عامل إقليم الجديدة يزور جماعة أزمور للاطلاع على الملفات العالقة    بوريطة: المغرب شريك استراتيجي لأوروبا .. والموقف ثابت من قضية فلسطين    مثل الهواتف والتلفزيونات.. المقلاة الهوائية "جاسوس" بالمنزل    الحسيمة : ملتقي المقاولة يناقش الانتقال الرقمي والسياحة المستدامة (الفيديو)    تعيين مدير جديد للمدرسة الوطنية للهندسة المعمارية بتطوان    المنتخب المغربي يفوز على نظيره المصري في التصفيات المؤهلة لكأس أمام أفريقيا للشباب    إقصائيات كأس أمم إفريقيا 2025 (الجولة 5).. الغابون تحسم التأهل قبل مواجهة المغرب    اشتباكات بين الجمهور الفرنسي والاسرائيلي في مدرجات ملعب فرنسا الدولي أثناء مباراة المنتخبين    السفيرة بنيعيش: المغرب عبأ جهازا لوجستيا مهما تضامنا مع الشعب الإسباني على خلفية الفيضانات    مقاييس التساقطات المطرية خلال 24 ساعة.. وتوقع هبات رياح قوية مع تطاير للغبار    بحضور التازي وشلبي ومورو.. إطلاق مشاريع تنموية واعدة بإقليم وزان    عنصر غذائي هام لتحسين مقاومة الأنسولين .. تعرف عليه!    وزيرة الاقتصاد والمالية تقول إن الحكومة واجهت عدة أزمات بعمل استباقي خفف من وطأة غلاء الأسعار    لمدة 10 سنوات... المغرب يسعى لتوريد 7.5 ملايين طن من الكبريت من قطر    الأرصاد الجوية تحذر من هبات رياح قوية مع تطاير للغبار مرتقبة اليوم وغدا بعدد من الأقاليم    الدرك الملكي بتارجيست يضبط سيارة محملة ب130 كيلوغرامًا من مخدر الشيرا    المنتخب المغربي الأولمبي يواجه كوت ديفوار وديا في أبيدجان استعدادا للاستحقاقات المقبلة    أزمة انقطاع الأدوية تثير تساؤلات حول السياسات الصحية بالمغرب    هل يستغني "الفيفا" عن تقنية "الفار" قريباً؟    مصرع شخص وإصابة اثنين في حادث انقلاب سيارة بأزيلال    بتهمة اختلاس أموال البرلمان الأوروبي.. مارين لوبان تواجه عقوبة السجن في فرنسا    بعد ورود اسمه ضمن لائحة المتغيبين عن جلسة للبرلمان .. مضيان يوضح    أحزاب المعارضة تنتقد سياسات الحكومة    الارتفاع ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    ‬المنافسة ‬وضيق ‬التنفس ‬الديموقراطي    حوالي 5 مليون مغربي مصابون بالسكري أو في مرحلة ما قبل الإصابة    الجمعية الوطنية للإعلام والناشرين تسلم "بطاقة الملاعب" للصحافيين المهنيين    ألغاز وظواهر في معرض هاروان ريد ببروكسيل    الحكومة تعلن استيراد 20 ألف طن من اللحوم الحمراء المجمدة    صيدليات المغرب تكشف عن السكري    ملتقى الزجل والفنون التراثية يحتفي بالتراث المغربي بطنجة    الروائي والمسرحي عبد الإله السماع في إصدار جديد    خلال 24 ساعة .. هذه كمية التساقطات المسجلة بجهة طنجة    الإعلان عن العروض المنتقاة للمشاركة في المسابقة الرسمية للمهرجان الوطني للمسرح    نشرة إنذارية.. هبات رياح قوية مع تطاير للغبار مرتقبة اليوم الخميس وغدا الجمعة بعدد من أقاليم المملكة        معدل الإصابة بمرض السكري تضاعف خلال السنوات الثلاثين الماضية (دراسة)    تمديد آجال إيداع ملفات الترشيح للاستفادة من دعم الجولات المسرحية    مركز إفريقي يوصي باعتماد "بي سي آر" مغربي الصنع للكشف عن جدري القردة    الاحتيال وسوء استخدام السلطة يقودان رئيس اتحاد الكرة في جنوب إفريقا للاعتقال    حفل توزيع جوائز صنّاع الترفيه "JOY AWARDS" يستعد