كشفت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، أن وباء "بوحمرون" ظهر في المغرب لأول مرة في جهة سوس ماسة منذ أكتوبر 2023، قبل أن ينتقل تدريجياً إلى الأقاليم المجاورة في جهة مراكش – آسفي، ومن ثم إلى مختلف مناطق وجهات المملكة. وسجلت الوزارة تحسن الوضع الوبائي خلال الأسابيع الأخيرة في الأقاليم التي بدأ منها داء الحصبة، مشيرة إلى أن معظم الحالات حاليا يتم رصدها بالخصوص في أربع جهات رئيسية: فاس-مكناس، طنجة-تطوان-الحسيمة، الرباط-سلا-القنيطرة، والدارالبيضاء-سطات. وأوضح المصدر نفسه، أنه إلى حدود 20 يناير 2025، تم التحقق من الوضعية التلقيحية لما يزيد عن 7.980.000 طفل تتراوح أعمارهم بين 9 أشهر و18 سنة، مما يمثل نسبة 76.3% من الهدف المسطر، مع تحقيق نسبة تلقيح إضافية بلغت 39.17% لصالح الفئات المستهدفة. تراجع الإقبال على التلقيح وأكد المصدر عينه، أن تفشي مرض الحصبة في السنوات الأخيرة يُعزى إلى تراجع الإقبال على التلقيح التي أعقبت بداية جائحة كوفيد-19 بسبب انتشار الشائعات والمعلومات المغلوطة حول سلامة وفعالية وأهمية اللقاحات، وكذا التّراكم المسجل في أعداد الأشخاص غير الملقّحين الناتج عدم احترام الجدول الوطني للتلقيح المعتمد من طرف المغرب، الذي يغطي مجموعة من الأمراض الخطيرة والمعدية، مما أدى إلى تفاقم الوضع وزيادة انتشار وتفشي مرض الحصبة. وكشفت معطيات وفرتها الوزارة، أن العالم شهد في السنوات الأخيرة عودة مقلقة لمرض الحصبة. فوفقًا لتقارير منظمة الصحة العالمية، ارتفعت حالات الإصابة بالحصبة بنسبة 20% في عام 2023، وسُجلت حوالي 10.3 مليون حالة إصابة في جميع أنحاء العالم، ما أدى إلى وفاة 107,500 شخص، معظمهم من الأطفال دون سن الخامسة من غير المُلقّحين أو المنقوصي التلقيح. الجهود الوطنية لمواجهة الحصبة قالت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، إنها عملت بتنسيق تام مع مختلف السلطات والمصالح المعنية على اتخاذ إجراءات سريعة وفعالة للتجاوب مع هذا المستجد الوبائي. وفي هذا الصدد، أكدت الوزارة أنها وضعت مخططا للرصد والتصدي للحصبة، تُنفذ تحت إشراف لجنة علمية وطنية تضم نخبة من الخبراء المغاربة المتخصصين في علم الأوبئة، طب التعفنات، طب الأطفال، الميكروبيولوجيا، اللقاحات، وعلم المناعة. إرساء وتفعيل نظام اليقظة والرصد الوبائي وكشفت الوزارة، أنه لمواجهة هذا الوباء والحد من انتشاره، عملت بتنسيق كامل مع مختلف السلطات والمصالح المعنية على اتخاذ إجراءات سريعة وفعالة لمواجهة هذا التحدي الصحي. وفي هذا السياق، تم تفعيل المركز الوطني لعمليات طوارئ الصحة العامة (CNOUSP) و12 مركزًا جهويًا للطوارئ الصحية المكلفة بالرصد الوبائي والفرق الإقليمية للاستجابة الوبائية السريعة، كما تم وضع منظومة خاصة تشمل تعريفات دقيقة للحالة يتم تأكيدها من خلال التحريات الوبائية وتحليل العينات في المختبرات المرجعية، بالإضافة إلى تعزيز اليقظة الجينومية. تمديد الحملة الوطنية لمراجعة واستدراك التلقيح وفي إطار مكافحة انتشار مرض الحصبة والوقاية منه، فقد عملت الوزارة، يضيف المصدر، على تعزيز التلقيح الروتيني بهدف تحقيق تغطية تفوق 95% بجرعتين من لقاح الحصبة، بالإضافة إلى تنفيذ حملات تلقيح استدراكية للأطفال الذين لم يتلقوا الجرعات اللازمة. كما تم، في يناير 2025، توسيع نطاق الحملة الاستدراكية للتلقيح ضد الحصبة لتشمل البالغين، بعد أن كانت مقتصرة على الأطفال حتى سن 18 عامًا. وفي هذا السياق، وجهت الوزارة تعليماتها لجميع المراكز الصحية لاستقبال البالغين الراغبين في التلقيح، بهدف تعزيز مناعتهم ضد المرض، خاصة في ظل الارتفاع الملحوظ في حالات الإصابة بمرض بوحمُرون في المغرب. التكفل بالحالات والتلقيح لدى المخالطين من أجل الحد من انتشار داء الحصبة، أعدت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية استراتيجية للتكفل بالأشخاص المصابين، بحيث يتم التكفل بالشخص المصاب بداء الحصبة في منزله، ما لم تظهر على المريض مضاعفات حادة تستدعي نقله إلى المستشفى، وذلك لتفادي انتقال العدوى في صفوف المرضى داخل المستشفيات. كما يتم تخصيص غرف فردية وأخرى جماعية في المستشفيات لعزل المصابين، واتخاذ كافة الاحتياطات والتدابير للحيلولة دون انتشار المرض. كما تم وضع بروتوكول علاجي وطني للتكفل بالحالات والمضاعفات المحتملة بناء على توصيات منظمة الصحة العالمية والمؤسسات الدولية ذات الصلة. من جهة أخرى، وضعت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية استراتيجية متكاملة لمواجهة داء الحصبة تقوم على التدخل الفوري والعاجل للحيلولة دون انتشار وتفشي المرض وذلك حسب الخصوصية الوبائية لكل منطقة بناء على تقييم دقيق للوضع الوبائي ودعت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية جميع المواطنات والمواطنين، خاصة الآباء والأمهات، وجمعيات المجتمع المدني، وكافة الفاعلين في هذا المجهود الوطني، إلى تكثيف الجهود والمشاركة الفعالة في حملة التلقيح ضد الحصبة التي ما زالت جارية في بلادنا. كما طلبت الوزارة من وسائل الإعلام ونشطاء وسائل التواصل الاجتماعي التصدي للمعلومات المضللة والشائعات التي تشكك في سلامة وفعالية وأهمية اللقاحات، وذلك حماية للأمن الصحي العمومي.