تواجه منظومة الاستثمار الجهوي في المغرب تحديات كبيرة تسعى الحكومة إلى معالجتها من خلال سلسلة من الإصلاحات التشريعية والتنظيمية. ومن خلال استعراض مداخلات المسؤولين والخبراء خلال اللقاء الذي عقدته لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب، يمكن تسليط الضوء على مجموعة من النقاط الأساسية التي تركز على تحسين مناخ الاستثمار وتحقيق تنمية اقتصادية متوازنة بين مختلف الجهات. أهمية الإصلاحات التشريعية والتنظيمية: أبرز ما جاء في مداخلة الوزير المنتدب المكلف بالاستثمار والالتقائية وتقييم السياسات العمومية هو التوجه نحو إصلاح شامل للمراكز الجهوية للاستثمار، وذلك من خلال تحديث النصوص التشريعية وتوسيع صلاحيات هذه المراكز. هذه الخطوة تهدف إلى تعزيز استقلالية المراكز وتحفيزها للقيام بدورها بفعالية أكبر. كما أن هذه الإصلاحات تشمل كذلك توسيع صلاحيات اللجان الجهوية للاستثمار وتمكينها من اتخاذ قرارات بشكل أسرع وأكثر فعالية، مما يعزز مبدأ العدالة المجالية في توزيع الاستثمارات.
التحديات الراهنة وحلول مقترحة: رغم التقدم المحرز، فإن هناك العديد من التحديات التي ما زالت تواجه المراكز الجهوية للاستثمار. من بين هذه التحديات، عدم التوزيع المتوازن للاستثمارات بين مختلف الجهات، بحيث أن تركيز معظم المشاريع في محاور كبرى كطنجة، الدارالبيضاء، ومراكش، بينما تعاني الجهات الأخرى من نقص في البنية التحتية والمرافق الأساسية التي تشجع على الاستثمار. ولتعزيز جاذبية هذه المناطق، تم التأكيد على ضرورة تحسين البنية التحتية وتوفير الخدمات الأساسية مثل الطرق السريعة والمطارات والموانئ.
مستجدات مشروع القانون الجديد: يتضمن مشروع القانون الجديد رقم 22.24 القاضي بتغيير وتتميم القانون رقم 47.18 مجموعة من المستجدات التي تهدف إلى تحسين حكامة وتنظيم المراكز الجهوية للاستثمار وإحداث اللجان الجهوية الموحدة. ومن بين هذه المستجدات، تبسيط الإجراءات الإدارية وتوفير بيئة ملائمة لإنشاء الشركات بسرعة وكفاءة. كما يهدف المشروع إلى تعزيز التعاون بين مختلف الفاعلين المحليين، بما في ذلك الإدارات المركزية، المجالس المنتخبة، والمستثمرين.
التنمية الاقتصادية والعدالة المجالية: أحد الأهداف الرئيسية للإصلاحات هو تحقيق تنمية اقتصادية متوازنة بين مختلف جهات المغرب. لتحقيق هذا الهدف، يجب على المراكز الجهوية للاستثمار أن تلعب دورا محوريا في تسويق الفرص الاستثمارية وفق الخصوصيات الاقتصادية والبشرية لكل جهة من جهات المملكة. ويعتبر تطوير هويات اقتصادية مميزة لكل جهة خطوة هامة نحو تحقيق هذا الهدف.
القطاع الخاص ودوره في تحقيق التنمية: تسعى الحكومة إلى تعزيز دور القطاع الخاص في تحقيق التنمية الاقتصادية، من خلال توفير بيئة استثمارية ملائمة وتحفيزية. ومع ذلك، يواجه القطاع الخاص تحديات كبيرة، من بينها الظروف الاقتصادية العالمية والتحديات الوطنية كموجهة الجفاف والتضخم. لذلك، من الضروري توفير الدعم اللازم للقطاع الخاص وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص لتحقيق الأهداف المرجوة.
التوجيهات الملكية ورؤية المستقبل: جاءت التوجيهات الملكية لتؤكد على أهمية الاستثمار كعامل حتمي في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالمغرب. ومن خلال تنفيذ الإصلاحات المقترحة، تهدف الحكومة إلى خلق فرص عمل جديدة وتحقيق النمو الاقتصادي المستدام. كما تهدف إلى تحسين مكانة المغرب ضمن مؤشرات التنافسية العالمية، وذلك من خلال تبني سياسات استثمارية شفافة وفعالة.
أبرز الاستنتاجات والتوصيات: تأسيسا لكل ما تم مناقشته، يمكن القول بأن إصلاح منظومة الاستثمار الجهوي في المغرب يمثل خطوة هامة نحو تحقيق التنمية الاقتصادية المتوازنة والعدالة المجالية. ومع ذلك، لتحقيق الأهداف المرجوة، يجب على الحكومة أن تواصل جهودها في تحسين البنية التحتية، تبسيط الإجراءات الإدارية، وتعزيز التعاون بين مختلف الفاعلين. كما يجب توفير الدعم اللازم للقطاع الخاص وتشجيع الاستثمارات في المناطق النائية والبعيدة. ومن خلال تنفيذ هذه التوصيات، يمكن للمغرب أن يعزز موقعه كوجهة جاذبة للاستثمارات ويساهم في تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة. بينما تبقى التحديات كبيرة، ولكن الإرادة السياسية والتعاون بين جميع الأطراف يمكن أن يكون المفتاح لتحقيق الأهداف المنشودة.