جنرالات الجزائر يكشفون عن آخر ورقة لهم في النزاع المفتعل بالصحراء المغربية و موفد الأممالمتحدة للمنطقة يطلق جولة مشاورات في برلين. القناة : محمد أبو يحيى دعا الموفد الخاص للأمم المتحدة للمنطقة هورست كوهلر، وزراء خارجية المغرب والجزائروموريتانيا والمسؤول عن جبهة البوليساريو الى برلين، لإجراء مباحثات بشأن النزاع المفتعل في الصحراء المغربية . وحسب بيان أممي « فإن الموفد الشخصي للامين العام ينوي تنظيم مباحثات ثنائية مع الاطراف والدول المجاورة »، وقد بعث دعوات بهذا الخصوص إلى الأطراف المعنية. المشاورات برعاية الرئيس الالماني السابق التي لم يحدد اي موعد لها، ستجري في برلين. ويصادف الاعلان عن المشاورات مع عودة التوتر في المنطقة بسبب مناورات البوليساريو المدعومة من الجزائر والتوغل في المنطقة الفاصلة الواقعة على الحدود مع موريتانيا. وقد طغى الحديث عن الكركرات قبل سنتين من الآن، فمنذ سنة 2016 و الحديث ﻻ يكاد ينقطع عن الكركرات كنقطة توتر بين المغرب وجبهة البوليساريو بعد المناوشات وتوغل بعض العناصر الانفصالية المدعومة بالقوات الجزائرية لوجستيكيا وتكتيكيا حتى خيل للبعض أن معبر الكركرات تم تدشينه بالأمس القريب، و الواقع ان بداية فتح معبر الكركرات بين المغرب و موريتانيا تعود بالضبط لسنة 2003 عندما تم تجديد المعبر وانطلقت الحركة التجارية عبر موريتانيا إلى العمق الإفريقي. يحق لنا أن نتساءل أين كانت جبهة البوليساريو ومن ورائها الجزائر منذ 15 سنة، حينما تم فتح طريق تجارية بين المغرب و موريتانيا؟و لماذا لم تنتشر بعض عناصرها بالمعبر في ذلك التاريخ، ما دامت تقول اليوم إن « المعبر غير شرعي »؟ و ما علاقة الحديث المتصاعد عن معبر الكركرات مع مسارعة الجزائر وسعيها الحثيث لفتح معبر بري مع موريتانيا، من المرتقب أن يدشن رسميا هذه السنة؟. ولماذا لم يثر مشكل الكركرات قبل إعلان المغرب عن دخول المشروع التنموي للأقاليم الجنوبية حيز التنفيذ، و الذي يتضمن إنجاز طريق سيار من طنجة الى الكركرات، و ميناء الداخلة الدولي؟. بتحليل دقيق لعمق هذه التساؤلات، وبربط الأحداث والوقائع التي شهدها الاقتصاد المغربي قبل سنتين وتوجهه الإفريقي جنوب الصحراء بتصور تنموي تشاركي، نشتم رائحة غيرة الجزائر من المغرب،في التنافس على الأسواق اﻻفريقية وعائدات عبور المهاجرين اﻻفارقة الى بلدانهم بعد أن تمكن المغرب من سحب البساط من تحت أرجل جينرالات الجزائر، والذين كانوا يبسطون هيمنتهم على مناطق نفوذ بدول جنوب الصحراء من خلال دعم مالي لأنظمة بعينها لكسب الصوت الإفريقي في المحافل الدولية. التوجه السياسي الجديد للمغرب نحو العمق الإفريقي ضمن « معادلة رابح رابح » واستحضار البعد التنموي والانساني في التعامل مع المهاجرين من دول إفريقيا جنوب الصحراء، أفقد النظام الجزائري بوصلة التحكم في زمام المبادرة إفريقيا، وبالتالي أصبح لزاما على حكام قصر المرادية تغيير استراتيجية التعامل مع المستجدات المتسارعة والتي توجت بعودة المغرب إلى الاتحاد الافريقي وإطلاق مشاريع واتفاقيات ثنائية مع العديد من الدول الإفريقية. الاستراتيجية تنبني على مسارين متقابلين، فمن جهة إحداث طريق تجاري يربط الجزائر بالغرب الإفريقي عبر موريتانيا، وهو ممر « أكثر أمنا من الطريق عبر مالي أو النيجر »، ومن جهة أخرى خلق بؤرة توتر بالكركرات، وهو المعبر التجاري الاستراتيجي الذي يبني عليه المغرب توجهه الاقتصادي نحو الأسواق الافريقية. ولتنزيل المشروع الجزائري، وقعت الجزائروموريتانيا على اتفاق يتعلق بإنشاء مركز حدودي بري على مستوى الشريط الحدودي المشترك بين البلدين. و يتضمن الاتفاق إنشاء المركز الحدودي البري على شكل مركزين حدوديين متقابلين على مستوى الشريط الحدودي المشترك بالمنطقة المسماة حاسي 75 العلامة الحدودية 8. وقد شرعت موريتانيا في إنجاز الجانب المتعلق بها من الطريق الذي يربط بين المناطق الصحراوية الواقعة بين ولاية تندوف وشوم بموريتانيا على مسافة 800 كيلومتر، الذي يعتبر جزءا من مشروع طريق يربط العاصمتين الجزائر ونواكشوط. انطلقت الأشغال من الجانبين وفي الوقت الذي أشرفت على الانتهاء في الشطر الموريتاني، تباطأ الورش على الجانب الجزائري لأسباب غير واضحة، فهناك من يدعي مشكل التمويل وآخرون يربطون ذلك بعدم كشف الجزائر لنواياها الحقيقية، إذ ما معنى انطلاق الحركة التجارية عبر الطريق الجديد مباشرة بعد افتعال أزمة بمعبر الكركرات؟ وبخصوص الأزمة التي افتعلتها الجزائر بالكركرات، وخلافا لما تم الترويج له إعلاميا بشأن إمكانية حدوث مواجهة بين المغرب والبوليساريو بالمنطقة، فإنه ، وبالنظر للمعطيات الاستراتيجية،ﻻ يمكن للبوليساريو خوض حرب في منطقة الكركرات مطلقا، وأي تحرك في هذا الاتجاه من دون دعم عسكري ولوجستيكي جزائري مباشر يعتبر انتحارا، فلوصول عناصر البوليساريو بعتادها الى الكركرات على الساحل اﻻطلسي، عليها ان تتوغل في العمق بمحاذاة القوات المغربية لما يناهز 250 كلم في شريط ضيق يمتد من تشلة شرقا الى الكركرات غربا وﻻ يتجاوز عرضه في اتجاه الحدود الموريتانية عشرة كليمترات في اغلب اﻻحيان، وهي منطقة رملية مكشوفة. ما يعني أن اي عمل عسكري لعناصر البوليساريو في تلك المناطق هو انتحار بكل ما في الكلمة من معنى. وضع تعيه جبهة البوليساريو جيدا و تؤكده حرب الصحراء اﻻولى، فلم تشهد المناطق غرب تشلة معارك تذكر منذ تشييد الجدار الرملي الدفاعي المغربي. وخلاصة القول إن الوضع بالكركرات هو استعراض قوة و رسائل من البوليساريو إلى الوسيط اﻻممي الذي يشتغل بصمت، و هو يرمي لكسب نقاط في تقريره المزمع تقديمه أبريل القادم، وفي نفس الوقت هو مخطط جزائري لخلق وضع غير مستقر بالمعبر الحدودي والدفع في اتجاه تشغيل معبرها الجديد في الحدود مع موريتانيا .