تستقبلك روائح الورود العطرة بأبهى نسائمها، وشتائل الضيعات تبهر ناظيرها بجمالية اللون الوردي المطل على طول الطريق المؤدية إلى قلعة مكونة، نساء يقطفن الورود بإحكام ويحتملن حرارة الشمس الربيعية، ومحلات تجارية تستعرض أخر الصيحات من المنتوجات المستخلصة من الورد مختزلة بذلك الدورة الانتاجية من القطف والتقطير والمختبر والتعليب والتسويق. ولوجود الورد بقلعة مكونة، قصة تاريخية غير موثقة بشكل رسمي، لكن الرواية الشفاهية تقول الروية أن أصله مشرقي وبالضبط من دمشق واستقدمه الحجاج للمغرب، لذلك فنوع الورد الغالب على المنطقة هو « الدمشقي » إذ يتواجد بكثافة بالإضافة للمغرب في المملكة السعودية وبالضبط في الطائف ويسمى هناك الطائفي.. ويتميز بغناه الكبير من ناحية الزيت والفوائد الصحية. . دورة الانتاج بأعين « القناة » من الضيعة إلى التسويق. بإحدى الضيعات النموذجية للورد ضواحي قلعة مكونة، نساء في الأربعينات من العمر يقطفن الورد تحت أشعة الشمس ويضعنه في صدريات بعناية حتى يستجمعنه في الأكياس المعدة سلفا للمقاولات أو التعاونيات، صاحب الضيعة محمد بن حماد، أفاد في تصريح « للمغربية » أن مساحة الورود تحسب « بالعواشر » مضيفا أن ضيعته تضم 15 « عشارة » أي ما يقارب نصف هكتار، وتشغل 10 نساء مبرزا أن محصوله لهذه السنة سيبيعه لإحدى المقاولات في الوقت الذي لم يستطع بيع محصول السنة الماضية، موضحا أن ثمن الورد قد انخفض بشكل ملموس، وأن الوسطاء بين الفلاحين والمنتجين هم المستفيدون الأوائل من العملية. انتقلت « القناة » إلى تعاونية محمد صوفي لتقطير الورد، يستقبلنا شيخ يحمل أكياس الورود ويضعها في فضاء خاص معد سلفا للفرز وانتقاء الورود، تلك إذن المرحلة الثانية، التي ستعقبها مرحلة الطهي واستخراج ماء الورد والزيت. محمد صوفي مؤسس التعاونية التي تشغل 3 عمال مداومين، قال في تصريح « للمغربية » أنه يشتغل تحت طلب الزبائن، حيث ينتج إما « ماء للورد » أو « زيت الورد »، موضحا أن إنتاج الزيت يحتاج إلى 4.5 طن من الورد لإستخراج لتر واحد من الزيت، والذي يقدر في السوق الدولية مابين 7 آلاف إلى 13 ألف دولار، في الوقت يحتاج لتر واحد من ماء الورد إلى كيلوغراما واحدا من الورد، كما أن الثمن يختلف بين البيع بالتقسيط والجملة. يوضع الورد في وعاء ضخم تحت النار، في مرحلته الثالثة، حيث يتم صب الماء على الورد ويتم غليه ليتسخرج ماء الورد من بخار الماء المغلى، في الوقت الذي يفصل الزيت تلقائيا عبر الآلة الضخمه، إذ يتم استخراجه كلما وصلت إلى كميته مابين 20 إلى 50 مم حيث توضع في قارورة خاصة، كما يتم يتم تخزين ماء الورد في مرحلته الرابعة في حاويات مائية حيث ترقم بالكمية وكذا ساعة وتاريخ التخزين والتصنيع، في الوقت الذي تقدم التعاونية المادة الأولية لأحد المختبرات، الذي بدوره بتولى عملية إعداد « المستخلصات التجميلية » ومواد التنظيف، فيما تمر عملية التقطير في شهر ماي من كل سنة، ويتم تفريغ ماء الورد المخزن مرة في الشهر حسب الطلب. تخضع دورة الانتاج هاته لمراقبة يراقب المكتب الوطني للسلامة الصحية، بين أن ذلك لا يمنح المنتوج صفة « الجودة الطبيعية » المعروفة اختصار ب »البيو »، حيث تقوم بعض المقاولات بمراقبة مراحل الانتاج ودورته، حتى تعطي علامات « البيو » المؤدى عنها سنويا بحوالي 15 ألف و20 ألف درهم في السنة، وفق دفتر التحملات يحتم على المنتج عدم استعمال المواد الكيماوية، وكذا التصريح بأرضية الضعية المزروعة ونوعية المنتوج المزروع سلفا فيها. . التسويق والتصدير تختلف وسائل وآليات التسويق حسب طبيعة المنتوج وطرق التعليب وجودته، فالنسبة لتعاونية صوفي تصدر 80 في المائة من منتوجاتها لفرنسا، و20 في المائة منها يبقى في المغرب، حيث تعمل هذه التعاونية على استقدام وسائل التعليب يتم من الخارج، لإنها في نظر مؤسس التعاونية تحترم الضوابط الدولية، قبل ان يردف بكون « التعليب يساوي نصف المنتوج ». الحسن اللطفي مستثمر اختار قطاع الورود للتأسيس لبنية اقتصادية محلية تدر عليهم دخلا قارا من جهة وتخلق فرصا واعدة للشغل من جهة ثانية، فبعد عشرين سنة من الاشتغال في مجال الورد، اكتسب اللطفي خبرة معمقة في أسرار صناعة الورد العطري وطرق تصنيع العطور ومواد التجميل، مما أهله لفتح وحدة صناعية لتقطير الورد بقلعة امكونة اختار له اسم « دار الورد البلدي ». والتي استطاعت نسج علاقات طبية مع زبنائها وبناء شبكة من العملاء المنتشرة محليا ووطنيا. لطفي الذي نجح في فتح منتوجه على أسواق متنوعة وزبائن من مختلف الأطياف المجتمعية واظب على تزويدهم بأكثر من مئة صنف من منتجات الورد بشتى أصنافه بحيث لا يقتصر عمل المصنع على عملية التقطير، بل يشمل صناعة العطور والكريمات والصابون وغيرها من مواد التجميل، كما قرر رفع تحد من نوع آخر عبر فتح محل « دادس الأخضر » المتخصص في تسويق منتوجات طبيعية ذات جودة عالية وبمواصفات دقيقة من زيوت نباتية وعطرية وكريمات وماء ورد وغيرها من مشتقات الورد العطري، لتتوج خلال سنة 2016 بانتزاع شهادة المنتوج الطبيعي التي تمنحها CCPB بعد تتبع سلسلة الإنتاج ابتداء من الزراعة والتسميد و القطف، مرورا بالجمع والنقل والتقطير وصولا إلى التخزين والتلفيف والتوزيع. . مهنيو القطاع يطالبون بالتثمين . دعا رئيس الفيدرالية البهيمية « فيماروز » تطرق لإعتماد مبدأ التشاركية كأساس لتثمين الوردة انتاجا وتسويقا، واعتماد الجودة أثناء إنتاج الورد ومشتقاته، لضمان تحسين صورة ورود قلعة مكونة، مشيرا إلى أن هناك برنامج لتكوين الفلاحين في مجال القانون الجديد الذي يسير التعاونيات، داعيا إلى ضرورة استفادة التعاونيات من برنامج شراكة "فيما روز" ووزارة الفلاحة بشكل يجعلها شريكا استراتيجيا في المجال، بدوره أشار رئيس قسم الشراكة بالمديرية الجهوية للفلاحة بجهة درعة تافيلالت، الى أن المخطط المغربي جاء بنفس التجديد والتطوير حيث وضع إستراتيجية واضحة المعالم لإعادة تنظيم المهنيين في تعاونيات ومجموعات ذات النفع نظرا للدور الذي تلعبه توحيد