ما أثير في الأيام الماضية بخصوص علاقة الوزيرين الرميد وامكراز بموظفيهم، وعدم تمكينهم من حقوقهم في الاحتياط الاجتماعي، يطرح مشكلة عميقة، لابد من مواجهتها ومعالجتها ونحن على أعتاب صوغ نموذج تنموي جديد. فإصلاح سوق الشغل وإعادة النظر في شروط وظروف التعاقد ورش ينبغي الإسراع في الاشتغال عليه، من بوابة تطوير مفهومنا عن شكل ومضمون التعاقد في القطاعين العام والخاص، فالإجراء الحكومي المعتمَد خلال السنوات الأخيرة، والقاضي بإحلال التعاقد محل شكل التوظيف التقليدي في قطاع التعليم، وبالرغم من الاعتراض الذي لقيه تطبيقه وما يزال، إلا أنه يوسع من هامش الرقابة الحكومية على أداء الموظفين العموميين، حيث وضع أدائهم تحت طائلتي المكافأة أو الفصل، وهو ما ينبغي تعميمه في كل القطاعات الوزارية، لجعل الإدارة أكثر فعالية ونجاعة وقابلية للمحاسبة، والقطع تماما مع ذهنية « الريع » و »الغنيمة » المستشرية داخل الجسد الوظيفي منذ السنوات الأولى للاستقلال. غير أن هذا لا يكفي لتحقيق إقلاع حقيقي في تطوير التشغيل في الوظائف العمومية، بالاعتماد على التعاقد كما هو معمول به في القطاع الخاص، ذلك أن الأوْلى هو تحسين شروط التعاقد في القطاع الخاص نفسه، فلا يُعقل أننا سنخطو خطواتنا في أي نموذج تنموي كيفما كان، دونما تحقيق التوازن بين المشغِّلين والأجراء في القطاع الخاص، وعدم ترك العمال/الموظفين تحت رحمة مشغِّليهم، ليواجهوا مختلف أصناف « السُخرة » أو التعرض للطرد انطلاقا من مزاج المشغِّل، والعمل خارج أي ضمانات عن فقدان الشغل أو المرض أو حقوق الابناء بعد أي حالة وفاة. لابد إذن من إصلاح قانون الشغل ليشمل عقود الشغل في القطاعين العام والخاص، بظروف تجعل مساطر المحاسبة والمكافأة والطرد والاحتياط تمر عبر قنوات الإدارة والأمن والقضاء، ولا توضع مطلقا في يد المدير المباشر أو رب العمل، إجراء سيكون كفيلا بأن ينعش جسد الإدارة وفي الوقت نفسه سيخفف عنها ضغط مطالب المئات والآلاف الذين يتخرجون كل سنة من معاهدنا وجامعاتنا وحلمهم هو « التوظيف ». إن العنصر البشري حينما يجد الطريق إلى وضع آمن ومستقر وواعد داخل بنيات وهياكل القطاعين العام والخاص، سيكون حتما هو الرافعة لأي توجه تنموي نختاره اليوم أو غدا. *باحث وكاتب مغربي (دكتوراه في العلوم السياسية من جامعة محمد الخامس – الرباط)