بقي مصطفى الرميد وزير الدولة المكلف بحقوق الانسان، صامتا منذ هجومه الغير مفهوم على مؤسسة القضاء في قضية زميله في الحزب عبد العالي حامي الدين، وممارسته للضغط على رئاسة الحكومة بمقاطعة أشغال المجلس الحكومي بغية تنزيل خطة العمل الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان في الجريدة الرسمية، وغيرها من المواقف الحزبية والحكومية. أمام هذا الصمت الطويل، تراجعت أسهم الرميد لدى أعضاء حزبه العدالة والتنمية، ليهتدي أمس إلى العودة إلى ساحة النقاش السياسي عن طريق مهاجمة غير موفقة رئيس التجمع الوطني للاحرار، عزيز أخنوش، واستعماله 'القلم الأحمر' لمراجعة البيان السياسي للحزب والذي حمل المسؤولية لرئيس الحكومة وحزبه في أزمة التجار الصغار. الرميد اختار لغة ‘الطنيز' وهو يحاول الركوب على موجة قضية أثارت الكثير من الجدل في الآونة الأخيرة والمتعلقة بوضعية التجار، واختار أيضا اللجوء إلى فيسبوك لجلب مزيد من البوز والمتعاطفين والتغطية عن خرجات غير موفقة له في الآونة الأخيرة وذلك عوض حمل الهاتف وإجراء اتصال هاتف مع زميل أخنوش في الحكومة. لغة الرسالة ذكرتنا برسائل أبرهة الحبشي إلى رسول الإسلام أو برسائل الصحابة إلى ملوك البلدان التي فتحها الفاتحون بالسيف، وبدأها بالقول: ‘بسم الله الرحمان الرحيم.. إلى السيد عزيز أخنوش رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار المحترم.. السلام عليكم ورحمة الله »، ليضيفبعدها: ‘وبعد، فقد اطلعت على بلاغ المكتب السياسي لحزبكم الصادر بتاريخ 11يناير 2019 بالناظور، وكان مثيرا طريقة حديثكم عن موضوع (الصعوبات التي يعاني منها التجار)… (..) وقد ترددت في توجيه هذه الرسالة المفتوحة إليكم، حتى اطلعت على بيان المجلس الوطني لحزبكم الصادر يوم أمس 27 يناير2019..'. الرسالة الطويلة تبدو مشحونة بمشاعر الحنق وعدم الرضا، وتظهر قصورا واضحا في التواصل الذي وقع فيه حزب العدالة والتنمية مؤخرا في صلته بأطراف الأغلبية، والذي بات يختار سياسة الهروب إلى الأمام واللعب على مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإخبارية المقربة منه للتاثير على الرأي العام وإظهار أنه ‘أنا وبعدي الطوفان'. في رسالته المفتوحة لعزيز أخنوش، والتي لم يرض فيها مصطفى الرميد أن يتحمل كل من بنكيران والعثماني المسؤولية المباشرة في ملفات ساخنة كملف التجار الصغار، نسي الوزير الإسلامي أن الدستور المغربي لسنة 2011 أعطى صلاحيات متقدمة وواسعة لرئاسة الحكومة وأبرزها أن الوزراء يمارسون اختصاصاتهم الحكومية تحت سلطة رئيس الحكومة طبقا للفصل 89 في الباب الخامس منه، والتي تقول: ' تمارس الحكومة السلطة التنفيذية. تعمل الحكومة، تحت سلطة رئيسها، على تنفيذ البرنامج الحكومي وعلى ضمان تنفيذ القوانين..'. وفي الفصل 93 نقرأ فيها، أن '..يقوم الوزراء بأداء المهام المسندة إليهم من قبل رئيس الحكومة'، وبالتالي فرئيس الحكومة هو المسؤول الأول عن اختيارات حكومته وقراراتها، وهو من يحيل القانون المالي على البرلمان من أجل المصادقة عليه، كما يملك حق تقديم تعديل على القانون المالي خلال فترة مناقشته.