أصبحت ظاهرة التأخر في الزواج أو ما يعرف ب ‘العنوسة' كابوسًا يُطارد الشبان والفتيات في المجتمعات العربية، ورغم أن العديد من الباحثين اجتماعيين يربطون أسباب تأخر الزواج بارتفاع المهور والأعباء الاقتصادية، وتفشي البطالة أيضا، إلا أن بشاعة ضغوط الحياة وأحكام المجتمع التي تطلق على من يتأخر في الارتباط لا تلتمس العذر في ذلك. وبين متقبل وكاره لمصطلح العنوسة الذي أثار بمعناه القدحي في حق الإنسانية الكثير من الجدل بين المثقفين والناشطين الحقوقيين في المجتمعات رائدة الحوارات والمنفتحة، يظل واحد من المشكلات النفسية والاجتماعية الموجودة فعلا في جميع المجتمعات. والحقيقة، أن ظاهرة ‘العنوسة' كما يتعارف عليه في المجتمعات العربية، تدق ناقوس الخطر بتفشيها وتفاقمها عربيا، بحسب ما تشير إليه الدراسات والإحصائيات الأخيرة التي كشفت ارتفاع معدلاتها، حسب الفئات العمرية بين الذكور والإناث. تدرج المغرب بين قائمة الدول العربية الأكثر معدلا في درجة ‘العنوسة' لا يغيب عن الإحصائيات الأخيرة، حيث سجل نسبة 40 بالمائة المغرب، وهي نفس النسبة المسجلة بمصر التي تعرف 80 مليون نسمة، أي ضعف سكان المغرب بمرتين، نسبة تنذر بمستوى تفشي الظاهرة المجتمعية، والتي تحمل آثارا سلبية مستقبلية على الأجيال اللاحقة. مقابل ذلك، سجلت البحرين واليمن أقل معدل في العنوسة بنسبة متراوحة بين 25 و30 بالمائة، لتبقى أعلى معدلات العنوسة المسجلة في كل من سوريا والعراق نحو 70 بالمائة، و75 بالمائة في الإمارات، تأتي قبلها نسبة 42 بالمائة بكل من الأردن والسعودية و الجزائر وتونس.