قال رئيس مجلس المستشارين، النعم ميارة، إن تعديل مدونة الأسرة سيحفظ مكانة الأسرة المغربية، مشيرا إلى أن مجلس المستشارين بات قريبا من تقديم مشروع مسودة لمدونة الأخلاقيات. وأوضح ميارة، في كلمة له على هامش الجلسة الافتتاحية للدورة الربيعية لمجلس المستشارين، صباح الجمعة، أن النقاش المجتمعي حول مدونة الأسرة، "وعلى الرغم مما رافقه من تجاذب وتفاعل حاد في بعض الأحيان، سيفضي لا محالة إلى إقرار إصلاح شامل وفعلي لمدونة الأسرة، بما يعزز دورها الحيوي في بناء مجتمع يتمتع فيه الجميع بالحرية والكرامة والمساواة وتكافؤ الفرص". وشدد رئيس مجلس المستشارين على أن تعديل المدونة "سيحافظ على تماسك الأسرة المغربية التي شكلت على الدوام، وقث تعبيره، نواة المجتمع المغربي المتضامن، والذي حافظ عبر التاريخ على تفرده وتميزه بفعل استناده إلى منظومة القيم التي تجمع بين الحفاظ على التقاليد العريقة وبين الانفتاح على معطيات العصر المتجددة". وتابع: "إن مما يبعث على الاطمئنان المطلق أن هذا الورش المجتمعي الحاسم جاء بمبادرة من أمير المؤمنين وسبط الرسول الأمين جلالة الملك محمد السادس، حامي حمى الملة والدين، والضامن لحرية ممارسة الشؤون الدينية". وذكر المتحدث ذاته بأن "موضوع تعديل مدونة الأسرة الذي حظي بمشاورات موسعة ومثمرة مع مختلف الفاعلين، الرسميين وغير الرسميين، تنزيلا للتوجيهات الملكية الداعية إلى إعمال المقاربة التشاركية في التعاطي مع هذا الورش الإصلاحي الذي أطلقه الملك وأكد عليه في العديد من خطبه". وأبرز ميارة أن "بلادنا حققت في العقدين الأخيرين مكتسبات وإنجازات هامة في مجال الإقرار الدستوري للمساواة والسعي للمناصفة بين الرجل والمرأة"، مشيرا إلى "أن الحاجة لاتزال قائمة إلى مباشرة إصلاحات جديدة تتأسس على التراكمات الفضلى لواقع مجتمعنا وطموحاتنا المشروعة في مزيد من التقدم والازدهار". "كما أن التغييرات الجوهرية التي ستطال مدونة الأسرة، يضيف ميارة، تتطلب أيضا الانكباب على إصلاح ومعالجة كافة التشريعات والسياسات والممارسات التي لاتزال تنتابها بعض أوجه القصور والعجز في مواكبة المباني والمعاني العميقة لدستور 2011 المتقدم لجهة النهوض بوضعية المرأة المغربية". وأشار المتحدث ذاته إلى "راجعة مختلف القوانين ذات الصلة ولاسيما القانون الجنائي وقانون الجنسية وقانون كفالة الأطفال المهملين، واستكمال البناء المؤسساتي بالعمل على إخراج الهيأة المكلفة بالمناصفة ومحاربة جميع أشكال التمييز، والمجلس الاستشاري للأسرة والطفولة إلى حيز الوجود". من جهة أخرى، أعلن النعم ميارة أن "مجلس المستشارين قطع أشواطا هامة على درب تكريس الإرادة الملكية في تخليق الحياة السياسية"، مؤكدا أن المجلس سيكون قريبا على موعد مع تقديم مشروع مسودة لمدونة الأخلاقيات، وذلك بعد استكمال التدقيق في بعض الأمور التفصيلية في إطار المشاورات الجارية مع رؤساء الفرق والمجموعات بالمجلس وبمراعاة التنسيق الواجب مع مجلس النواب". وقس هذا الصدد، أوضح المتحدث ذاته أن الفترة الفاصلة تميزت كذلك بالاهتمام الخاص الذي حظي به، ضمن النقاش العمومي، ورش تخليق الحياة السياسية والعامة، مشددا على أن البرلمان المغربي انخرط بشكل جدي في هذا الورش الإصلاحي". إلى ذلك، ذكر رئيس مجلس المستشارين أن "الفترة الفاصلة شكلت امتدادا حقيقيا لدورة أكتوبر المنصرمة ومحطة تحضيرية للدورة، وذلك من خلال الحفاظ على وثيرة أداء مقدرة في كل المجالات، في مجال الديبلوماسية البرلمانية والأنشطة الإشعاعية ذات الصلة بالمحاور التي نشتغل عليها ضمن النقاش العمومي التعددي، وفي التشريع والمراقبة وتقييم السياسات العمومية". أما على المستوى التشريعي، فأوضح ميارة أن لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان واصلت دراستها لمشروع قانون رقم 10.23 يتعلق بتنظيم وتدبير المؤسسات السجنية، وستعرف النصوص المؤطرة لهذا المجال مراجعة شاملة وعميقة من خلال هذا المشروع قانون الذي سيعزز آليات حماية وصيانة حقوق وكرامة الإنسان. وعلى مستوى المجموعات الموضوعاتية وتقييم السياسات العمومية، يضيف ميارة، واصلت المجموعة الموضوعاتية المكلفة بالتحضير للجلسة السنوية لمناقشة وتقييم السياسات العمومية حول قطاع السياحة، عملها بعقد اجتماعين خصصا للاستماع لوزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني ومع وزير الثقافة والشباب والتواصل حول عرض استراتيجية وزارتيهما ذات الصلة بالسياحة. كما عقدت المجموعة الموضوعاتية المكلفة بإعداد تقرير حول التعدد اللغوي بالمغرب سلسلة من الاجتماعات التمهيدية لوضع اللمسات حول برنامج وخطة عملها، تجلت بالأساس في اللقاءين اللذين عقدتهما في مقر كل المجلس الأعلى للتربية والتكوين والمعهد الملكي للغة الأمازيغية. وفي مجال مراقبة العمل الحكومي، شكلت الفترة الفاصلة بين الدورتين مناسبة متميزة لمعالجة القضايا والإشكالات ذات الطابع المحلي من خلال آلية الأسئلة الكتابية التي بلغ عدد الأسئلة المطروحة منها خلال هذه الفترة 209 سؤالا، همت مختلف جوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والصحية المحلية لفئات قطاعية أو مجتمعية على صعيد عدد من أقاليم وعمالات المملكة لتكون مكملة للرقابة الشفوية التي تنكب من جهتها على القضايا ذات البعد الوطني. وأبرز ميارة أن الحكومة أجابت خلال هذه الفترة عن 352 سؤالا كتابيا تضم عدد مهما من الأسئلة المقدمة في فترات سابقة، بينما بلغ عدد الأسئلة الشفهية المطروحة خلال نفس الفترة 273 سؤالا.