مدخل لفهم وتأصيل ظاهرة جو محاسباتية وانعكاساتها على التجربة الأولى والثانية للمجلس الوطني ان محاولة فهم ظاهرة جو محاسبتية التي يعيشها المحاسبون اليوم و النتائج المتحصلة منها، تدفعنا الى طرح مجموعة من المفاهيم المرتبطة بها.ومن بين هذه المفاهيم مفهوم المأسسة institutionalisme ،وقبل البدأ بطرح نظريتنا لتشخيص الوضع كان لزاما علينا أن نقوم بتعريف هذا المفهوم وتحديد إطاره القانوني. المأسسة institutionalisme وهي ظاهرة إدارية تقوم بدراسة الكيفية التي تتشكل فيها الممارسات الإدارية والتنظيمات المرتبطة بها على اختلاف انواعها، كما تُعنى بدراسة العوامل والأبعاد المشكلة لها أو التي تساعد في تشكلها عند تحليل وتفسير هذه الممارسات والتنظيمات. من خلال هذا التعريف المبسط نلاحظ أن مفهوم المأسسة ما هو الا نتاج طبيعي لظاهرة جو محاسبتية اي بمعنى أدق الانتقال من مرحلة اللا تنظيم (جمحاسبتية) الى التنظيم (المأسسة). هذا الانتقال وما نتج عنه من ثقل ظاهرة جو محاسبتية جعل التجربة الأولى والثانية للمجلس الوطني جد معقدة و بطيئة طبعتها مجموعة من التحديات والاكراهات. ولمحاولة فهم الوضع و استنباط المسببات نستنتج أن ثقافة المأسسة كانت غائبة منذ البداية او بتعبير أدق لم يتم التنظير لها وتأطير المحاسبين لفهم مفهوم الاشتغال ضمن المؤسسات ومع المؤسسات. ان التحدي الذي يواجهه المجلس الوطني اليوم (قبل البناء وتفعيل القوانين) هو خلق ثقافة موحدة لدى جميع المحاسبين من أجل توحيد الرؤى ( للخروج من مستنقع النقاشات والسجلات التي تعمق الصراع بدل توحيد الصف) وطرح تصور شامل وواضح يرتكز على مقاربة شمولية على ان المحاسب هو محور هذه المنظمة، وان هذه الاخيرة ماهي الا تعبير واضح وجلي لمؤسسة كباقي المؤسسات الدستورية وظيفتها التأطير ،الممارسة المهنية ،المبادرة و المساهمة في النسيج الوطني ،وألية من آليات تنفيذ القرارات الإدارية. وكخلاصة لهذا المدخل لفهم هذه الظاهرة وما مدى انعكاستها على المسار المؤسساتي للمنظمة لايسعنا الا ان نقول ان المأسسة ماهي الا نتاج لظاهرة جو محاسبتية ،وان خلق ثقافة المؤسسة وجعلها آلية من آليات الممارسة المهنية هو السبيل الوحيد لبناء منظمة قوية ومتجانسة تحتوي الجميع و الافكار والاراء.