العرض يفوق الطلب ومضاربة السماسرة والوسطاء تلهب الثمن في غياب مراقبة الجماعات المحلية أسواق السمك.. حقيقة الأسعار المشتعلة خصلت معطيات للمهنيين ووزارة الفلاحة والصيد البحري أن الأسماك الموجودة بالأسواق تفوق العرض وأن السبب الرئيس لارتفاع الأسعار هي المضاربات وتعدد الوسطاء وغياب دور الجماعات المحلية في مراقبة الأسواق التي توجد بترابها. أفادت معطيات من وزارة الفلاحة والصيد البحري، تفاعلا مع حملة مقاطعة السمك بالأسواق بسبب ارتفاع أسعاره، أنه تم تزويد الأسواق بكميات وافرة من السمك بغرض تلبية العرض في رمضان، خاصة الدارالبيضاء. وقد فاقت هذه الكميات الطلب خلال هذا الشهر، حيث بلغت أزيد من 1.5 مليون طن خلال الفترة ما بين 8 ماي و14 ماي، لترتفع إلى أزيد من 2.1 طن، خلال الفترة ما بين 15 و21 ماي 2018. الجماعات لا تراقب الأسواق وأكدت معطيات رسمية وأخرى قريبة من مهنيي قطاع الصيد بالمملكة أن الوزارة لا يد لها في غلاء أثمان الأسماك، ولا دخل لها في تحديد هامش الربح الذي يبقى من مسؤولية وتحت تصرف المهنيين ومنهم إلى المضاربين والوسطاء الذين ينشطون في قطاع السمك بشكل خاص، معتبرة أن المضاربة، وخصوصا في شهر رمضان، تعد السبب الأبرز لارتفاع الثمن في بعض الأسواق. وأبرزت المعطيات نفسها أن مهام وزارة الصيد البحري تشمل تموين الأسواق وضمان جودة الأسماك وخضوعها للقوانين الجاري بها العمل في قطاع الصيد البحري والمحافظة على الموارد البحرية، مشيرة إلى أن مسؤولية وزارة الصيد البحري تنتهي بمجرد تفريغ الأسماك وتوفيرها للبيع بالجملة، لترمي بذلك بالكرة في مرمى الجماعات المحلية التي تقع تحت نفوذها أسواق البيع، إذ إنه وبمجرد انتهاء مهمة الوزارة تبدأ مسارات البيع، التي يتدخل فيها الوسطاء والباعة بالتقسيط المؤطرين من طرف الجماعات المحلية. الوسطاء في قفص الاتهام وضرب المهنيون، من خلال الأرقام التي عمموها مثلا بثمن السردين، الذي يبلغ ثمن الكيلو الواحد منه 5 دراهم في سوق الجملة، لكن ما يلبث هذا الثمن أن يتضاعف بالأسواق بعد ذلك نتيجة لتعدد المضاربين والوسطاء والباعة بالتقسيط، وغياب المراقبة الفعالة في الأسواق، وأكبر دليل على ذلك هو سمك السردين الذي يباع في أسواق سلا، حيث يتم التزود به من الدارالبيضاء هذه الأخيرة التي تتزود به بدورها من آسفي لتعيد بيعه بسلا ما يجعل الثمن يرتفع بين هذه الأسواق. ويرى مهنيون من القطاع أن الأسواق التابعة للجماعات المحلية يجب أن تحدد لائحة تقريبية لأسعار الأسماك المعروضة، مع تحديد السعر الأدنى والأقصى للأسماك بناء على تعاملات السوق. وأوضحت معطيات الصيد البحري أن السوق تشهد طلبا متزايدا على السردين الصغير، الموجود بين الدارالبيضاء وأسفي. ويبلغ ثمن الصندوق في سوق الجملة 180 درهما، فيما يبلغ ثمن البيع من الميناء بين 150 و160 درهما. وهذا، توضح الإحصائيات الواردة من المهنيين، هو هامش الربح الذي يحققه البائع بالجملة في الصندوق الواحد. فيما يبلغ ثمن الصندوق الواحد من السردين القادم من طانطان والعيون وأكادير ما بين 80 إلى 140 درهما للصندوق في أسواق الجملة. وقالت المعطيات إن الثمن يشهد ارتفاعا صاروخيا لدى البائع بالتقسيط، حيث يصل ثمن البيع ما بين 20 و25 درهما، وهناك من يبيع بثمن أقل. وأشار المصدر ذاته إلى أن المغاربة يفضلون السمك الطري، ولا يستهلكون السمك المجمد، مذكرا بأنه من المستحيل توفير الأسماك الطرية طيلة السنة، نظرا لعدم إمكانية الصيد لجميع الأسماك طيلة السنة. التصدير بريء أما عن كون التصدير السبب الوحيد وراء غلاء أسعار الأسماك بالمغرب، فترد معطيات المهنيين على أن السمك الموجه للتصدير يشمل نوعين من الأسماك: السردين المعلب، الذي يدر على الدولة أكثر من 20 مليار درهم، ويساهم في خلق فرص للشغل مباشرة وغير مباشرة، وفي تنمية العجلة بالمناطق التي تعرف صيد السردين. وينتج المغرب من السردين، خلال ذروة الإنتاج التي تكون في الفترة ما بين يوليوز ودجنبر، مليون طن. وهي كمية من المستحيل أن يستهلكها السوق الداخلي، إذ يتم تعليب غالبية الإنتاج وتوجه للتصدير، إلى جانب سمك الأخطبوط، الذي لا يلقى إقبالا من طرف المغاربة على الرغم من المحاولات في السنوات الأخيرة بتوفيره في بعض المحلات. وأوضح المهنيون أن المغرب يتوفر على واجهة بحرية مهمة. لكن لا يجب إغفال، يقولون، أن عددا هاما من المصايد كان ضحية للاستنزاف والاستغلال المكثف، ومنذ إقرار خطط التهيئة المندرجة ضمن مخطط أليوتيس، بدأت عدد من الموارد البحرية في استعادة عافيتها وموارد أخرى تعود تدريجيا. ومن بين المصايد التي عانت من الاستنزاف وبدأت في العودة رويدا رويدا الأسماك السطحية (التي يهيمن عليها السردين) والقمرون على سبيل المثال. كما كان ميناء أسفي للتفريغ، والذي كان معروفا بالسردين ذي الجودة العالية، قد توقف بسبب اختفاء الموارد في المنطقة بفعل الاستغلال المفرط. لكن اليوم، تقول المعطيات، عاد إنتاج السردين ليستعيد نشاطه منذ أربع سنوات بعد وضع خطط التهيئة، وإقرار الراحة البيولوجية ووسائل أخرى لحماية الموارد. وهو الآن المورد الرئيس لمنطقة الدارالبيضاء الكبرى من السردين عن الأحداث المغربية