يتواصل القصف الإسرائيلي على قطاع غزة والمعارك بين الجيش الإسرائيلي وفصائل المقاومة، في وقت يواصل المجتمع الدولي تعبئته لإيصال المساعدات الإنسانية إلى السكان المدنيين المهددين بمجاعة عشية رمضان في القطاع المحاصر. في اليوم السادس والخمسين بعد المئة للحرب وفيما فشلت جهود التوصل الى هدنة بحلول رمضان الذي يبدأ الاثنين، ارتفعت حصيلة الشهداء في قطاع غزة نتيجة العمليات العسكرية الإسرائيلية إلى 31045، غالبيتهم نساء وأطفال، وفق آخر حصيلة لوزارة الصحة بقطاع غزة. وفي مدينة رفح الجنوبية، قال مؤمن أحمد لوكالة فرانس برس "توقعنا أن يأتي أول يوم رمضان ونعود إلى منازلنا وأن تكون الحرب قد انتهت. لكن ماذا نفعل؟ كما ترون... القصف مستمر منذ الصباح!"، مضيفا أن إحدى الغارات استهدفت سيارة وأوقعت ضحايا. وقال مصدر مطلع على المفاوضات التي تشارك فيها الولاياتالمتحدة ومصر وقطر كجهات وسيطة، "كان من الأفضل لو تم التوصل إلى اتفاق" قبل بدء رمضان، لكن "سيتم تسريع الجهود الدبلوماسية في الأيام العشرة المقبلة" بهدف محاولة التوصل إلى اتفاق خلال النصف الأول من رمضان. وتبادل الجانبان الاتهامات بالفشل بعد أن طالبت إسرائيل بقائمة بكامل أسماء الرهائن الأحياء الذين لا يزالون محتجزين في قطاع غزة، ودعت حماس إسرائيل إلى سحب جميع قواتها من غزة وبوقف إطلاق نار دائم. وأكد رئيس المكتب السياسي لحماس اسماعيل هنية في كلمة وجهها مع حلول رمضان أن الحركة منفتحة على التفاوض رغم فشل المحادثات مع إسرائيل التي حملها مسؤولية عدم التوصل لاتفاق. وقال "أي اتفاق يجب أن يكون شاملا على مراحل متلازمة، وبضمانات دولية ... إذا تسلمنا من الأخوة الوسطاء موقفا واضحا من الاحتلال بالتزامه الانسحاب ووقف العدوان وعودة النازحين، فنحن جاهزون لان نصل الى استكمال حلقات الاتفاق وأن نبدي مرونة في قضية التبادل". وفيما يخيم شبح المجاعة الوشيكة على غزة، وفق الأممالمتحدة ومقاطع فيديو وروايات يومية من القطاع الفلسطيني المدمر، أحصى المتحدث باسم وزارة الصحة بغزة أشرف القدرة 25 شخصا توفوا حتى الآن "غالبيتهم أطفال نتيجة سوء التغذية والجفاف والمجاعة". وفي مدينة غزة، قالت براق أبهر وهي تحمل طفلتها الباكية بين ذراعيها "وصلت إلى حد أنني أرضع طفلتي الماء حتى لا تفقد حياتها. أنا مضطرة. ابنتي لا تشبع. لا توجد تغذية لا للأم ولا للطفل، ولا يوجد حليب. وإن توافر، فهو غال ويصعب الحصول عليه". والأحد، مثل كل يوم تقريبا منذ أسابيع، ألقيت طرود غذائية ومساعدات طبية على قطاع غزة بمظلات. ونفذ الجيش الأردني الأحد عملية إنزال مساعدات جديدة بمشاركة طائرات أميركية وفرنسية وبلجيكية ومصرية. وتجمع مئات الأشخاص لالتقاط المساعدات وفق مصور لفرانس برس رافق العملية من على متن إحدى طائرات سلاح الجو الملكي الأردني. لكن الأممالمتحدة ترى أن عمليات إلقاء المساعدات جوا وإرسال المساعدات من طريق البحر، لا يمكن أن تحل محل الطريق البري. وقال رئيس منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس الأحد إن المنظمة تمكنت السبت من تسليم "مستلزمات جراحة العظام والصدمات ل 150 مريضا" وبعض الوقود إلى مستشفيي الأهلي والصحابة في شمال القطاع. وكتب غيبريسوس على منصة "إكس" أن المستشفيين يعملان "بقدرات محدودة، ويفتقران إلى الغذاء والوقود والكوادر المتخصصة وأدوية التخدير والمضادات الحيوية وأجهزة التثبيت الداخلي". وقال "نحن بحاجة إلى الوصول المستمر والآمن إلى المرافق الصحية من أجل تزويدها مستلزمات الرعاية الصحية المنقذة للحياة التي تشتد الحاجة إليها وعلى أساس منتظم. أوقفوا إطلاق النار". وتحذر الأممالمتحدة من أن 2,2 مليون شخص من سك ان القطاع البالغ عددهم 2,4 مليون، مهد دون بالمجاعة. وقد نزح 1,7 مليون من السكان بسبب الحرب، ويتكدس 1,5 مليون منهم في مدينة رفح في أقصى الجنوب قرب الحدود المغلقة مع مصر. وفي إطار الممر البحري الإنساني الذي يعمل الاتحاد الأوروبي على تجهيزه بمساندة بعض الدول العربية، تستعد أول سفينة محمّلة مساعدات للانطلاق من قبرص في اتجاه قطاع غزة. وأظهرت مواقع تتبّع السفن أن السفينة "أوبن آرمز" (الأذرع المفتوحة) ما زالت في لارنكا مساء الأحد. ونقلت وكالة الأنباء القبرصية عن المتحدث باسم الحكومة كونستانتينوس ليتيمبيوتيس أن من المتوقع أن تغادر السفينة "خلال الساعات المقبلة". وأوضحت لورا لانوزا، المتحدثة باسم منظمة "أوبن آرمز" الإسبانية غير الحكومية المشاركة في المشروع، أن السلطات الإسرائيلية فتّشت الشحنة السبت. وقالت إن المنظمة الشريكة لها "وورلد سنترال كيتشن" (المطبخ المركزي العالمي) "لديها أشخاص في غزة" وتعمل على "بناء رصيف موقت" لتتمكّن من تفريغ البضائع لدى وصول الباخرة. لكن تسليم المساعدات وإيصالها إلى من هم بأمس الحاجة إليها يبقى تحديا هائلا في ظل المعارك والقصف الإسرائيلي المستمر في القطاع.