كشف حبوب الشرقاوي، مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية، خلال ندوة صحفية اليوم الإثنين بسلا، عن تفاصيل تفكيك خلية يُشتبه في ارتباطها بتنظيم داعش في منطقة الساحل الإفريقي، أطلق عليها أفرادها "أسود الخلافة في المغرب الأقصى". ووفقاً لبلاغ صادر عن القطب الأمني، والمنشور يومي الأربعاء والخميس 19 و20 فبراير الجاري، تمكن المكتب المركزي للأبحاث القضائية، بناءً على معلومات استخباراتية دقيقة وفرتها مصالح المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، من إحباط مخطط إرهابي بالغ الخطورة كان يستهدف المغرب. وحسب المسؤول الأمني، فإن العملية جاءت بتكليف وتحريض مباشر من قيادي بارز في تنظيم "داعش" بمنطقة الساحل الإفريقي يُدعى عبد الرحمان الصحراوي، وهو من جنسية ليبية. وأوضح الشرقاوي أن عمليات البحث والتتبع لأنشطة هذه الخلية التي أطلق عليها أفرادها "أسود الخلافة في المغرب الأقصى" استمرت لنحو عام، مما أسفر عن توقيف 12 شخصاً في مدن العيون، الدارالبيضاء، فاس، تاونات، طنجة، أزمور، جرسيف، أولاد تايمة، وتامسنة بضواحي الرباط. وأضاف أن هؤلاء الأشخاص قاموا مؤخراً بعمليات استطلاع لتحديد المواقع المستهدفة بعدة مدن مغربية. معدات صناعة المتفجرات وأشار المصدر ذاته إلى أن إجراءات البحث والتفتيش أسفرت، في مرحلة أولى، عن ضبط عدد من المواد والمعدات التي قد تكون مرتبطة بالتحضير لعملية إرهابية، من بينها عبوات يُعتقد أنها ناسفة ومواد يُشتبه في استخدامها في صناعة المتفجرات، إضافة إلى أسلحة بيضاء. ووفقاً للتحقيقات التقنية الأولية، تم العثور لدى بعض الموقوفين على إحداثيات وعناوين خاصة بنظام تحديد المواقع (GPS)، تشير إلى موقع مخبأ للأسلحة والذخيرة. وحسب المعلومات الأولية، فإن هذا الموقع يقع بإقليم الرشيدية، وتحديداً بالضفة الشرقية لواد گير، في منطقة "تل مزيل"، جماعة وقيادة واد النعام، التابعة لمنطقة بوذنيب على الحدود الشرقية للمملكة. واسترسل حبوب الشرقاوي، أنه بعد الانتقال إلى المكان الذي حدده نظام التموقع الجغرافي، تبين بأن هذا المخبأ يتواجد عند سفح وعر المسالك، استلزم انتداب المعدات اللازمة وتسخير بروتوكول الأمن والسلامة الخاص بالتهديدات الإرهابية، وكذا الاستعانة بدوريات الكلاب المتخصصة في الكشف عن المتفجرات وأجهزة كشف المعادن ورصد وتحديد طبيعة المواد المشبوهة، وروبوتات لرصد الأجسام الناسفة، وجهاز المسح بالأشعة السينية. وأوضح مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية أن عمليات المسح الطوبوغرافي والتمشيط والتفتيش، مكنت بعد أزيد من ثلاث ساعات، من العثور على شحنة من الأسلحة والذخيرة النارية مدفونة في مكان منزو أسفل المرتفع الصخري. وأشار إلى أن الترسانة تتكون من سلاحي كلاشينكوف مع خزانين للرصاص، وبندقيتين ناريتين، وعشر مسدسات نارية فردية من مختلف الأنواع، وكمية كبيرة من الذخيرة الحية من مختلف الأعيرة، كانت ملفوفة في أكياس بلاستيكية وجرائد ومنشورات ورقية بدولة مالي، من بينها أسبوعيات صادرة بتاريخ 15 و 27/01/2025. وأورد الشرقاوي أن الخبرة الباليستيكية التي باشرها خبراء الأسلحة التابعين لمعهد العلوم والأدلة الجنائية بالمديرية العامة للأمن الوطني، أظهرت بأن هذه الأسلحة في وضعية اشتغال جيدة، وأنها خضعت لمحو عمدي لأرقامها التسلسلية بغرض طمس مصدرها، كما تم قطع ماسورة بعضها لتسهيل عملية إخفائها وحملها. وقال المتحدث ذاته، إن القيادي في"ولاية داعش بالساحل" المدعو "عبد الرحمان الصحراوي الليبي"، الذي كان على اتصال بشبكات التهريب، هو من وفر هذه الترسانة لأفراد الخلية الإرهابية. مؤكدا أنه بفضل يقظة المصالح الأمنية، فقد تم الوصول إلى هذه الأسلحة ومنع حدوث كارثة لو تمكن أعضاء الخلية من وضع اليد عليها. بروفايلات أعضاء الخلية أفاد حبوب الشرقاوي في معرض كلمته، أن عدد الموقوفين في هذه الخلية الإرهابية، بلغ إلى غاية هذه المرحلة من البحث، 12 مشتبه فيهم، تتراوح أعمارهم ما بين 18 و40 سنة. وبخصوص بروفايل الأشخاص الموقوفين، يضيف المتحدث ذاته، فإنهم يتشاركون في معطى أساسي وهو مستواهم الدراسي، الذي لا يتجاوز مرحلة الثانوي بالنسبة لثمانية من المشتبه فيهم، ومستوى التعليم الأساسي بالنسبة لثلاثة منهم، بينما لم يتجاوز أحد أعضاء هذه الخلية السنة الأولى من السلك الجامعي. أما بالنسبة للوضعية الاجتماعية لعناصر هذه الخلية الإرهابية، فاثنين منهم فقط متزوجان ولهم أبناء، بينما تتشابه وضعياتهم المهنية من حيث مزاولة أغلبيتهم لمهن وحرف بسيطة وعرضية. وأفادت الأبحاث الأمنية الأولية، وفق المتحدث ذاته، بأن أعضاء هذه الخلية الإرهابية كان لهم ارتباط وثيق بكوادر من لجنة العمليات الخارجية في فرع الدولة الإسلامية بالساحل، والذي كان يقوده المدعو عدنان أبو الوليد الصحراوي (لقي حتفه). وأشار إلى أن التحريات الأولية تفيد بأن المشروع الإرهابي لأعضاء هذه الخلية قد حصل على مباركة تنظيم "داعش" بمنطقة الساحل، حيث توصلوا مؤخرا بشريط مصور يحرض على تنفيذ هذه العمليات، وذلك إيذانا بانتقالهم للتنفيذ المادي للمخططات التخريبية. وشدد مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية خطورة هذه الخلية لا تكمن فقط في تعدد الأهداف التي تم تحديدها، بل أيضا في كونها كانت مشروعا استراتيجيا ل"ولاية داعش بالساحل" لإقامة فرع لها بالمملكة، مؤكدا أن هذا الأمر يمكن ملامسته من خلال الأسلوب الذي تم اعتماده في إدارتها، إذ قام أعضاء الخلية بإيعاز من لجنة العمليات الخارجية لهذا التنظيم، بتشكيل لجنة مصغرة مكلفة بالتنسيق معها بخصوص المخططات الإرهابية، وكيفية تنفيذها، وتبليغ الأوامر لبقية العناصر الأخرى.