للإحتفاء بنجوم السينماوالموسيقى والرياضة من قلب الرياض    الدولة الفلسطينية وشلَل المنظومة الدولية    أسعار النفط تنخفض بضغط من توقعات ارتفاع الإنتاج وضعف الطلب    عواصف جديدة في إسبانيا تتسبب في إغلاق المدارس وتعليق رحلات القطارات بعد فيضانات مدمرة    "هيومن رايتس ووتش": التهجير القسري الممنهج بغزة يرقي لتطهير عرقي    إسرائيل تقصف مناطق يسيطر عليها حزب الله في بيروت وجنوب لبنان لليوم الثالث    الجيش الملكي يمدد عقد اللاعب أمين زحزوح    هذه أسعار أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    ترامب يعين ماركو روبيو في منصب وزير الخارجية الأمريكي    غينيا الاستوائية والكوت ديفوار يتأهلان إلى نهائيات "كان المغرب 2025"    غارة جديدة تطال الضاحية الجنوبية لبيروت    أكاديمية المملكة تفكر في تحسين "الترجمة الآلية" بالخبرات البشرية والتقنية    الناقد المغربي عبدالله الشيخ يفوز بجائزة الشارقة للبحث النقدي التشكيلي    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    جرافات الهدم تطال مقابر أسرة محمد علي باشا في مصر القديمة    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وقفات مع الخطاب الملكي في الذكرى 25 لعيد العرش المجيد
نشر في العمق المغربي يوم 06 - 08 - 2024


توطئة:
كعادته في كل ذكرى تخلِّد تربع جلالته على عرش أسلافه المنعمين يخاطب جلالة الملك محمد السادس حفظه الله الشعب المغربي الوفي للعرش فكان أول خطاب له من القصر الملكي العامر بالرباط إلى شعبه الوفي مساء يوم الجمعة 16 ربيع الثاني 1420ه موافق 30 يوليوز 1999م، وقد جاء في ذلكم الخطاب أن " قد قيض الله لنا أن نتربع على عرش أجدادنا الميامين وفق إرادة والدنا الذي أسند إلينا ولاية عهده، وبناء على مقتضيات الدستور، وطبقا للبيعة التي التزم بها ممثلو الأمة. فتسلمنا المشعل من يد والدنا، قدس الله روحه. لممارسة مسؤولية قيادة البلاد. ونحن بحول الله مصممون العزم على مواصلة مسيرة التطور والنماء لصالحك شعبي العزيز"
يتركز خطاب جلالته بهذه المناسبة؛ عيد العرش على التذكير بالسياسة الإصلاحية وتحقق المنجز وكسب الرهان وعلى بسط برامج واستراتيجيات السياسة التنموية الإصلاحية للنهوض بالمملكة وكذا على السياسة الخارجية والعلاقات الاقتصادية مع شركاء المغرب وأصدقائه وقد يرتكز كذلك على نقط أساسية بعينها يقتضي المقام الحسم فيها بالعزم، وهكذا فقد ارتكز الخطاب الملكي في الذكرى 25 لعيد العرش المجيد 2024 على محاور كبرى وهي: السياسة المائية والأمن الطاقي والقضية الفليسطينية وتنمية الوطن.
هذا وسأعرض لذلكم من خلال وقفات على فقرات من الخطاب الملكي السامي بهذه المناسبة الغالية وذلك عربون محبة ووفاء لملكي ولوطني:
الوقفة الأولى: ديباجة الخطاب الملكي
افتتح جلالة الملك محمد السادس نصره الله خطاب العرش بعد الحمد والصلاة على رسول الله جده المصطفى صلى الله عليه وسلم بمقدمة تذكيرية بالمنجزات المتحققة بفضل السياسة الإصلاحية الرشيدة لجلالته الهادفة خلق برامج اجتماعية لتحقيق الكفاية الاقتصادية في ظل الدولة الحديثة؛ الدولة الاجتماعية التي ينشدها جلالته.
مورد ذلكم أنه "وخلال هذه السنوات، حققنا، والحمد لله، العديد من المكاسب والمنجزات، في مجال الإصلاحات السياسية والمؤسسية، وترسيخ الهوية المغربية.
