أعلن وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، أن المغرب يرفض بشدة الاستفزازات والتصرفات التي يقوم الوزراء المتطرفون بالحكومة الإسرائيلية، منددا بالمجزرة التي ارتكبتها إسرائيل بحق النازحين بمدرسة التابعين بقطاع غزة. وقال بوريطة إن "استهداف المتطرفين للمستشفيات، وآخرها استهداف مدرسة التابعين، "أمر غير مقبول" يندد به المغرب، ويعتبره "جريمة غير مقبولة" يجب التعامل معها كجريمة من قبل السلطات الإسرائيلية والمتطرفين في الحكومة الإسرائيلية، التي تلجأ إلى مثل هذه الممارسات التي ترفضها التشريعات السماوية والقانون الدولي والقيم الإنسانية، وهذا، بطبيعة الحال غير مقبول ومرفوض". جاء ذلك خلال ندوة صحفية عقدها بوريطة عقب مباحثات أجراها، اليوم الأربعاء بالداخلة، مع وزير الشؤون الخارجية والاندماج الإفريقي والتشاديين بالخارج والتعاون الدولي، الناطق الرسمي باسم الحكومة، عبد الرحمن غلام الله، وذلك على هامش فتح قنصلية تشاد بالداخلة. وأوضح بوريطة أن الملك محمد السادس قال في خطاب العرش الأخير، إن "اعتماد المفاوضات لإحياء عملية السلام بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، يتطلب قطع الطريق على المتطرفين، من أي جهة كانوا". وأضاف أن "هذا الموقف يمثل إشارة إلى أن استهداف المدنيين أمر غير مقبول من أي جهة كانت، وهو كذلك إشارة على أن المغرب يرفض بشكل مطلق ما تقوم به بعض العناصر المتطرفة في الحكومة الإسرائيلية من اقتحام لباحة المسجد الأقصى". وشدد وزير الخارجية على أن "الملك باعتباره رئيسا للجنة القدس، أدان هذه الاستفزازات التي لا تساعد على التهدئة وتمس مشاعر المسلمين، وتغذي الكراهية في المنطقة"، موضحا أن الملك وضع في خطاب العرش الأخير محددات موقف المغرب من قضية الشرق الأوسط والوضع في غزة. وأشار إلى أن الملك خصص جزءا مهما من خطاب العرش لهذه السنة للتطورات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، وهو ما يؤكد الاهتمام الخاص والمتابعة الشخصية للملك لهذه التطورات، مشددا على أن الملك يعتبر أن القضية الفلسطينية، هي في مرتبة القضية الوطنية. ويرى بوريطة أن تخصيص جزء من خطاب العرش للتطورات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، يكتسي معنى ورمزية وإشارة قوية، حيث إن الملك وضع وذكر في خطاب العرش من جديد بمحددات الموقف المغربي من هذه التطورات، وفق تعبيره. ومن بين المحددات التي وردت في خطاب العرش، لفت بوريطة إلى ثلاث نقاط على الخصوص، ترتبط بالتطورات التي تعرفها المنطقة مؤخرا، موضحا أن أول هذه النقاط تتمثل في إعراب الملك عن دعم المغرب المبدئي "للمبادرات البناءة، التي تهدف إلى إيجاد حلول عملية، لتحقيق وقف ملموس ودائم لإطلاق النار، ومعالجة الوضع الإنساني". وأضاف أن المغرب يدعم كل المواقف والمبادرات الهادفة إلى وقف فعلي لإطلاق النار، مذكرا بأنه بتعليمات من الملك، عبر المغرب عن دعمه لمبادرة الرئيس الأمريكي جو بايدن والخطوات الثلاث التي كانت تقدمها هذه المبادرة. تابع قوله: "اليوم يتفاعل المغرب، كذلك، بشكل إيجابي مع نداء أو بيان الوسطاء، الولاياتالمتحدة وقطر ومصر، والهادف إلى التعجيل بعقد لقاءات، والإسراع بإنهاء المفاوضات الرامية إلى وقف إطلاق النار والسماح بدخول المساعدات الإنسانية". وأكد بوريطة أن المغرب يدعو كل الأطراف إلى التجاوب مع هذا النداء، ويعتبر بأنه لا حل بدون تفاوض لخفض التصعيد من أجل إخراج المنطقة من هذا المأزق. ووفق بوريطة، يتمثل المحدد الثالث الوارد في خطاب العرش في أن "تفاقم الأوضاع بالمنطقة يتطلب الخروج من منطق تدبير الأزمة، إلى منطق العمل على إيجاد حل نهائي لهذا النزاع". وشدد على أنه "بدون مسار حقيقي في المنطقة، لن نخرج من أزمة إلا للدخول في أزمة أخرى، بتكلفتها الإنسانية والأمنية الباهظة، وبتهديدها للاستقرار، وخلقها لجو من الكراهية في منطقة هي بحاجة، أكثر من أي وقت مضى، إلى الاستقرار". ودعا الوزير المجتمع الدولي ومجلس الأمن إلى تحمل المسؤولية وعدم السماح بتفاقم الوضع وبتوسيع رقعة النزاع أو بدخول أطراف أخرى، وهو ما من شأنه أن يسير بالمنطقة إلى ما لا يحمد عقباه، بحسب قوله. واعتبر أنه بالنسبة للملك، فإن الأمر الأساسي يبقى هو حل الدولتين "تكون فيه غزة جزءا لا يتجزأ من أراضي الدولة الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية"، في إطار حدود 4 يونيو 1967. يُشار إلى أن حصيلة مجزرة الفجر التي ارتكبها الاحتلال بمدرسة التابعين وسط مدينة غزة، فجر السبت المنصرم، ارتفعت إلى أكثر من 100 شهيد وعشرات المصابين والمفقودين، بعد قصف النازحين بشكل مباشر أثناء تأديتهم صلاة الفجر عقب تكبيرة الإحرام مباشرة. وكشف المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، أنه من هول المذبحة وعدد الشهداء الكبير، لم تتمكن الطواقم الطبية والدفاع المدني وفرق الإغاثة والطوارئ من انتشال جثامين جميع الشهداء، فيما قال الناطق باسم الدفاع المدني إن حوالي 90% ممن كانوا يؤدون الصلاة استشهدوا. وعقب ذلك، خرجت مساء السبت وقفات ومسيرات احتجاجية بمدن مغربية مختلفة، تنديدا بالمجزرة، حيث استنكر المحتجون استمرار التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي رغم كل هذه المجازر والمذابح شبه اليومية بحق النازحين والمدنيين في القطاع المنكوب، مجددين دعوتهم السلطات المغربية للإلغاء الفوري للعلاقات مع تل أبيب. ومنذ بداية العدوان على غزة، تشهد مدن المملكة مظاهرات ومسيرات حاشدة، وهو ما دفع وزارة الخارجية الإسرائيلية إلى إجلاء موظفي مكتبها بالرباط منذ بداية الحرب، كما حذر مجلس الأمن القومي بإسرائيل، من السفر إلى المغرب.