الجهود وتنسيق التدخلات مع ترشيد للموارد المادية والبشرية، مبرزا أن التنظيم التعاوني يمنح الفلاحين القوة الترافعية الكفيلة بالرفع من مردودية منتوجاتهم وإمكانية التفاوض الفعال من أجل الرقي بسلسلة الورد العطري، موضحا أن البرامج المستقبلية تعمل بالأساس على تنظيم الفلاحين عن طريق الفلاحة البيولوجية التي ترتكز على عدم استعمال المواد الكيماوية، مضيفا أن هذه المنتوجات باتت الطلب عليها في الأسواق الوطنية والدولية في تزايد مستمر. . وكالة تنمية مناطق الوحات تتدخل .. بلورت الوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجر الأركان، منذ إحداثها، رؤية استراتيجية تنموية شاملة ومندمجة بأهداف ومؤشرات مرقمة في أفق 2020، تهدف إلى خلق فضاءات جذابة وتنافسية ومحمية بيئيا تمكن الساكنة من الاستفادة من مؤهلات المنطقة وذلك بالعمل على التأهيل البشري والزيادة في نسبة الدخل على مستوى مختلف القطاعات الانتاجية مع الحفاظ على الموارد الطبيعية والمحيط الحيوي بصفة مستدامة، حيث ساهمت الوكالة في إنجاز أزيد من 30 مشروعا بكلفة إجمالية تقدر بحوالي 180 مليون درهم بلغت مساهمة الوكالة فيها ما يناهز 69 مليون درهم، إذ شملت هذه المشاريع جل الجماعات الترابية (25 جماعة) حيث بلغ عدد المستفيدين 167 ألف و100 مستفيد، كما أخذت الوكالة على عاتقها تتبع عقد برنامج الورد العطري حيث تقوم بمعية مصالح الفلاحة بتتبع إنجاز هذا البرنامج و مواكبة التنظيمات المهنية التي تشتغل في هذه السلسلة، فعلى سبيل الذكر تساهم كل سنة في تمويل موسم الورود بقلعة مكونة كما أنها ساهمت في مشروع بناء دار الورد بغلاف مالي ناهز 2 مليون درهم. وبرسم سنة 2016 فإن الوكالة بالإضافة إلى دعم تنظيم موسم الورود بقلعة مكونة، قامت بالمصادقة على 4 مشاريع تنموية تهم 4 جماعات ترابية اكنيون، اغيل نومكون، ايت هاني وأسول بغلاف مالي بلغ 3.6 مليون درهم كمساهمة للوكالة * مكتب الاستشارة الفلاحية يرشد الفلاحين بالطرق الحديثة .. كشف الحسن جابي المدير الجهوي للمكتب الوطني للاستشارة الفلاحية بجهة درعة تافيلالت في تصريح « للقناة » أن المكتب يعمل على مواكبة سلسلة إنتاج الورد العطري، عبر تأطير الفلاحين بهدف تحسين الانتاج والدخل، وكذا مواكبة مشاريع مخطط المغرب الأخضر، وأوضح المتحدث أن المكتب يشارك بمختلف المعارض الوطنية برواق للتعريف بالمؤسسة وقاعة للعروض تخصص لعرض أشرطة تحسيسة وتوعوية والتي تهم التقنيات الجديدة الخاصة بإنتاج الورود، وطرق التسويق التسيير وكذا امكانات الإستثمار في السلاسل الانتاجية حسب نشاط كل فلاح، مضيفا أن جديد هذه السنة، هو المركز المتنقل للإستشارة الفلاحية، والذي يعد عبارة عن سيارة كبيرة مجهزة بجميع المعدات السمعية البصرية والمكتوبة والتي تتنقل بين الدواوير لتسهيل الولوج للمعلومة وتقريب الفلاحين من المستجدات الفلاحية سواء المتعلقة بالمساطر الخاصة بالدعم أو بعض الامراض المتفشية، أو غيرها من المعلومات التي يحتاجها الفلاحون.