كما أطلقنا الكثير من المشاريع الاقتصادية والتنموية، والبرامج الاجتماعية، لتحقيق التماسك الاجتماعي، وتمكين المواطنين من الولوج للخدمات الأساسية.
وعملنا كذلك، على تكريس الوحدة الترابية، وتعزيز مكانة المغرب، كفاعل وازن، وشريك مسؤول وموثوق، على الصعيدين الجهوي والدولي".
مبرزا كذلك مكانة المغرب المعتبرة؛ شريكا فعالا على مستويات وواجهات في إطار السيادة المغربية على كامل ترابه وأراضيه وفق الأدبيات السياسية التي يقرها المنتظم الدولي والأمم المتحدة.
الوقفة الثانية: تجسيد الواقع المائي بالمغرب: التحديات المنتظرة
تحدثت هذه الفقرة من الخطاب الملكي عن التحديات الكبرى التي تواجه المغرب ومنها التحديات المائية والتي رسمها الخطاب في مستويين :
مستوى التحديات الطبيعية وهي حاصلة: بسبب الجفاف، وتأثير التغيرات المناخية وتوالي ست سنوات من الجفاف .
مستوى التحديات البشرية وتمثلت في: الارتفاع الطبيعي للطلب، إضافة إلى التأخر في إنجاز بعض المشاريع المبرمجة، في إطار السياسة المائية.
يقول جلالته "ومن أهم هذه التحديات، إشكالية الماء، التي تزداد حدة بسبب الجفاف، وتأثير التغيرات المناخية، والارتفاع الطبيعي للطلب، إضافة إلى التأخر في إنجاز بعض المشاريع المبرمجة، في إطار السياسة المائية.
فتوالي ست سنوات من الجفاف، أثر بشكل عميق على الاحتياطات المائية، والمياه الباطنية، وجعل الوضعية المائية أكثر هشاشة وتعقيدا."
هذه الوضعية المقلقة جعلت المغرب يرفع سقف التحدي لمواجهة إشكالية الماء في ظل ضعف مردودية التساقطات المطرية.
ذلك العامل كان خلف عقد جلسة عمل ترأسها جلالة الملك محمد السادس بالقصر الملكي بالعاصمة الرباط يوم 16 يناير 2024 خصصت لمناقشة إشكالية الماء في المملكة.
وقد ورد في بلاغ للديوان الملكي بخصوص الأمر وأنه "يندرج هذا الاجتماع في إطار التتبع المستمر والعناية السامية التي يوليها جلالة الملك، حفظه الله، لهذه المسألة الاستراتيجية، ولاسيما في السياق الحالي الذي يعرف تسجيل عجز ملحوظ على مستوى التساقطات وضغط قوي جدا على الموارد المائية في مختلف جهات المملكة" وذلك لضمان الأمن المائي للشروب ولاستعمال النفعي.
وكان جلالته حفظه الله قد وجه رسالة سامية من الرباط يوم الأحد 26 ذي الحجة عام 1420 ه الموافق 2 أبريل سنة 2000 م "فيها أعلن جلالته عن مجموعة من الإجراءات للتخفيف من أثار الجفاف ومن ضمن ما ورد في تلك الرسالة أنه "منذ عدة سنوات حدثت تحولات في دورات الطقس جعلت المغرب في وضع صعب بسبب نقص الامطار وتصريفها مما اخضع فلاحينا والعالم القروي على العموم لمفاجآت الجفاف.
إن العمل المتبصر الذي قام به والدنا المنعم جلالة الملك الحسن الثاني تغمده الله بواسع رحمته سمح لمملكتنا أن تتوفر على ذخيرة من السدود الكبيرة والبحيرات التلية وبالتالي على شبكة من البنيات التحتية لاستغلال الماء وعلى أجهزة تقييمية وأدوات قانونية وتقنية مما يتيح اليوم لحواضرنا وبوادينا أن تكون في مأمن من الافتقار للماء الشروب وأن تمد المناطق السقوية بامكانات مائية وأن تتحمل بدون أخطار كبيرة نتائج الجفاف المتكرر."
