وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، عبد الحميد عبداوي، الذي سلمه نسخا من أوراق اعتماده كسفير مفوض فوق العادة للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية لدى الملك محمد السادس. وبعد انتخاب الرئيس الجديد، للجزائر، عبد المجيد تبون وفي برقية تهنئته، جدد الملك محمد السادس دعوته لفتح صفحة جديدة. وقال الملك محمد السادس في برقيته لتبون: 'إذ أجدد دعوتي السابقة لفتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين الجارين، على أساس الثقة المتبادلة والحوار البناء، أرجو أن تتفضلوا، صاحب الفخامة بقبول أصدق عبارت تقديري'. حكومة الكفاءات بعد شهرين ونصف من الذكرى ال20 لخطاب العرش، والذي دعا فيه ملك البلاد إلى تعديل حكومي يرتكز على الكفاءات، استقبل الملك محمد السادس يوم 09 أكتوبر الماضي، وزراء الحكومة الجديدة. وعرفت حكومة سعد الدين العثماني، في هيكلتها الجديدة تقليص عدد الحقائب الوزارية، بعد حذف بعض القطاعات ودمج أخرى وتميزت ببروفايلات جديدة من التكنوقراط وأخرى من أحزاب الأغلبية لم تستوزر من قبل. وهكذا فقد شملت التركيبة الحكومية الجديدة إلى جانب رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، 23 وزيرا فقط، و5 أحزاب من الأغلبية الحكومية. لجنة بنموسى ومغرب الغد النموذج التنموي الجديد، كان عنواناً عريضاً لمرحلة جديدة تستعد المملكة لدخولها بآليات جديدة وتصور جديد، وهو ما أعطى الملك محمد السادس في خطاب الذكرى ال20 لاعتلائه العرش، انطلاقته واعتبر فيه أن تجديد النموذج الوطني مدخل للمرحلة الجديدة التي يريد أن يقود المغرب إليها. كما دعا لإجراء قطيعة نهائية مع التصرفات والمظاهر السلبية. واعتبر الملك أن 'نجاح هذه المرحلة الجديدة يقتضي انخراط جميع المؤسسات والفعاليات الوطنية المعنية، في إعطاء نفس جديد، لعملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية ببلادنا. كما يتطلب التعبئة الجماعية، وجعل مصالح الوطن والمواطنين تسمو فوق أي اعتبار، حقيقة ملموسة، وليس مجرد شعارات'. وبدأ الملك محمد السادس يوم الثلاثاء 19 نونبر 2019، بأجرأة خطوات النموذج الجديد وكلف شكيب بنموسى، برئاسة اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي، ليعين بعد ذلك بأيام 35 عضوا، داخل اللجنة يتوفرون على مسارات أكاديمية ومهنية متعددة، وعلى دراية واسعة بالمجتمع المغربي وبالقضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية. عفو ملكي تاريخي قضية هاجر الريسوني، كانت من بين الأحداث البارزة التي بصمت سنة 2019، ودور الملك محمد السادس في فك أزمتها وترسيخ حقوق المرأة في المملكة وصون كرامتها. اعتقلت هاجر يوم السبت 31 شتنبر 2019، برفقة خطيبها السوداني رفعت الأمين، ومعهما طبيب متخصص في أمراض النساء والتوليد ومساعده وكاتبته، بتهمة 'الفساد والاجهاض والمشاركة في الإجهاض'، وعلى اثرها قضت المحكمة بإدانة الريسوني بالسجن لمدة سنة نافذة بتهمة ممارسة الجنس خارج الزواج والاجهاض. الحدث أعاد جدال الحريات الفردية بالمغرب للواجهة، وهو ما أثر حفيظة الجسم الحقوقي بالمغرب وخارجه، وبعد الزوبعة والنقاش الجديد/القديم حول الحريات الخاصة، وبالضبط يوم 16 أكتوبر 2019، تدخل الملك محمد السادس وأصدر عفوه السامي على هاجر ومن معه، اعتبره المتابعين للشأن السياسي المغربي، ترسيخ لقناعة الملك منذ تربعه على العرش على محورية حقوق المرأة في مملكة محمد السادس.