تفاجأ مواطن بمدينة تطوان، بوجود إشعار من طرف المندوبية السامية للتخطيط تحت باب منزله، تشير إلى كونه "امتنع" عن المشاركة في الإحصاء، رغم أنه كان في العمل طيلة اليوم. وقال المواطن "ن.ب" إنه عقب عوده لمنزله في السادسة مساء أمس الثلاثاء، عَثَرت على إشعار تحت باب منزله، يشير إلى مرور موظف الإحصاء على المنزل دون أن يجد أحدا فيه. ويتضمن الإشعار الذي نشره المعني بالأمر، عبارة "لقد قمنا بزيارة لأسرتكم بالعنوان: الإقامة، وامتنعتم"، رغم أنها مكتوبة بطريقة خاطئة، معبرا عن استغرابه من اعتباره ممتنعا رغم أنه لم يلتقي بموظف الإحصاء بسبب تواجده في العمل نهاراً. وتساءل المواطن المذكور في تدوينة له: "هل عدم وجود المواطنين في منازلهم وانشغالهم بالبحث عن لقمة عيشهم يُعتبر امتناعا عن المشاركة في الإحصاء الذي هو واجب وطني؟". وأضاف: "هل نحن مطالبون بالمكوث في منازلنا من فاتح شتنبر إلى نهايته في انتظار "مول الإحصاء" الذي لا نعلم موعدَ تشريفه لنا، وإلا سنُصَنَّف ضمن قائمة المُمتنعين عن أداء الواجب الوطني؟". واللافت في هذا الإشعار هو الأخطاء اللغوية والخط الرديء، حيث أوضح المواطن المعني أنه وجد صعوبة في قِراءة الوثيقة، متسائلا عن المستوى الأكاديمي لصاحب الإشعار. وتعيد هذه الواقعة إلى الواجهة تصريح أحمد الحليمي، المندوب السامي للتخطيط، الذي هدد ب"فضح" المواطنين الذين لن يشاركوا في عملية الإحصاء، وهو ما أثار الكثير من الجدل، خاصة في ظل استعمال الحليمي لمصطلح "الفضح" الذي يشير إلى عملية "التشهير". واعتبر الحليمي في ندوة صحفية قبيل انطلاق عملية الإحصاء، أن من لن يشارك في الإحصاء سيخرج مما أسماها "المجموعة الوطنية" التي تُشكِّل "المغاربة"، مشيرا إلى أن المشاركة في الإحصاء ليست فقط واجبا وطنيا، أو لتفادي العقوبات، بل شهادة على الانتماء للوطن. وقال الحليمي إن "المشاركة في الإحصاء ليست فقط واجبا وطنيا أو لأن القانون يعاقِب من لم يشارك، بل هي شهادة من الأسرة على إعلان انتمائها للمجموعة البشرية التي هي المغاربة"، مردفا "من أراد أن يخرج من المجموعة الوطنية فليخرج (...) وسنضطر إلى فضح من لم يشارك" وفق تعبيره. ماذا يقول "قانون الإحصاء"؟ تصريحات الحليمي أعادت إلى الواجهة القانون المنظم للإحصاء، ويتعلق الأمر بالقانون رقم 001.71 المرتبط بإحصاء السكان والسكنى في المملكة، والذي يعود إلى سنة 1971 في عهد الوزير الأول الراحل أحمد العراقي الذي وقعه بالعطف. القانون الذي يضم 4 فصول فقط والواقع على أقل من صفحة ونصف، ينص في فصله الثالث على أن "كل من رفض الامتثال لإجراءات الإحصاء أو أدلى عمدا بتصريحات غير صحيحة، يعاقب طبقا لمقتضيات الفصل 609 (الفقرة 11) من القانون الجنائي". وإذا توجهنا للفقرة 11 من الفصل 609 من القانون الجنائي، نجدها تنص على أنه "يعاقب بغرامة من عشرة إلى مائة وعشرين درهما من ارتكب إحدى المخالفات الآتية... 11- من خالف مرسوما أو قرارا صدر من السلطة الإدارية بصورة قانونية، إذا كان هذا المرسوم أو القرار لم ينص على عقوبات خاصة لمن يخالف أحكامه...". من خلال هذا الفصل الذي يحيل إليه قانون الإحصاء، فإن عقوبة عدم المشاركة في الإحصاء عبارة عن غرامة مالية شبه رمزية، تتراوح ما بين 10 و120 درهما فقط، دون أن تتضمن العقوبة "فضح" رافضي الإحصاء، كما ذهب إلى ذلك الحليمي، وهو ما يفسر الجدل السياسي والقانوني الذي أثارته تصريحات الحليمي.