طبعا إذا كان جلالة المغفور له الحسن الثاني مبدع فكرة توفير الماء لأغراض وظيفية عبر سياسة السدود، فإن جلالة الملك محمد السادس يستلهم من سياسة والده هذه لتوفير أساس الحياة بالوصف القرآني " وجعلنا من الماء كل شيء حي "مبتكرة سبل تنمية الموارد المائية والمحافظة عليها والبحث عن بدائل مائية لأغراض نفعية تتجلى في سياسة جلالته وهمه الذي يحمله فأصدر في شأنه رسائل ونوع الوسائل وعقد اجتماعات وخاطب الشعب في شأن ذلك بل ورسم خارطة طريق لصناعة الماء بالمملكة.
وإسهاما من الخطاب الديني المنبري ببلادنا في ترشيد استعمال الماء لأغراض نفعية وتفاعلا مع مضامين الرسالة الملكية المرجعية في باب ترشيد الاسعتمال الآمن للموارد المائية خلال فترات الجفاف ومن باب التبليغ وفعالية الخطاب المسجدي في تقويم السلوكات الفردية والجماعية لتخريج مؤمنين مستجيبين لخطاب الوحي حول مواضيع ذات الشأن العام ومنه الشأن المائي، عملت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية على استصدار وتعميم خطبة جمعة جامعة موحدة كان عنوانها "أهمية الماء وحسن تدبير استعماله" وذلك يوم الجمعة 02 فبراير 2024 مما ورد فيها " إذا كان تقليل الماء مطلوبا في الوضوء والغسل، وهما عبادتان كبيرتان، تستباح بهما الصلاة والطواف وغيرهما، فماذا يمكن أن يقال في الأمور الأخرى كالاستحمامات غير الضرورية وغسل المحال والأرصفة والطرقات والسيارات وما شاكل ذلك بخراطيم ورشاشات المياه مما تضيع فيه كميات كبيرة من الماء، مع شدة الحاجة إليه، وندرته خصوصا في هذه الظروف والتقلبات المناخية.......إذا عرفنا قيمة الماء وأهميته في حياتنا، وتدبرنا توجيه ربنا وهدي نبينا في الموضوع فإنه ينبغي التواصي بتغيير سلوكنا في استعماله ليكون على قدر الحاجة ودون إسراف أو تبذير، فالله سبحانه وتعالى لا يحب المسرفين".
الوقفة الثالثة: "السياسة المائية " خارطة الطريق الملكية
ربحا لتلك الرهانات والتحديات المائية التي تواجه بلادنا، يرسم جلالة الملك محمد السادس نصره الله هندسة العمل بناء على إرادة الدولة وتفعيلا لساستها في تلبية طلبات الشعب على الاستهلاك المائي في خطابه السامي موردا أنه "ولمواجهة هذا الوضع، الذي تعاني منه العديد من المناطق، لاسيما بالعالم القروي، أصدرنا توجيهاتنا للسلطات المختصة، لاتخاذ جميع الإجراءات الاستعجالية والمبتكرة لتجنب الخصاص في الماء.
وما فتئنا نشدد على ضرورة التنزيل الأمثل، لكل مكونات البرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي 2020-2027، الذي ساهم، والحمد لله، في التخفيف من حدة الوضع المائي.
ونظرا لتزايد الاحتياجات والإكراهات، نلح على ضرورة التحيين المستمر لآليات السياسة الوطنية للماء، وتحديد هدف استراتيجي، في كل الظروف والأحوال، وهو: ضمان الماء الشروب لجميع المواطنين، وتوفير 80 في المائة على الأقل، من احتياجات السقي، على مستوى التراب الوطني.
وفي هذا السياق، لابد من استكمال برنامج بناء السدود، مع إعطاء الأسبقية لمشاريع السدود، المبرمجة في المناطق التي تعرف تساقطات مهمة.
وطبقا لمنظورنا الاستراتيجي الإرادي والطموح، ندعو لتسريع إنجاز المشاريع الكبرى لنقل المياه بين الأحواض المائية : من حوض واد لاو واللكوس، إلى حوض أم الربيع، مرورا بأحواض سبو وأبي رقراق.
وهو ما سيمكن من الاستفادة من مليار متر مكعب من المياه، التي كانت تضيع في البحر.
كما ستتيح هذه المشاريع، توزيعا مجاليا متوازنا، للموارد المائية الوطنية.
