يمكن أن نفرق ونميز بين مضامين نقاش عمومي مؤسساتي (الميزانية – التقاعد – القضية الوطنية – كورونا – الانتخابات – النموذج التنموي – التماسك الاجتماعي- ...) ومضامين نقاش عمومي غير مؤسساتي ( مواضيع المجموعات الافتراضية – نقاشات الالتراس- مواضيع حلقات اليوتوبرز – الحريك – الانتحار – السلوكات غير المواطنة- ... ) ومضامين نقاش عمومي هامشي (روتيني اليومي – البوز – السرديات الهامشية – التشرميل – العنف – الجريمة – أخبار النجوم ...). هذه البنية الثلاثية للنقاش العمومي أفرزها انتقال في منظومة المواطنة الذي هم الانتقال من مواطنة واقعية إلى مواطنة افتراضية. وهذا الانتقال أسس لنقاش عمومي ذا طبيعة مغايرة لما كان عليه لا سيما فيما يمت إلى نوعية الخطاب ومستوى اللغة الموظفة ورهانات السوق اللغوية الرقمية والحقل الدلالي « للسبان » وعدم احترام الآخر والتناظر السلبي وتفشي ثقافة الكراهية والعنف الرمزي... مما يتوجب معه لزاما على الإعلام التقليدي والجديد التفكير في منطق هذا الانتقال وآليات الانخراط فيه واستراتيجيات الوساطة المجتمعية الفاعلة والمؤثرة لتصويبه وتأطيره مع الالتزام بشرط أساسي يرتكز على أسبقية القضايا الاجتماعية على الظواهرالاجتماعية... فباستثناء الظواهر الاجتماعية المتداولة وطفرتها الافتراضية في صيغة البوز والكلاشات .... فالنقاش العمومي في الإعلام عامة يرتبط بمواضيع لها صلة بقيم مادية من قبيل الشغل والصحة والتعليم ومستوى المعيشة ... مما نتج عنه أن المواضيع التي تمت إلى القيم غير المادية من قبيل المساواة أو إلغاء عقوبة الإعدام أو الاحتباس الحراري ... أصبحت نخبوية وانزلقت لتصبح مواضيع تدخل في خانة الخاص. وبموازاة هذه الوضعية يمكن أن نشير كذلك إلى أن هناك تحول نوعي في النقاش العمومي المتداول من طرف الإعلام حيث أضحى هذا النقاش شبه عمومي حيث يتم التداول حول قضايا ترتبط بالمجال الخاص وتخص بعض الفاعلين أو أشخاص بعينهم أكثر مما تهم عامة المواطنين. كما أن منطق النقاش يغلب عليه الجانب الوجداني والعاطفي ويترك العقل جانبا مما يجعله وصفي وانطباعي أكثر منه نقدي بناء.