تشهد شواطئ المغرب على طول الساحل الأطلسي، من بينها شاطئ الوالدية، ظاهرة غريبة تمثلت في تراجع منسوب المياه بشكل ملحوظ، ما أثار موجة من الجدل والتكهنات بين المواطنين والمصطافين على حد سواء. وقام العديد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي بتوثيق هذه الظاهرة عبر نشر صور وفيديوهات تظهر الشواطئ وهي تبدو خالية من المياه، مما دفع البعض إلى الاعتقاد بأن موجة تسونامي قادمة. وأحدثت صور ومقاطع فيديو منتشرة ل"علامة مسار الإخلاء في حالة وقوع التسونامي" بالشوارع حالة من الهلع، كما لقيت تفاعلا كبيرا من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك بعد تعليق لوحات تحذر من المناطق والشوارع التي قد تواجه خطر تسونامي بشاطئ مدينة الجديدة. وفي هذا الصدد، عبر الطيب الخليفي، أحد زوار شاطئ الوالدية، عن قلقه من التراجع الملحوظ في منسوب المياه، مشيرا إلى أنه ارتاد هذا الشاطئ منذ التسعينات ولم يلاحظ مثل هذا التراجع من قبل. وأكد أن البعض يربط هذه الظاهرة بموجة تسونامي محتملة، إلا أنه لا يوجد دليل ملموس يدعم هذا الادعاء. كما أبدى محمد، وهو من سكان المنطقة، استغرابه من انتشار هذه الإشاعات بكثرة هذا العام، مشددا على أن ظاهرة المد والجزر هي السبب الرئيسي وراء تراجع منسوب المياه على الشاطئ. وأوضح المتحدث ذات، أن هذه الظاهرة طبيعية ولا تستدعي القلق، داعيا إلى عدم الانسياق وراء الإشاعات التي قد تضر بسمعة المدينة وسكانها. ظاهرة طبيعية وفي تصريح لجريدة "العمق"، أكد عبد الواحد المخفي، رئيس جمعية الرياضات المائية، أن هذه الظاهرة طبيعية وتحدث بسبب تراكم الرمال نتيجة لتفاعل مجموعة من العوامل الطبيعية مثل حركة الأمواج والتيارات البحرية والرياح. وأوضح أن هذه العوامل تعمل معا على نقل الرمال من مكان لآخر على الشاطئ، ما يؤدي إلى تغير شكله بمرور الوقت. وأن شاطئ الوالدية تحديدا يشهد تأثيرات ظاهرة المد والجزر. وأشار المتحدث إلى أن الرمال تتكاثر في هذه الفترة من السنة بشكل ملحوظ، وأنه يتعين على المسؤولين التدخل لإعادة الشاطئ إلى حالته الطبيعية، وهو أمر لن يستغرق أكثر من شهر. من جانبه، اعتبر هشام جبير، مستشار جماعي، أن ما يتداول على مواقع التواصل الاجتماعي حول "اختفاء البحر" هو مجرد إشاعات تهدف إلى جذب المشاهدات. وأشار إلى أن الفيديوهات التي تظهر الشواطئ خالية من المياه قد تم تصويرها في فترة الجزر، وهو أمر طبيعي تشهده معظم المدن الساحلية في المغرب. وأكد جبير أن هذه الإشاعات قد تلحق الضرر بالمنطقة اقتصاديا، حيث يمكن أن تتسبب في تراجع عدد السياح، مما يؤدي إلى ركود اقتصادي يؤثر سلبا على سكان المنطقة. تفسير علمي وأكد أحمد أمزغال، رئيس جمعية مدرسي علوم الحياة والأرض بالمغرب فرع جهة سوس ماسة، أن تراجع المياه في مجموعة من السواحل المغربية خلال هذه السنة ليست ظاهرة جديدة إذ شهدتها منطقة سيدي إفني في السنة الماضية، إضافة إلى تكرارها في العديد من الدول مثل فلسطين ولبنان وعدد من الدول الأوروبية. وفي تصريح لجريدة "العمق"، قال أمزغال إن الأجوبة التي حصلوا عليها حول هذه الظاهرة تعتمد على مجموعة من الفرضيات العلمية. بعض الفرضيات تربط هذه الظاهرة بالتغيرات المناخية أو بعمق المياه أو بظاهرة تموضع الكواكب، بالإضافة إلى جاذبية القمر والشمس. وأوضح المتحدث نفسه، أن أكثر الفرضيات منطقية هي تأثير جاذبية القمر والشمس، حيث تتحكمان في حركة المد والجزر، مبرزا أن تراجع البحر يمكن أن يعتبر من ظواهر المد والجزر، غير أنه يكون بمسافة أكبر واستثنائية. أما بخصوص الفرضية التي تربط الظاهرة بالتغيرات المناخية، فقد استبعدها رئيس جمعية مدرسي علوم الحياة والأرض بالمغرب، موضحا أن الاحتباس الحراري وذوبان الجليد في القطبين يؤديان إلى ارتفاع منسوب المياه وليس تراجعه. وأضاف أن المواطنين يخشون من ظاهرة تسونامي، إلا أنها بعيدة عن الأسباب التي تؤدي إلى تراجع البحر، حيث أن تسونامي يحدث نتيجة زلزال يقع وسط البحر مما يؤدي إلى موجات كبيرة، في حين أن ما نلاحظه هو تراجع في المياه وليس العكس. وتابع أمزغال أن الناس بدأوا يربطون بين ظاهرتي تراجع البحر والتسونامي بسبب مجموعة من اللوحات التحسيسية التي علقت في سواحل مدينة الجديدة، والتي توضح الإجراءات الواجب اتخاذها في حالة حدوث تسونامي.