ويتعين كذلك تسريع إنجاز محطات تحلية مياه البحر، حسب البرنامج المحدد لها، والذي يستهدف تعبئة أكثر من 1,7 مليار متر مكعب سنويا.
وهو ما سيمكن المغرب، في أفق 2030، من تغطية أكثر من نصف حاجياته من الماء الصالح للشرب، من هذه المحطات، إضافة إلى سقي مساحات فلاحية كبرى، بما يسهم في تعزيز الأمن الغذائي للبلاد".
هكذا إذن يبدو أن الأمر في غاية الأهمية بالقياس مع المنتظر التنموي ببلادنا وخصوصا السياسة الفلاحية والتشجير البيئي ومحاربة التصحر.
ولأجل ذلكم وغيره، وجب العمل كل من مسؤوليته وخصوصا المسؤولية التربوية لبناء وعي جماعي حول التدبير المعقلن لترشيد النفقات المائية: لذلك على الخطاب الديني والمدرسي التفاعل مع المسألة المائية من غير تأجيل مع بداية الدخول الاجتماعي المقبل.
الوقفة الرابعة: " الأمن الطاقي "ودوره في إنتاج وصناعة الماء النفعي
مما لا شك فيه أن مفهوم الطاقة تغير بالتطور العلمي والتكنولوجي ومنذ مدة وبلادنا أصبحت مرجعا للطاقات البديلة ذات خصائص التجديد.
فتموقع المغرب الجغرافي يجعله غنيا من حيث الموارد الطاقية الحديثة: الريحية والشمسية والمائية بل إن بلادنا أطلق مارس 2024، المشروع الطاقي في جيله الجديد والمعروف ب: "الهيدروجين الأخضر"وهو مشروع تمخض عن سياق تفعيل جلسة عمل ترأسها جلالة الملك محمد السادس نونبر 2022.
وكانت بلادنا قد سعت _ضمن التوجهات السامية لصاحب الجلالة إلى اعتماد استراتيجية طاقية منذ 2009_إلى بناء حقول للطاقة الريحية والشمسية وفق سياسة تهدف إلى تنويع سبل الاستثمار من أجل التنمية ومع المشروع الجديد "الهدروجين الأخضر "قد تلقى المغرب ما يقرب من مائة طلب استثماري في المشروع الذي سيجعل المغرب رائد الطاقات البديلة بالمنطقة مما سيكون له انعكاسي استثماري هائل بما سيوفره من قدرات نشيطة في مجال التشغيل.
هذه المشاريع الطاقية الكبرى ترعاها مؤسسات مختصة ممثلة في وكالات وطنية موضوعاتية
ووجب التنويه بالترسانة القانونية التي أصدرها المغرب في شأن التأمين الطاقي وبناء منشآت الإنتاج، " القانون رقم 58.15 القاضي بتغيير القانون رقم 13.09 المتعلق بالطاقات المتجددة."
"ولأن إنتاج الماء من محطات التحلية، يستوجب تزويدها بالطاقة النظيفة، فإنه يتعين التعجيل بإنجاز مشروع الربط الكهربائي، لنقل الطاقة المتجددة، من الأقاليم الجنوبية إلى الوسط والشمال، في أقرب الآجال.
وفي هذا الصدد، ندعو للعمل على تطوير صناعة وطنية في مجال تحلية الماء، وإحداث شعب لتكوين المهندسين والتقنيين المتخصصين؛ إضافة إلى تشجيع إنشاء مقاولات مغربية مختصة، في إنجاز وصيانة محطات التحلية.
وهنا نؤكد من جديد، أنه لا مجال لأي تهاون، أو تأخير، أو سوء تدبير، في قضية مصيرية كالماء."
طموح جلالته أكبر بحيث دعا إلى فتح ورش "صناعة وطنية في مجال تحلية الماء "هذا سيجعل المغرب يصنع وينتج الماء كما يصنع وينتج الطاقة وقد ابتدأ فعلا في المشروع منذ سنوات تفعيلا لاستراتيجية وطنية ووفقا لمقتضيات التوجيهات الملكية في شأن النهوض بالاستثمارات.
