حدث في إحدى مجاميع الرجال أن كان رجل نشيط يتكلم كثيرا في كل شيء وبدون موضوع وفي كل المواضيع حتى طلب منه أحدهم " المعقول " فسكت وساد صمت في المجمع، وسأل الداعي له عن السر فأجابه الرجل النشيط " هكذا المعقول صمت مخيف ". في ذلك معاني بليغة وإشارات متعددة لما حدث ولما يحدث فليتأملها كل من موقعه وعلى مقاسه ولما تؤهله له قدراته العقلية، فلكل حقيقته، والمنطق لا يمكن فصله عن الذاتية، في وسط ثقافته جد محدودة، وسط مرتبط أشد ارتباط بالعالم الافتراضي. وجأت كورونا، كأنها الموت المفاجئ، فبدأ المعلن يكشف المضمر، بادر جلالة الملك برؤيته الاستباقية، فأمر بالدعم، وشرعت الحكومة في التنفيذ، وعلى نفس المنوال وبمقاس كبير تم تدبير زلزال الحوز، وبعده الدعم الاجتماعي المباشر، تعالوا إذن نكشف المستور، ونكشف معالم روح المواطنة التي يتقاسمها المواطن والمسؤول، وكيف ينظر الطرفان للمال العام، وليس في ذلك تقييم او توبيخ او انتقاص من جهة او انتصار لأخرى، بل فيه نقل لنقاش اجتماعي غير ممأسس، بين جماعات متفرقة من المواطنين، بين منتخب وجمعوي، باحث وعامي وآخرون. الدولة الاجتماعية مشروع مجتمعي جعل من المواطنات والمواطن عصب رحاه، لا تتجلى معالم المشروع في المناسبات الوطنية والدينية، فقط، تلك واحدة من تمظهراته، ويرتبط تنزيل جميع الاوراش بظهور أوراش سوداء موازية تهدم جميع أُسات المواطنة وتدوس على الحقوق والحريات. المملكة المغربية، كانت سباقة لإحتواء جائحة كورونا، اقتصاديا واجتماعيا وأمنيا، رغم أن حق التنقل والدعم خضع، من حيث لا ندري، لمنطق تبادل الاعتمادات والعلاقات الضيقة، فاستفاد " مول الملايين " من 800 درهم وكُشفت ملايينه، ويتنقل " مول " السيارة الفارهة بكل حرية، يتعلم طفل عن بعد ويجهل أخرون جهاز التعلم، تعايش ألاف الأزواج، رغما عن أنفهم، تراجع ثمن المحروقات وكل شيء بدأ في العودة إلى طبيعته، واستعادت الطبيعة عافيتها من فضلات البشر. زلزال الحوز، ماتت أسر، اختفت منازل ودواوير، أُصدرت أوامر سامية أثار خلالها جلالة الملك " انتباه السلطات المختصة إلى أن عملية إعادة الإيواء تكتسي أولوية قصوى ويجب أن تنجز في احترام للشروط الضرورية المتعلقة بالإنصاف والانصات الدائم لحاجيات الساكنة المعنية "، تهافت الكل للتضامن بكل إنسانية، وتضامن أخرون بتضامن أخرين، تم إحصاء المتضررين، وفق إفادة عون السلطة، استفادت فئات عريضة ولكن فئات أخرى لا تزال تبحث عن سبب الإقصاء، والبحث في ذلك سيقود لا محالة إلى عدم احترام السلطات لسمو المبادرة ولقرارات جلالة الملك. الدعم الاجتماعي المباشر، أو الصراع من أجل 500 درهم، وحيث أن منطق معايير الاستفادة غير واضحة، والمعلومة مُضمرة، الكل يعيش في غرفة واحدة، الكل عاطل عن العمل، الكل لا يملك وسيلة نقل ولا هاتف وبعضهم إدعى الإعاقة، حتى لا يتجاوز المؤشر العتبة الملعونة، وآخرون امتنعوا بدعوة أن الدولة " لا ما كتديريش شي حاجة لله ". وفي إطار الدعم الاجتماعي المباشر " ستستفيد منه الفئات الاجتماعية، التي تحتاج إلى المساعدة، ويهم الأطفال في سن التمدرس، والأطفال في وضعية إعاقة، والأطفال حديثي الولادة، إضافة إلى الأسر الفقيرة والهشة، بدون أطفال في سن التمدرس، خاصة منها التي تعيل أفرادا مسنين ". ماذا عن امرأة مسنة تعيش لوحدها؟ وعن رجل مسن يعيش لوحده؟ فقد حرمهما قدرهما من العتبة وحرمهما " السيستيم " من حق الدعم وحق التغطية الصحية. وينطبق على تعامل فئة عريضة من المواطنين المثل المغربي " المال السايب يعلم السرقة " ونؤكد أن لكل ورش سامي أوراش سوداء تُقود نبل وسمو المشروع، فتحرم الفئات الأكثر هشاشة وتستفيد الفئات الميسورة من ذلك، فقفة رمضان يحصل البعض على 4 أو 5 قفف وتحرم امرأة مسنة تعيش لوحدها تقضي يومها في مد يدها طلبا للمحسنين، " الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء".