خلافا لما كان متوقعا، استطاع المرشح المستقل عبد المجيد تبون كسب الرهان والفوز برئاسة الجزائر من الجولة الانتخابية الأولى، ليصبح بذلك ثامن رئيس للبلاد، وأول خليفة منتخب لحليفه السابق عبد العزيز بوتفليقة الذي أطاحت به ثورة شعبية هذا العام. حصل تبون (74 سنة) على 58.15% من أصوات الناخبين، ليصبح رئيسا من الدورة الأولى، بحسب ما أعلنت اليوم الجمعة السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، في انتظار تأكيد واعتماد تلك المعطيات بشكل نهائي من المجلس الدستوري بعد انتهاء فترة الطعون. وقال رئيس السلطة محمد شرفي في مؤتمر صحفي لإعلان نتائج الانتخابات التي جرت الخميس « حصل المرشح عبد المجيد تبون على أربعة ملايين و945 ألف صوت، أي نسبة 58.15% » في انتخابات سجلت مقاطعة واسعة وجرت في جو مشحون من التوتر. مسار طويل – قضى تبون معظم حياته موظفا كبيرا، فقد شغل منصب وال (محافظ) مرات عدة. – شغل فور تخرجه من المدرسة الوطنية العليا للإدارة سبعينيات القرن الماضي منصب أمين عام بولايات الجلفة (وسط)، أدرار (جنوب غرب)، باتنة (شرق)، المسيلة (وسط) كما اشتغل واليا لأدرار، تيارت (غرب)، تيزي وزو (وسط). – أصبح لفترة وجيزة وزيرا منتدبا عام 1991 في ظل رئاسة الشاذلي بن جديد. – خلال هذه الفترة تولى منصب وزير منتدب بالجماعات المحلية (1991-1992) ثم وزيرا للاتصال والثقافة عام 1991. – عينه الرئيس بوتفليقة بعد انتخابه عام 1999 وزيرا للسكن والعمران، واحتفظ بمنصبه إلى سنة 2002. – ثم عاد بعد عشر سنوات، ليتولى مجددا وزير السكن عام 2012، وتقلد معها منصب وزير التجارة بالنيابة لعدة أشهر. – قضى أقصر فترة لرئيس وزراء في تاريخ البلاد، إذ لم يتجاوز مكوثه في المنصب تسعين يوما، حيث عين في مايو/أيار 2017 وأقيل في أغسطس/آب من العام نفسه. – جاءت إقالته من رئاسة الوزراء بعد ثلاثة أشهر من تعيينه، على خلفية تهجمه على رجال الأعمال الذين يدورون في فلك الرئيس، وأغلبهم اليوم موجودون في السجن بتهم فساد. – استغل إقالته هذه لدفع الناس إلى التغاضي عن خدمته إلى جانب بوتفليقة. – لا يزال عضوا باللجنة المركزية لحزب جبهة التحرير الوطني (الحاكم سابقا) لكنه ترشح مستقلا بعيدا عن حزب بوتفليقة المرفوض شعبيا. – جاء فوزه رغم تنكر حزبه (جبهة التحرير الوطني) له، ودعم مرشح التجمع الوطني الديمقراطي عز الدين ميهوبي، لكنه حظي بدعم الطرق الصوفية ومنظمات كثيرة من المجتمع المدني. – اتسمت الانتخابات التي فاز بها بمقاطعة شعبية ورفض واسع لها من قبل الحراك المناهض لنظام بوتفليقة ولأي انتخابات تنظم في ظل رموز نظامه. – يؤكد كثيرون أن تبون « المرشح الخفي » للنظام وللدولة العميقة. ولكنه يقول في مقابلة مع الجزيرة نت « أنا خدمت الدولة الجزائرية لمدة خمسين سنة، وعملت مع كل الرؤساء السابقين من هواري بومدين وصولا إلى الشاذلي بن جديد ومحمد بوضياف ». – يؤكد في المقابلة ذاتها أن الأولوية بالنسبة له هي الشروع في تعديل الدستور خلال الأشهر الثلاثة الأولى بعد الانتخابات الرئاسية، من خلال تنصيب ورشات قطاعية لمباشرة العملية. – جاء إعلان فوزه مع الموعد الأسبوعي للمظاهرات الرافضة للانتخابات والمطالبة بتغيير جذري للنظام، لكن تبون تعهد بفتح حوار مع الجميع لتجاوز الأزمة، في وقت يعتبر أن الحراك الشعبي الأصلي خلال الأسابيع الأولى للانتفاضة كانت مطالبه شرعية، لكنه انحرف في الفترة الأخيرة إلى مهاجمة المؤسسات. – على المستوى الخارجي، أعلن تبون المحافظة على ثوابت السياسة الخارجية مثل عدم التدخل في شؤون الدول، والتوجه نحو أفريقيا باعتبارها عمقا إستراتيجيا، كما أطلق تصريحات نارية ضد المستعمر القديم (فرنسا).