الوقفة الخامسة: الحفاظ على الماء مسؤولية وطنية: خطاب الصراحة
"أمام الجهود المبذولة، لتوفير الماء للجميع، علينا أن نصارح أنفسنا، بخصوص عقلنة وترشيد استعمال الماء: لأنه لا يعقل أن يتم صرف عشرات الملايير، لتعبئة الموارد المائية، وفي المقابل تتواصل مظاهر تبذيرها، وسوء استعمالها.
فالحفاظ على الماء مسؤولية وطنية، تهم جميع المؤسسات والفعاليات. وهي أيضا أمانة في عنق كل المواطنين.
وإننا ندعو السلطات المختصة، للمزيد من الحزم في حماية الملك العام المائي، وتفعيل شرطة الماء، والحد من ظاهرة الاستغلال المفرط والضخ العشوائي للمياه.
كما ندعو بقوة، للمزيد من التنسيق والانسجام، بين السياسة المائية والسياسة الفلاحية، لاسيما في فترات الخصاص، مع العمل على تعميم الري بالتنقيط.
وفي نفس الإطار، نوجه لاعتماد برنامج أكثر طموحا، في مجال معالجة المياه، وإعادة استعمالها؛ كمصدر مهم لتغطية حاجيات السقي والصناعة وغيرها.
ونود أن نؤكد أخيرا، على ضرورة تشجيع الابتكار، واستثمار ما تتيحه التكنولوجيات الجديدة في مجال تدبير الماء."
في الخطاب الملكي هذا دعوة " السلطات المختصة، للمزيد من الحزم في حماية الملك العام المائي، وتفعيل شرطة الماء، والحد من ظاهرة الاستغلال المفرط والضخ العشوائي للمياه."
إن "حماية الملك العام المائي" يتطلب تفعيل سياسة " التنسيق والانسجام "بين المتدخلين في السياسة المائية والسياسة الفلاحية وذلك بتعميم برامج الري الحديثة ضمن الهندسة الفلاحية بما توفره من إمكانات هائلة وتمنحه من فرص تنظيم الاستعمال المائي.
الوقفة السادسة: الخطاب الملكي في قبة البرلمان حول الإجهاد المائي
لقد شكل موضوع الماء الشغل الشاغل لجلالته منذ توليه العرش، وقد انتقل موضوع الماء نحو القبة التشريعية لكونه قضية أمة ذلكم مورد كلام جلالته وهو يخاطب نواب الأمة قائلا "وقد ارتأينا أن نركز اليوم، على موضوعين هامين:
– الأول يتعلق بإشكالية الماء، وما تفرضه من تحديات ملحة، وأخرى مستقبلية.
– والثاني يهم تحقيق نقلة نوعية، في مجال النهوض بالاستثمار.
حضرات السيدات والسادة،
قال تعالى "وجعلنا من الماء كل شيء حي" صدق الله العظيم.
فالماء هو أصل الحياة، وهو عنصر أساسي في عملية التنمية، وضروري لكل المشاريع والقطاعات الإنتاجية.
ومن هنا، فإن إشكالية تدبير الموارد المائية تطرح نفسها بإلحاح، خاصة أن المغرب يمر بمرحلة جفاف صعبة، هي الأكثر حدة، منذ أكثر من ثلاثة عقود.
وإننا نسأل الله تعالى، أن ينعم على بلادنا بالغيث النافع.
ولمواجهة هذا الوضع، بادرنا منذ شهر فبراير الماضي، باتخاذ مجموعة من التدابير الاستباقية، في إطار مخطط مكافحة آثار الجفاف، بهدف توفير ماء الشرب، وتقديم المساعدة للفلاحين، والحفاظ على الماشية.
وإدراكا منا للطابع البنيوي لهذه الظاهرة ببلادنا، ما فتئنا نولي كامل الاهتمام لإشكالية الماء، في جميع جوانبها.
وقد خصصنا عدة جلسات عمل لهذه المسألة، تكللت بإخراج البرنامج الوطني الأولوي للماء 2020 -2027 .
كما حرصنا، منذ تولينا العرش، على مواصلة بناء السدود، حيث قمنا بإنجاز أكثر من 50 سدا، منها الكبرى والمتوسطة، إضافة إلى 20 سدا في طور الإنجاز..............."[1]
الوقفة السابعة: تجربة الأقاليم الجنوبية للمملكة؛ الأمن المائي للتنمية
في الخطاب الملكي هذا، تحضر تجربة صناعة الماء بالأقاليم الجنوبية التي أثبتت نجاعتها التنموية بما وفرته للساكنة الجنوبية من حاجياتهم المائية والتي دعا جلالته إلى النهوض بها وتوسيع محطة الداخلة المعالِجة وذلك بناء على الطاقة النظيفة المتوفرة في هذه الربوع الوطنية.
