أعطيت الانطلاقة الأولى للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية شهر ماي لسنة 2005، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، و الذي يوليها عناية خاصة كونها مبادرة ملكية بامتياز وورش تنموي مفتوح، أراده الملك أن يكون « تجربة مغربية من صنع المغاربة ومن أجل المغاربة »، فكان العنصر البشري أهم ما تستهدفه المبادرة، باعتبارها فرصة للتمرس والاندماج الاقتصادي، وخلق إمكانيات التشغيل الذاتي وإحداث المقاولة وتوسيع مجالات التسويق المختلفة، وإلى حدود اليوم فقد مر عقد من الزمن على هذه الانطلاقة، لذا يحق التساؤل عن ماذا تحقق؟ و أية حصيلة يمكن أن نتحدث عنها؟ فبالرغم من المعيقات و الاشكالات الكثيرة التي لازمت مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، إلا أن التتبع الملكي كان عاملا حاسما في نجاح هذا الورش التنموي، من خلال انجاز مشاريع غطت مجالات مختلفة عادت بالنفع على ساكنة تقدر بعشرة ملايين شخص مستفيد بطرق مباشرة أو غير مباشرة، حيث استفادوا من مختلف أشكال الدعم وينحدون من أحياء فقيرة وجماعات قروية بعيدة ومعزولة، فمنذ 2005 والى حدود هذه السنة تم إطلاق حوالي 38 ألف مشروع أنجز منها 80 بالمائة، فيما توجد البقية في طور الانجاز حيث تطلبت هذه المشاريع غلافا ماليا ناهز 29 مليار درهم، ساهمت منه المبادرة ب 17 مليار درهم، وهو ما يؤكد الدور الذي باتت تضطلع به المبادرة مع جميع الشركاء من برامج قطاعية وجمعيات المجتمع المدني وحاملي المشاريع، حيث همت هذه المشاريع بالخصوص قطاع الصحة و التشغيل و التعليم و الرعاية الاجتماعية. ففي المجال الصحي مكنت المبادرة من إحداث ما يزيد عن 100 مركز لتصفية الدم، يستفيد منها 40 الف مريض، وفي نفس المجال ولتتبع الحالة الصحية للنساء الحوامل ومواكبتهن، أنجزت المبادرة 182 دارا للأمومة بالعالم القروي، استفادت منها حوالي 45 الف امرأة، وساهمت في التقليص من نسبة وفيات الأم و الطفل، و في مجال التشغيل فقد تم احداث أكثر من 7 الاف نشاط مدر للدخل ساهمت في توفير دخل قار للمستفيدين ما حسن من وضعيتهم الاقتصادية و الاجتماعية، أما بخصوص التعليم فقد تم إرساء 1200 دار للطالب و الطالبة يستفيد منها 40 ألف تلميذ. على أهمية هذه الأرقام التي حققتها المبادرة، يبقى التعاطي مع بعض المعضلات الاجتماعية و الاقتصادية ذو طابع لحظي واستعجالي ضروري، دون الوقوف على بنيوية الإشكالات المطروحة بالخصوص في قطاعي الصحة و التعليم، والتي تتطلب رؤية استراتيجية بعيدة المدى تكون المبادرة الوطنية للتنمية البشرية فاعلا رئيسيا فيها، ولأن المبادرة وصلت مرحلة النضج بمرور احدى عشر سنة على انطلاقها، اصبح لزاما تبني مقاربة بنيوية تشخص المجال وتفعل مبدأ التشارك، خاصة وأن لها إشعاعا دوليا وملهمة لمختلف الدول و بالخصوص الإفريقية منها.