وفي ذات الشأن يورد جلالة الملك حفظه الله "وفيما يخص الأقاليم الجنوبية للمملكة، فقد ساهمت محطات تحلية المياه، التي تم إنجازها، في النهوض بقوة، بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية بالمنطقة.
لذا، نوجه لتوسيع محطة الداخلة، والرفع مستقبلا، من القدرة الإنتاجية للمحطات الأخرى؛ وذلك بالاعتماد على المؤهلات الكبيرة من الطاقات النظيفة، التي تتوفر عليها هذه الأقاليم.
وذلك بما يستجيب لحاجيات الساكنة، ولمتطلبات القطاعات الإنتاجية، كالفلاحة والسياحة والصناعة وغيرها"
الوقفة الثامنة: "القضية الفليسطينية "وخطاب العرش
تعتبر القضية القضية الفليسطينية في الفكر المغربي قضية مركزية، فقد كان السلطان محمد الخامس أول زعيم عربي نادى بتحرير فيليسطين ومع الراحل الحسن الثاني ازداد المغرب تقديرا والملك يدعو لتحرير الأرض وصيانة العرض في الطول والعرض.
والمغرب به بيت مال القدس المتأسسة عام 1998 من قبل رئيس لجنة القدس أمير المؤمنين المغفور له الحسن الثاني والمساهِمة في مشاريع نفعية للمقدسييين والفليسطينيين على السواء وجلالة الملك محمد السادس رئيس لجنة القدس كما ورثها عن والده الحسن الثاني أكرم الله مثواه يواصل بنفس جديد ووفق سياسة حكيمة العزم من أجل الحسم في مصير القضية التي وضعها جلالة الملك في مرتبة القضية الوطنية.
" وكان جلالة الملك قد أكد في الرسالة التي وجهها إلى فخامة الرئيس محمود عباس، أبو مازن، رئيس دولة فلسطين في 23 دجنبر 2020، أن عمل المغرب من أجل ترسيخ مغربية الصحراء لن يكون أبدا، لا اليوم ولا في المستقبل، على حساب نضال الشعب الفلسطيني من أجل نيل حقوقه المشروعة، وأنه سيواصل انخراطه البناء من أجل إقرار سلام عادل ودائم بمنطقة الشرق الأوسط. "[2]
وفي عهد أمير المؤمنين وبحضرته أليقيت خطبة الجمعة يوم الجمعة 15 ربيع الأول 1435 الموافق ل 17 يناير 2014 بجامع الكتبية التاريخي بمراكش حول القدس الشريف.
وقد ورد في برقية مرفوعة إلى أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس بمناسبة اختتام أشغال الدورة العادية الثانية والثلاثين للمجلس العلمي الأعلى المنعقدة بالرباط يومي 8 و9 جمادى الآخرة 1445ه الموافق ل 22 و 23 ديسمبر 2023م، ما يلي " إن العلماء يعتزون أيما اعتزاز بمواقفكم الثابتة الصادقة من القضية الفلسطينية، واستنكاركم العدوان على قطاع غزة، ودعمكم المتواصل المادي والمعنوي لأشقائنا الفلسطينيين، وإصراركم الثابت على حل الدولتين لإنهاء هذا النزاع الذي طال أمده، باعتباركم رئيس لجنة القدس، كما يعتزون بكل مبادراتكم الرائدة الموفقة في خدمة قضايا الأمة الإسلامية خاصة وقضايا الإنسانية عامة".[3]
"إن الاهتمام بالأوضاع الداخلية لبلادنا، لا ينسينا المأساة التي يعيشها الشعب الفلسطيني الشقيق.
وبصفتنا رئيس لجنة القدس، عملنا على فتح طريق غير مسبوق، لإيصال المساعدات الغذائية والطبية الاستعجالية، لإخواننا في غزة.
وبنفس روح الالتزام والمسؤولية، نواصل دعم المبادرات البناءة، التي تهدف لإيجاد حلول عملية، لتحقيق وقف ملموس ودائم لإطلاق النار، ومعالجة الوضع الإنساني.
إن تفاقم الأوضاع بالمنطقة يتطلب الخروج من منطق تدبير الأزمة، إلى منطق العمل على إيجاد حل نهائي لهذا النزاع، وذلك وفق المنظور التالي:
أولا: إذا كان التوصل إلى وقف الحرب، في غزة، أولوية عاجلة، فإنه يجب أن يتم بموازاة مع فتح أفق سياسي، كفيل بإقرار سلام عادل ودائم في المنطقة.
ثانيا: إن اعتماد المفاوضات لإحياء عملية السلام، بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، يتطلب قطع الطريق على المتطرفين، من أي جهة كانوا.
ثالثا: إن إرساء الأمن والاستقرار بالمنطقة، لن يكتمل إلا في إطار حل الدولتين، تكون فيه غزة جزءا لا يتجزأ من أراضي الدولة الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية."
هكذا إذن يعتبر جلالة الملك في خطاب العرش مسألة القضية الفليسطينية في الأدبيات الساسية المغربية وفق منظور ديني وإنساني بواقعية ومصداقية تضمن فيها الحقوق الكاملة لأهل أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين وقطع الطريق على المغرضين" تكون فيه غزة جزءا لا يتجزأ من أراضي الدولة الفلسطينية المستقلة ".
مؤسس ذلكم ما ورد في تصدير دستور المملكة المغربية لسنة 2011 المشكل جزءا لا يتجزأ من هذا الدستور حيث " إن المملكة المغربية، الدولة الموحدة، ذات السيادة الكاملة، المنتمية إلى المغرب الكبير، تؤكد وتلتزم بما يلي :...............تعميق أواصر الانتماء إلى الأمة العربية والإسلامية، وتوطيد وشائج الأخوة والتضامن مع شعوبها الشقيقة " ذلكم ما جعل المغرب يستحضر القضايا العربية والإسلامية ويتدخل لتسوية القضايا المفتعلة بعيد عن أيديولوجيا مغرضة .
الوقفة التاسعة: "تنمية الوطن" مسؤولية جميع المواطنات والمواطنين
دستور المغرب 2011 أنتج مفهوم "المشاركة المواطنة" لما لها من أجرأة في صياغة برامج التنمية داخل المحيط الجماعتي.
ذلك ما تأكد في الفصلين 136و139 من الدستور المغربي وهو مورد الخطاب الملكي "إن المساهمة في تنمية الوطن، وفي الدفاع عن مصالحه العليا وقضاياه العادلة، هي مسؤولية جميع المواطنات والمواطنين".
طبعا وجب استشعار ذلك من لدن المواطنين فرادى وداخل التنظيمات المدنية التي تخلق برامج التنمية المستدامة لتوفير الشغل وفق الحاجيات بناء على الكفاءات وتلبية للرغبات
من أجل تقدم وتنمية البلاد ضمن منظومة النموذج التنموي الجديد الذي يترجم الإرادة التنموية المغربية في محكي على اللسان الدارج المغربي " المغرب لي بغينا " وعليه، فالعمل لأجل ذلك مسؤولية الجميع.
الوقفة العاشرة: الإشادة والتقدير والترحم
في ختام الخطاب الملكي إشادة وتقدير على نجاعة وفعالية القوات العمومية والفعاليات الوطنية بما يضمن الأمن ويحفظ النظام العام بالمملكة ويسهم في استقراره لأجل البناء والإعمار.
كما تضمن الخطاب في مسك الختام الترحم على الشهداء الأبرار وفي مقدمتهم " جدنا ووالدنا المنعمان، جلالة الملكين محمد الخامس والحسن الثاني، أكرم الله مثواهما."
على سبيل الختم:
حفظ الله المغرب ملكا وشعبا من كل مكروه، وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمومنون، صدق الله العظيم وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا والسلام عليكم ورحمة منه تعالى وبركاته.

[1] الخطاب الملكي السامي إلى أعضاء البرلمان بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثانية من الولاية التشريعية الحادية عشرة وذلك يوم الجمعة، 14 أكتوبر 2022
[2] www.mapnews.ma
[3] www.habous.gov.ma


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.